من تدخّل فيما لا يعنيه لقي ما لا يُرضيه
![](https://albadilassiassi.com/wp-content/uploads/2025/02/INAF_20211021234258009-150x98.jpg)
جريدة البديل السياسي
كثير من الناس يضيع جهده ووقته في تتبّع خصوصيات الآخرين، ويزج أنفه في أمور لا تعنيه، ويحرص على تتبّع ما يقوم به الآخرين ممن هم حوله، أعجب من أمر شخص يزجّ نفسه في أمور لا تعنيه، فينشغل ليعرف هذا إلى أين يسافر، وهذا أين يذهب، وهذا كيف يعيش، كم راتب فلان وما وظيفة الآخر، كم من الأبناء لديه، وهل تزوّج فلان أم لا، وهل خطبت بنت فلان أم لا؟ كلها أمور لا تعود عليه بالنفع إنما تتعبه وتسبب له المتاعب ولو أشغل نفسه في أمور تنفعه في دنياه وآخرته لكان أجدى له وأنفع.
كل ما يسعى لمعرفته شيء لا يخصه، فالتدخل في شؤون الآخرين وإن تعدّدت أشكاله وصوره فهو شيء غير مقبول يدل على عدم الاتزان في شخصية صاحب هذا التصرف وضعفها، كما تنم عن السقوط الأخلاقي، ودناءة النفس، وللأسف الشديد قد يفتقر هذا المتطفل أو الفضولي إن صح التعبير إلى حاجات نفسية قادته إلى هذه العادات، إلى جانب عدم شعوره الكافي بالرضا عن النفس.
وربما قد يكون قد نشأ في بيئة اجتماعية غير سوية ضاغطة وفقيرة في المادة والقيَم، وهذا ما يقوده إلى التمادي في فضوله وتطفّله الممقوت تجاه الأشخاص الآخرين، نوع من الفضول الذي يزجّ صاحبه في الكثير من الخلافات والمشاكل، وكما قيل: «من تدخّل فيما لا يعنيه لقي ما لا يُرضيه».
إن دلّ ذلك فهو يدل على درجة الفراغ العالية التي يعيشها هذا الشخص والتي تُعطيه مساحة من الوقت الكافي ليعبث بحياة الآخرين ويتناقل الأخبار ويتقصّى عن القاصي والداني، دون أن يشعر يجد نفسه شيئًا فشيئًا يراقب تفاصيل الأشخاص اليومية وربما في كثير من الأحيان ينسى نفسه، الأمر الذي يضعه أحيانًا في مأزق ويدخله في الكثير من المتاعب والمشكلات، وذلك جرّاء قيامه بمتابعة الآخرين وتصيد الأخطاء والزلات على الأشخاص دون وجه حق، بل يتعدى ذلك لتجده يبدي رأيه في موضوع خاص لا يمت له بصلة لا من قريب أو من بعيد الامر هنا مرفوض تمامًا.
في كثير من المجتمعات الغربية حرية الفرد في كل تصرفاته واختياراته مسألة تم التجاوز عنها من زمن بعيد، أما في دولنا العربية ومجتمعاتنا مازالت الحياة الشخصية مستباحة من قبل أفراد العائلة والمجتمع، بل وهناك من يريد أن يفرض على الأشخاص رؤية فكرية معينة وهذا ما يُعد تعدٍّ سافر على حقوق الآخرين، وأحيانًا يقوم بعض الأشخاص بفرض بعض التوجيهات بخصوص بعض الواجبات ليس من باب النصيحة فحسب بل تتحول الى الإلحاح بشكل مستمر.
وتكرار هذه التصرفات أصبحت تزعج كثيرًا، ففي مجال العمل أحيانًا نجد شخصًا واحدًا هو من لديه المصدر لجميع الأخبار ويكون منبعًا لجميع المعلومات، وأحيانًا أخرى يكون هو مصدر للإشاعات ويحاول التقرب من الجميع في اعتقاد منه بأنه له الحق في ذلك.
وهناك شكل آخر من الأشخاص المتطفّلين والفضوليين الذين يستفسرون ويسألون عن أدقّ التفاصيل أحيانًا يتدخلون في الحياة الشخصية، ومن جانب آخر لديهم تكتم غريب بشأن كل ما يخصهم فأنت تكاد لا تعرف أي تفصيل بسيط عن وضعه وحياته الشخصية كل ما تعرفه عنه هو حدود ومجال العمل، قسْ على ذلك الأمور الحياتية الأخرى والأمر الذي يصبح مزعجًا بشكل كبير وتجد الكثير من زملائه يمتنعون عن الجلوس معه، علينا هنا الحد من هذه الظاهرة بل وقمعها كما قالت الحكمة المعروفة «من تدخّل فيما لا يعنيه لقي ما لا يُرضيه».
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار