جريدة البديل السياسي |كتاب وآراء

نادي الحجاج / قصة قصيرة جدا… بقلم الأستاذ عبد المجيد طعام

491627704_2313331369061887_708064628478040434_n

جريدة البديل السياسي – بقلم الاستاذ عبد المجيد طعام 

نادي الحجاج / قصة قصيرة جدا

 

رسم على وجهه ابتسامة عريضة ، وهو يقترب من باب المسجد الكبير ، لكنه قبل أن يلج الباب همس له أناه :” بوشعيب !! سيكون بإمكانك اليوم أن تقف مع صفوة المصلين ، ستقف متخشعا في الصف الاول … بوشعيب أبشر ! ستصلي مباشرة خلف الإمام ” كم كان سعيدا !!!! وهو ينصت لأناه … أخيرا لن يصلي الجمعة على قارعة الطريق ، بالقرب من المشردين والمنبوذين والمتسولين

… أخيرا سيرى وجه الإمام … فجاة كبر فيه الطمع ، فقال لأناه :” قد ألمس جسد الإمام أو جلبابه الحريري ، قد أقبل يده حينما تنتهي الصلاة .” لقد استعد كثيرا لهذه اللحظة الروحانية … حرص ان ينهي عمله بالورشة مبكرا .

خرج مهرولا ، وهو يحمل على شفتيه سعادة روحية بعمق صوفي … ولج المسجد برجله اليمنى . تأبّطَ نَعْلَيه ، ثم قصد الصف الأول في هرولة مفضوحة . انتابه شعور غريب ، تذكر في تلك اللحظة بالذات هرولة الحجاج بالصفا والمروة .

كان يشعر بغبطة كبيرة وهو يشاهد الحجاج على القنوات الفضائية … بوشعيب يعرف جيدا أنه لن يحج أبدا … يعرف جيدا أنه لا يمكن أن يدخل نادي اولائك الذين نزلت فيهم الٱية ” وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حجُّ الْبَيْتِ من استطاع إليه سبيلا ”

بوشعيب المؤمن الورع ، يدرك أن دينه ناقص . وضعه الاجتماعي لا يسمح له بممارسة كل أركان الإسلام . فَقْره يجبره على التخلي عن ركنين مهمين ، الزكاة والحج ، لهذا كان يحرص على أن يزيد في منسوب عباداته ، في صلواته وصيامه … كان يحرص على الإكثار من الأذكار و قراءة الأوراد .

وصل بوشعيب إلى مشارف الصف الاول، وهو يحمل معه كل انتظاراته وأحلامه ، وهواجسه ومخاوفه . هَمَّ بالجلوس ، لكنه سمع صوتا يقول له :” المكان محجوز ، للحاج الطاهر ” دون أن يلتفت إلى مصدر الصوت ، انتقل إلى مكان آخر ، لكنه سمع مرة أخرى نفس الصوت يصيح : ” المكان محجوز للحاج محسن ” لم يفقد الأمل ، وصل إلى آخر موضع في الصف الاول ، نظر يمنة ويسرة ، بصمته المعهود كان يتوسل الصوت الذي لا يعرف مصدره، بأن يسمح له بالجلوس في الصف الأول ، لكنه سمع مرة أخرى نفس الصوت يقول له :” ذلك المكان محجوز للحاج حامد الله ” كان الصوت قاسيا ، مرعبا ومرهقا ،انهارت كل حظوظه ، ذابت كل أحلامه في أن يصلي وراء الإمام . شعر وكانه حرم من شم رائحة الجنة.

وهو وسط دوامة تيه مرهق، كانت كل الصفوف تمتلئ تباعا بالمصلين ،رفع رأسه يبحث عن مكان فارغ .

كان يتراجع الى الوراء ، كل الصفوف امتلات. وجد نفسه خارج المسجد ، يتسول من أحد المتسولين مكانا يسعه لأداء صلاته. كعادته كان تائها غريبا عن ذاته وإيمانه .

انتصرت في داخله فكرة إستحالة انضمامه إلى نادي الحجاج . انهى صلاته سلم ، ثم اعترف لأناه بان اسلامه ناقص ، ولن يتمكن ابدا من الوقوف في الصف الأول وراء الإمام بالمسجد الكبير ….

 

 

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي