البديل الدولي

المواجهة العلنية بين ترامب وزيلينسكي: بداية تحول استراتيجي في الحرب األوكرانية؟ 

 

المواجهة العلنية بين ترامب وزيلينسكي: بداية تحول استراتيجي في الحرب األوكرانية؟ 

محمد ناجي الهميس 

في 28 فبراير ،2025 شهدت العالقات األمريكية-األوكرانية تصعيًدا غير مسبوق خالل اجتماع متوتر في البيت األبيض بين الرئيس األمريكي دونالد ترامب ونظيره األوكراني فولوديمير زيلينسكي. هذه المشادة العلنية لم تكن مجرد خالف بروتوكولي، بل تعكس تحوالت عميقة في الموقف األمريكي تجاه الحرب في أوكرانيا، وتطرح تساؤالت جدية حول مستقبل الدعم األمريكي لكييف، وتأثير ذلك على الصراع مع روسيا.

.1 خلفية المشادة وما حدث خالل االجتماع 

جاء لقاء ترامب وزيلينسكي في ظل ضغوط متزايدة على كييف، حيث تواجه أوكرانيا نق ًصا في الذخيرة والدعم العسكري وسط تراجع زخمها في الحرب ضد روسيا. ومع فشل أوكرانيا في تحقيق اختراقات عسكرية كبيرة خالل األشهر الماضية، بدأت بعض األصوات في واشنطن، وخاصة في المعسكر الجمهوري، تدعو إلى مراجعة حجم المساعدات المقدمة لكييف.

تفاصيل االجتماع المتوتر

  • انتقادات ترامب الالذعة: بدأ ترامب االجتماع بتوجيه انتقادات حادة لزيلينسكي، متهًما إياه بأنه “يجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة” بسبب تعنته في التفاوض مع روسيا.
  • زيلينسكي يدافع عن موقفه: من جانبه، دافع الرئيس األوكراني عن موقفه، مؤكًدا أن أي تنازل أمام موسكو سُيعتبر استسال ًما غير مقبول، ومشي ًرا إلى أن القوات األوكرانية ال تزال قادرة على القتال إذا استمر الدعم األمريكي. ● إلغاء االتفاقيات المقررة: كان من المفترض أن يوقع الطرفان على اتفاقيات اقتصادية تتعلق باستثمارات أمريكية في قطاع المعادن األوكراني، إال أن المشادة بين الزعيمين أدت إلى إلغاء التوقيع عليها.
  • المؤتمر الصحفي ال ُملغى: كان من المقرر عقد مؤتمر صحفي مشترك بعد االجتماع، لكن ترامب ألغاه بعد مغادرة زيلينسكي البيت األبيض في أجواء متوترة.

)المصدر – صحيفة País El)

.2 تداعيات المشادة على العالقات األمريكية-األوكرانية 

أ. مستقبل الدعم األمريكي ألوكرانيا 

يعتبر هذا اللقاء نقطة تحول في الموقف األمريكي من الحرب في أوكرانيا. فمنذ بداية الصراع في عام ،2022 ضخت الواليات المتحدة أكثر من 100 مليار دوالر من المساعدات العسكرية واالقتصادية إلى كييف، لكن مع عودة ترامب إلى البيت األبيض، يبدو أن هذا الدعم بات محل مراجعة.

  • تهديد ترامب بوقف اإلمدادات العسكرية: ألمح الرئيس األمريكي إلى أنه قد يقلص المساعدات العسكرية المقدمة ألوكرانيا إذا لم تتجه نحو التفاوض مع موسكو، مشدًدا على أن أمريكا ال يمكنها أن تمول حرًبا ال نهاية لها. ًظا بشأنتزايد الضغوط على الكونغرس: بعد هذه المشادة، يواجه الكونغرس األمريكي ضغو ًطا التخاذ موقف أكثر تحف تمرير مساعدات جديدة ألوكرانيا، خاصة مع تصاعد المعارضة الجمهورية لتقديم تمويل إضافي.
  • تراجع الثقة األوكرانية في واشنطن: رًدا على موقف ترامب، صرح مسؤول أوكراني بأن أوكرانيا لم تعد تثق بأن الواليات المتحدة ستواصل دعمها بنفس القوة، مشي ًرا إلى أن كييف قد تضطر إلى البحث عن بدائل أخرى مثل زيادة التعاون مع االتحاد األوروبي.

)المصدر – وول ستريت جورنال(

.3 ردود الفعل الدولية على المشادة 

أ. الموقف الروسي: ترحيب واستغالل سياسي 

  • موسكو تحتفل بالخالف: في أول تعليق رسمي، قالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، إن هذا االجتماع كشف ضعف الموقف األوكراني وافتقار زيلينسكي إلى الدعم الحقيقي من الغرب.
  • بوتين يعتبرها فرصة تفاوضية: أفادت مصادر مقربة من الكرملين بأن الرئيس الروسي فالديمير بوتين يرى في هذا االنقسام األمريكي-األوكراني فرصة للضغط على كييف لقبول شروطه للتفاوض، والتي تتضمن اعتراف أوكرانيا بسيادة روسيا على المناطق التي ضمتها.

)المصدر – يورونيوز(

ب. الموقف األوروبي: قلق واستعداد لتعويض الدعم األمريكي 

أن الدولردود فعل حذرة في بروكسل: أعرب االتحاد األوروبي عن قلقه من الرسائل المتضاربة من واشنطن، مؤكداً األوروبية ستواصل دعم أوكرانيا حتى لو خفضت الواليات المتحدة مساعداتها.

  • فرنسا وألمانيا تزيدان دعم األسلحة: قالت تقارير إن باريس وبرلين تفكران في زيادة شحنات األسلحة إلى أوكرانيا لتعويض أي نقص محتمل في الدعم األمريكي.

)المصدر – وكالة رويترز(

.4 التأثيرات المحتملة على الحرب في أوكرانيا 

أ. احتماالت تراجع الزخم األوكراني في الحرب

مع تصاعد الغموض حول استمرار المساعدات األمريكية، من المتوقع أن تواجه أوكرانيا صعوبات متزايدة في الحفاظ على زخمها العسكري، خاصة مع نقص الذخائر وارتفاع التكلفة البشرية للحرب.

ب. سيناريوهات الحل السياسي 

  • تصاعد الضغوط نحو التفاوض: من المرجح أن يزيد هذا الخالف من الضغوط الدولية على أوكرانيا للدخول في مفاوضات سالم مع روسيا، خاصة إذا قررت الواليات المتحدة تخفيض دعمها.
  • احتمالية فرض حل وسط: بعض الخبراء يرون أن موسكو قد تستغل هذا الوضع لفرض شروط تفاوضية أكثر صرامة على كييف، خاصة إذا شعرت أن الغرب لم يعد مستعًدا لتمويل الحرب بال نهاية.

.5 الخالصة والتوقعات المستقبلية 

  • تحول في سياسة أمريكا تجاه أوكرانيا: تصريحات ترامب خالل االجتماع تعكس تغي ًرا في األولويات األمريكية، مما قد يؤدي إلى تراجع الدعم العسكري لكييف.
  • تداعيات استراتيجية على الصراع: قد يؤدي أي تقليص للمساعدات األمريكية إلى تراجع قدرة أوكرانيا على مواصلة الحرب، مما يعزز موقف روسيا على المدى الطويل.
  • التوازنات الدولية تتغير: االتحاد األوروبي قد يجد نفسه مضط ًرا لتحمل عبء أكبر في دعم أوكرانيا، في حين أن روسيا ستسعى الستغالل هذا التوتر لتعزيز موقعها التفاوضي.

في النهاية، يبقى السؤال األهم: هل ستتمكن أوكرانيا من الصمود في حال تراجع الدعم األمريكي، أم أن هذا الخالف سيكون بداية النهاية للصراع األوكراني-الروسي؟

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار