من وحي اليمامة… بقلم الأستاذ محمادي راسي
بقلم الأستاذ محمادي راسي – جريدة البديل السياسي
من وحي اليمامة
“”””””””””””””””””””
تأتي يمامة إلى نافذة شرفتي، تزورني بين آونه وأخرى في النهار، وليس كحمى المتنبي التي تزوره في الظلام ، تستفزني؛ تنقر الزجاج ،كأنها توقظني، أوتنبهني ، تكسر سكوني بهديلها الرخيم ، ولا تتركني أن أقرأ ، أو أفكر، أو أكتب، فتصرفني عما أنا بصدده والقيام به ، ولا تدعني أن أنظر إلى البحر بتمعن وهدوء ، تحرك رأسها يمينا وشمالا بحركاتها فيها قلق ووجل ، كأنها تشاهد مباراة في “التينيس “، أو في كرة القدم ، أو تنظر إلى الجرائد المبعثرة المهملة ،والكتب المنطرحة في أركان بيتي ، أو إلى الأوراق البيضاء الفارغة من السطورفوق المكتب ، كأنها تعشق اللون الأبيض، وكيف لا وهي رمز للسلام والصفاء ؟،
وإلى الكتب القديمة والحديثة ، وربما تريد أن تقرأ …وهي لا تعلم أن قصائد شعرية ،ومقالات نثرية ، تتحدث عنها مهملة في كتب فوق الرفوف ، لا أفهم ماذا تريد ..؟؟ ،وربما تأمرني بتنظيم الكتب والجرائد والمجلات قصد المحافظة عليها ،فالقراءة ثم الكتابة ….. ؟؟،
ولما فتحت النافذة طارت إلى حيث لا أدري ، لقد ملت تصرفات الإنسان الوقح المتواجد في الحديقة المجاورة وفي أماكن أخرى … كما مل ذئب “سان فرانسيسكو ذي أسيس “الإنسان آكل اللحوم ….. تحب الأماكن العالية خوفا من طغيان الإنسان ، وخلو قلبه من الشفقة والرحمة والحنان …وتذكرت بيتا لأبي العلاء المعري فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة :
أبكت تلكم الحمامة أم غنت على فرع غصنها المياد ؟ .والبيت مدور .
ثم تذكرت اليمامة؛ وهي جارية كانت تبصر الركب من مسيرة ثلاثة أيام ، أو زرقاء اليمامة وهي حذام الجديسية ، حتى قيل فيها :”أبصر من زرقاء اليمامة ” ، وحذام؛ اسم لامرأة في الجاهلية، يضرب بها المثل في حدة البصر، وصدق الخبر ،وتلقب بزرقاء اليمامة، وقال فيها الشاعر علاوة على المثل :
إذا قالت حذام فصدقوها /// فإن القول ما قالت حذام (بكسر الميم ).
وهذا البيت؛ شاهد في النحو، فأهل الحجاز اسم حذام يبنونه على الكسر في جميع أحواله ، وبنو تميم يمنعونه من الصرف، فيقولون: حذام بالضم والفتح في حالة النصب، والفتح نيابة عن الكسر في حالة الجر .
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار