قضايا المجتمع

التلاعب في توزيع الشعير المدعم في المغرب: واقع مرير وضرورة التدخل الحازم من الجهات المعنية.

نورالدين عمار – جريدة البديل السياسي.

في ظل الجفاف الذي يعاني منه المغرب، أصبح برنامج الشعير المدعم أداة أساسية لضمان توفير الأعلاف بأسعار منخفضة للمربين والفلاحين الذين يعانون من نقص في الموارد المائية.

هذا الشعير، الذي يقدم كعلف للماشية من أجل الحفاظ على القطعان من الأغنام والماشية والأبقار والإبل، يعد دعمًا حيويًا لاستدامة الإنتاج الحيواني. لكن رغم هذه المبادرة الهامة، ظهرت ظواهر التلاعب والتجاوزات التي تهدد بتقويض فعالية هذا البرنامج، ما يستدعي تحركًا سريعًا وحازمًا من جميع الجهات المعنية لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.

التلاعب بالشعير المدعم: خيانة الأمانة وحرمان الفلاحين الصغار من المؤسف أن بعض التجار يشترون حصص المستفيدين من الشعير المدعم في مراكز التوزيع الجهوية مما يفسر عدم التزمهم بالأنظمة المعتمدة، بل يتورطون في عمليات شراء حصص الشعير المدعمة المخصصة للفلاحين الصغار والمتوسطين، ومن ثم إعادة بيعها للمضاربين بأسعار مرتفعة. هذه الممارسات تنطوي على تواطؤ بين التجار وبعض المستفيدين اد لم أقل جلهم، حيت يسهلون هذه العمليات رغم علمهم بها.

. الخطورة تكمن في أن العديد من المربين، الذين هم في أمس الحاجة إلى هذا الدعم، لا يحصلون على الحصص المخصصة لهم. بل على العكس، تجد هذه الكميات في يد بعض الأشخاص الذين يستغلونها لتحقيق أرباح شخصية على حساب الفلاحين المتعثرين.

من الممارسات الأكثر انتشارًا، يقوم هؤلاء الممارسون بتغيير أكياس الشعير المدعمة بعلامات دعم إلى أكياس جديدة، معتمدين على غش وتدليس أمام مرأى الجهات المعنية، مثل السلطات المحلية وأجهزة الرقابة. ومن المثير للدهشة أن هذا يحدث في بعض الحالات بشكل علني، مما يشير إلى خلل كبير في المراقبة والرقابة على العملية.

دور وزارة الفلاحة والسلطات المحلية في مكافحة التلاعب تشرف وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات على توزيع الشعير المدعم في المملكة.

ورغم الجهود المبذولة في تنظيم هذا الدعم، فإن هناك تحديات كبيرة في مواجهته التلاعبات المستمرة في الأسواق المحلية.

الوزارة، عبر المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، تتولى تنظيم التوزيع والإشراف على وصول الشعير إلى الفلاحين المستحقين، إلا أن التنسيق مع السلطات المحلية لم يكن دائمًا كافيًا لضمان تطبيق القوانين بشكل صارم. السلطات المحلية تقع على عاتقها مسؤولية مراقبة العمليات على الأرض، بما في ذلك التأكد من أن الشعير يصل إلى الفئات المستحقة.

وفي هذا السياق، يجب أن تلعب الأجهزة الرقابية دورًا رئيسيًا في مكافحة المضاربة والغش. يجب أن تقوم الجهات المعنية بتعزيز التنسيق بين مختلف الأجهزة على المستوى المحلي والوطني لضمان تنفيذ السياسات بشكل أكثر فعالية.

فرق الدعم: من يحق له الاستفادة؟ وفقًا للبرنامج، يحق للفلاحين الذين يملكون قطعانًا من الأغنام أو الماشية أو الأبقار أو الإبل في المناطق المتضررة من الجفاف الاستفادة من الشعير المدعم.

يتم تحديد الكميات التي يحصل عليها كل مربي بناءً على حجم قطيعه والمناطق التي يقطن فيها، وذلك لضمان التوزيع العادل في جميع أنحاء المملكة.

المشكلة تكمن في أن بعض الأشخاص، الذين لا يستحقون الدعم أو الذين يمتلكون الموارد اللازمة لشراء الأعلاف في السوق الحرة، يستفيدون من هذا البرنامج بسبب الفساد والتلاعب. بينما يُحرم العديد من المربين الفقراء من الحصول على حصصهم المقررة.

محاربة التلاعب: التحديات والإجراءات المطلوبة إن الحلول لمواجهة هذه الظاهرة تتطلب تعزيز المراقبة من قبل جميع الجهات الرقابية، بما في ذلك وزارة الفلاحة، المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، السلطات المحلية، والمصالح الأمنية.

يجب أن يتم اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد كل من يثبت تورطه في عمليات التلاعب، بما في ذلك فرض عقوبات مالية وسجنية.

من جانب آخر، من الضروري تطوير نظم تكنولوجية لضمان تتبع توزيع الشعير المدعم على مستوى كل منطقة، وتطبيق حلول مبتكرة مثل استخدام البطاقات الإلكترونية أو الأنظمة الرقمية لتوثيق عمليات البيع والشراء.

كما يجب على الحكومة أن تكثف حملات التوعية للمربين بشأن حقوقهم في الاستفادة من هذا الدعم.

ضرورة التغيير والشفافية في التوزيع إن مكافحة التلاعب في توزيع الشعير المدعم يتطلب إرادة قوية من جميع الجهات المعنية لضمان الشفافية والنزاهة في توزيع الدعم.

فالهدف من هذا البرنامج هو تحقيق استدامة قطاع تربية الماشية في المغرب، وليس تمكين بعض الأفراد من استغلال هذه المبادرة لصالحهم. وفي ظل التحديات القائمة، يجب أن تلتزم السلطات المحلية والجهات الحكومية بمكافحة الفساد وضمان وصول الدعم إلى الفئات المستحقة، بعيدًا عن أي ممارسات غير قانونية قد تعصف بمستقبل الفلاحين الصغار والمربين في المملكة.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار