جريدة البديل السياسي |كتاب وآراء

نجاعة الأداء في الإدارات المغربية: بين احترام المواطن وفعالية العمل

imresizer-1696453276055-600×445

بدر شاشا – جريدة البديل السياسي 

القنيطرة 

 

نجاعة الأداء في الإدارات المغربية: بين احترام المواطن وفعالية العمل

 

إن الإشكالية الكبرى التي تعاني منها جل الإدارات المغربية، سواء في المقاولات أو الوزارات أو المؤسسات العمومية، هي ضعف النجاعة في الأداء. فالموظف في نهاية المطاف ليس مجرد شخص يشغل منصباً، بل هو واجهة الدولة أمام المواطن، ومرآة المؤسسة أمام المجتمع. وبالتالي، فإن غياب الانضباط وضعف روح المسؤولية يؤديان بالضرورة إلى ضياع ثقة المواطن، وإلى تراكم الشكايات، وإلى ضعف المردودية.

 

أول عناصر النجاعة هو الانضباط في الوقت، إذ لا يمكن الحديث عن إدارة فعّالة إذا كان الدخول والخروج غير مضبوطين، وإذا كان المواطن يطرق الأبواب ولا يجد من يستقبله. التكنولوجيا اليوم قادرة على ضبط هذه المسألة عبر نظام البصمة أو الرقمنة، حتى يصبح حضور الموظف مرتبطاً بالأداء الفعلي لا بالشكل الروتيني.

 

ثاني عنصر هو التعامل مع المواطن. فالإدارة ليست مكاناً للتسلط أو التكبر، بل هي فضاء لخدمة الناس. والمطلوب من كل موظف التحلي بالصبر واللباقة وحسن الإصغاء، لأن المواطن لا يقصد المؤسسة إلا وهو في حاجة حقيقية إلى خدمة أو وثيقة. وحين يجد المعاملة الحسنة، يشعر بالكرامة والاحترام، وحين يجد الإهانة أو اللامبالاة، يفقد الثقة ليس في الموظف فقط، بل في الدولة كلها.

 

ثالث عنصر هو توفير مكاتب خاصة بالشكايات داخل كل مؤسسة، مجهزة بمساعدة إدارية وتقنية ترافق المواطن خطوة بخطوة، وتعيد إليه الاطمئنان بأن حقوقه لن تضيع. فهذا الإجراء البسيط قادر على تقليل الاحتقان، وتحويل الشكاية من صراع إلى وسيلة إصلاح.

 

رابع عنصر يتمثل في حسن أداء الواجب، أي أن يشتغل الموظف بعقلية الخدمة لا بعقلية “أنا” أو “مصلحتي الشخصية”. العمل الإداري ليس مجالاً للأنانية أو للبحث عن الامتيازات، بل هو تكليف ومسؤولية أخلاقية وقانونية.

 

إن النجاعة الحقيقية للإدارة المغربية لن تتحقق إلا إذا اجتمع الانضباط بالوقت، وحسن المعاملة، وتبني التكنولوجيا، واحترام قيم العمل. عندها فقط ستصبح الإدارة قادرة على كسب ثقة المواطن، وتحويلها من فضاء للتذمر والشكوى، إلى فضاء للثقة والفعالية.

 

فالموظف الناجع هو الذي يخدم وطنه ومواطنيه بنفس القدر من الجدية، بعيداً عن “الأنا” وعن الحسابات الصغيرة، وقريباً من المصلحة العامة التي هي جوهر العمل الإداري.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي