يجب على المغرب أن يستثمر في الصناعات الثقيلة والتكنولوجيا المتقدمة وقطاع الفضاء

بدر شاشا – جريدة البديل السياسي
يعد المغرب من الدول الصاعدة اقتصاديًا في إفريقيا، حيث شهدت العديد من قطاعاته الاقتصادية تطورًا ملحوظًا، لا سيما في مجالات الفلاحة، الصناعة، الخدمات، والطاقة المتجددة. ومع ذلك، هناك بعض المجالات التي لا تزال غير مستغلة بالكامل أو غير موجودة في الاقتصاد المغربي، مثل الصناعات الثقيلة، التكنولوجيا المتقدمة، وقطاع الفضاء. إذا أراد المغرب تحقيق قفزة نوعية في التنمية الاقتصادية والتموضع بين الدول الصناعية الكبرى، فمن الضروري أن يستثمر في هذه القطاعات الاستراتيجية.
. تطوير الصناعات الثقيلة والمتقدمة
الصناعات الثقيلة، مثل صناعة الطائرات الكاملة أو السفن، تلعب دورًا محوريًا في الاقتصاديات الكبرى، إذ تساهم في خلق فرص العمل، نقل التكنولوجيا، وتعزيز الاستقلالية الصناعية للدول. المغرب لديه بالفعل قاعدة صناعية قوية في صناعة الطيران، حيث تحتضن منطقة النواصر قرب الدار البيضاء العديد من الشركات العالمية مثل بوينغ وإيرباص، لكنها تقتصر على تصنيع أجزاء الطائرات بدلًا من إنتاج طائرة كاملة.
لتحقيق قفزة نوعية في هذا المجال، يجب على المغرب:
الاستثمار في البحث والتطوير لتعزيز القدرات التقنية والهندسية المحلية.
جذب الشركات الكبرى لإنشاء مصانع كاملة لصناعة وتجميع الطائرات.
إقامة شراكات مع الدول الرائدة في المجال مثل فرنسا، الولايات المتحدة، والصين لنقل التكنولوجيا وتطوير الكفاءات المغربية.
تحفيز القطاع الخاص من خلال منح تسهيلات ضريبية وقروض للمستثمرين المغاربة الراغبين في دخول هذا المجال.
. الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة
التكنولوجيا المتقدمة، خاصة في مجالات إنتاج المعالجات الدقيقة والإلكترونيات المتطورة، هي مفتاح المستقبل. الدول الرائدة اقتصاديًا تعتمد على صناعات تكنولوجية متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، البرمجيات، وتصنيع الشرائح الإلكترونية التي تُستخدم في كل شيء من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية. المغرب، رغم تقدمه في بعض الجوانب التكنولوجية مثل تطوير المدن الذكية والطاقات المتجددة، لا يزال بعيدًا عن امتلاك صناعة تكنولوجية حقيقية.
للنهوض بهذا القطاع، يجب على المغرب:
إنشاء مصانع متخصصة في إنتاج المكونات الإلكترونية والمعالجات الدقيقة بدلًا من الاعتماد الكلي على الاستيراد.
تحفيز الجامعات ومراكز البحث العلمي على تطوير مشاريع تقنية يمكن تحويلها إلى منتجات صناعية قابلة للتصدير.
جذب الشركات العالمية مثل Intel وTSMC وSamsung للاستثمار في المغرب عبر توفير بيئة استثمارية مناسبة.
تشجيع ريادة الأعمال في التكنولوجيا من خلال تقديم دعم مالي وحاضنات أعمال للشباب المهتمين بهذا المجال.
. بناء صناعة فضائية مغربية
قطاع الفضاء يُعتبر من أكثر القطاعات تقدمًا في العالم، حيث تتنافس الدول على تطوير أقمار صناعية، صواريخ، ومهام استكشاف الفضاء. المغرب لديه تجربة في إطلاق الأقمار الصناعية، مثل القمر الصناعي محمد السادس A و B، لكنه يعتمد كليًا على الشراكات مع دول أخرى في تصنيع وإطلاق هذه الأقمار.
لتحقيق استقلالية في هذا المجال، يجب على المغرب:
إنشاء وكالة فضاء مغربية ذات ميزانية واضحة وخطة عمل طموحة.
الاستثمار في مراكز أبحاث متخصصة في تكنولوجيا الفضاء وتطوير الكفاءات المحلية.
إقامة شراكات مع الدول الرائدة مثل الولايات المتحدة، روسيا، والصين، مع نقل المعرفة بدلًا من مجرد الاستيراد.
تشجيع القطاع الخاص على الدخول في مجال تكنولوجيا الفضاء، خاصة في تصميم وتصنيع الأقمار الصناعية الصغيرة للأغراض التجارية والبحثية.
إذا أراد المغرب أن يكون قوة صناعية وتكنولوجية حقيقية، فإن الاستثمار في الصناعات الثقيلة، التكنولوجيا المتقدمة، وقطاع الفضاء يجب أن يكون أولوية وطنية. هذه المجالات ليست فقط مربحة اقتصاديًا، بل تعزز السيادة الصناعية والتكنولوجية للمملكة، وتجعلها أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية. الوقت قد حان لكي يتخذ المغرب خطوات جريئة نحو المستقبل، عبر استراتيجية واضحة وطموحة للنهوض بهذه القطاعات الحيوية.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار