جريدة البديل السياسي
بسم الله الرحمن الرحيم
” اللّهمَّ لك اسلمنا ، وبك آمنَّا ، واليك انبنا وعليك توكَّلنا ، اللهمَّ أحْينا ما علمت ان الحياة خيراً لنا ، وأمتنا ما علمت ان الوفاة خيراً لنا ، اللهمَّ أجبر كسرنا ، وفرَّج همَّنا ، واغفر لوالدينا وموتانا ، واجعلنا في عينك الحانية التي لا تغفل ولا تنام ، ونسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وكلمة الاخلاص في الرضَّا والغضب، ونسألك الايمان بالقضاء والقدر ، وبردّ العيش بعد الموت ، اللهمَّ زيَّنَّا بزينة الايمان ، واجعلنا هداة مُهتدين”
الدكتور المرحوم عامر معمر … يا رفيق الدوار والجماعة والقبيلة ،
إن الموت هو منيّة كل إنسان ، وهو اليقين الوحيد في هذه الدنيا ، الذي لا يستجيب لأحد ولا ينتظر منتظر، نتعايش معه في كل لحظة من حياتنا ، ونحس به كواقع ملموس ، وحين فقدناك ، عشنا معك التجربة ، تجربة الساعات الاخيرة من حياتك تنظر الينا بصمت ولا تقوي على الكلام، وبذل اطبَّاء العناية المركزة ما بوسعهم ، لتبقى على قيد الحياة ، ومع فجر اليوم الاخير ، جاءت اللحظة القدرية المؤلمة – لحظة الموت – التي ادخلتنا عمق التجربة ، وهي بالطبع لم تكن لحظة عادية ، وقد كتبها الله على كل انسان ، والتي لا تزال عصية على الفهم . حينئذٍ : ادركنا ان حكمة الله التي لا نستطيع معها الا الاعتراف بأن : حقيقةً موتك ، ما كانت الَّا بأمر الله ، ” وكان أمر الله قدراً مقدوراً ” صدق الله العظيم ، وهو ما يدفعنا الى ان نصبر ونحتسب ، وعند الله سبحانه وتعالى جزاء الصابرين وهو على كل شئ قدير .
فقيدنا الغالي
لقد رحلتت عن هذه الدنيا الى الرفيق الأعلى ، وحقاً : كان رحيلكك قاسٍ علينا وعلى محبيكك ، فقد كنتِ سر المحبة في العيادة الطيبة لما قدمته للفقراء والمساكين هو الرابط الذي يجمعنا ، والمرجع الذي نعود اليه
نستند عليكك في الشدائد ونلوذ بكك في الملمات الصعبة ، وهيهات ، هيهات ان نجدكك بعد اليوم ..!! من قال : اننا بالرثاء نتجاوز الاحزان ونداوي الجراح..؟ لا والله !! فحزننا متجدد لا يعلوه حزنٌ ، وجرحنا غائر لم ولن يلتئم ، وما الرثاء الا مسكن لآلام الرحيل والغياب ، لأننا في كل يوم نستيقظ مع حزن جديد واسىً جديد . فعذراً .. منك ايها الموت ما اقساك.. !! – وانت الحق – فقد اسقيتنا من الألم اكثر مما نستحق ، عندما تنتقي اعز الارواح … تأخذها منا وترحل …
الغالي الدكتور عامر معمر …
كم هي قاسية لحظات الوداع والفراق ، التي تسجل وتختزن في القلب والذاكرة ، وكم نشعر بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة ، ونختنق بالدموع ، ونحن نودع واحداً من الدكاترة الافاضل المؤمنين بالرسالة واخلاقية المهنة ، المرحوم ” الدكتور عامر معمر ، الذي فارق الدنيا ، بعد مسيرة عطاء عريضة ، ومشوار حياة في السلك الطب والعمل الجمعوي والرياضي ، تاركاً سيرة عطرة ، وذكرى طيبة ، وروحاً نقية ، وميراثاً من القيم والمثل النبيلة .
فيا أيها الانسان الطيب ، ويا نبع العطاء والنهر المتدفق حباً لعملك ، يعز علينا فراقك ، في وقت نحتاج فيه الى امثالك من الرجال الأوفياء الصادقين .
ومهما كتبنا من كلمات رثاء، وسطرنا من حروف حزينة باكية، لن نوفيك حقك لما قدمته من خير ووقت وجهد وتفانٍ في سبيل الله ومن أخلاق وقيم فاضلة.
عرفنا الفقيد طبيبا هادئاً ، متسامحاً ، راضياً ، قنوعاً ، ملتزماً بانسانيته كما هو ملتزم بدينه وواجباته الدينية .
حمل الامانة بإخلاص ، واعطى للحياة والناس جهده وخبرته وتجربته وحبه لهم .
تمتع بخصال ومزايا حميدة جلها الايمان ودماثة الخلق وحسن المعشر وطيبة القلب ، متميزاً بالدماثة ، والتواضع الذي زاده احتراماً وتقديراً ومحبة في قلوب الناس والطلاب وكل من عرفه والتقى به. وهل هناك ثروة يبقيها الانسان بعد موته أكثر من محبة الناس ..؟!
لقد غيب الموت طبيبنا الغالي ، لكنه سيبقى في قلوبنا ما بقينا على قيد هذه الحياة ، ولن ننساه ، وسيظل بأعماله ومآثره وسيرته نبراساً وقدوة لنا .
نم مرتاح البال والضمير ، فقد أديت الامانة وقمت بدورك على أحسن وجه ، والرجال الصادقون أمثالك لا يموتون . وما لي في وقفة الوداع سوى هذين البيتين من الشعر قالهما شاعر النيل حافظ ابراهيم في رثاء صديقه ومجايله أمير الشعراء احمد شوقي :
خلفت في الدنيا بياناً خالداً وتركت أجيالاً من الأبناء
وغداً سيذكرك الزمان لم يزل للدهر انصاف وحسن جزاء
رحم الله طبيبنا واسكنه فسيح جناته والهم ذويه الصبر والسلوان … انا لله وانا اليه راجعون ..
تعليقات
0