جريدة البديل السياسي
قصة قصيرة.
بقلم: خالد قدومي
. العنوان: لعنة الوجه الآخر
هدير الرياح في ليل خريفي قارس،عرقل نومه،وقرر إنهاك جسده المشاكس، بسلك طريق طويل وطويل..حتى وجد نفسه في هامش المدينة النائمة، المغرية بكشف أسرارها الغامضة والغريبة. ربما رأى فيها ما يسبر أغوار نفسه! لكن هرولته نحو هذا المجهول زادت من أسئلته الوجودية المقلقة بمتاهاتها اللامتناهية.
توغل أكثر في عتمة الليل، وكله دهشة بنكهة أسراره، المحيرة بذاكرته المكانية، وتفاصيله المعقدة، الممتعة والمخجلة!
هناك، بحث عن نفسه من جديد. بغثته دقات قلبه لحنين قديم ومقبر بمدينته المهجورة. فصار يفتش عن أنثى تضمد له جروح الخيبات.
واصل السير بلا بوصلته الذهنية. فألقته الصدفة في فضاء ملتبس، يتساوى الجميع في سفلية عالمه الأسفل. ولجه والدهشة بادية على محياه. أحيانا، صخب الموسيقى والتهاني المصحوبة مع رنين قرع الكؤوس..يوترانه. وحدها السوائل القوية المنعشة، تجعله يتأقلم مع محيط مستفز بوجوه مصوبة نحو كالبنادق القاتلة. لكن الإنتشاء جعله لا يهتم بالآخرين ووشوشاتهم،بل لم يحتسب لوجودهم وجود !. ربما المارق الذي يسكنه له من التحدي ما يكفيه لمجابهة عنصرية الآخر.
كانت نواياه السيئة نقطة ضعفه،وأكثر من مرة يجلد نفسه بسببها،ومع ذلك يعيد الكرة حين يتغلب عليه وجهه الآخر. كما هو الحال مع الوجه الموشوم المحاذي لحيزه، والذي استفسره ببراءة: سيدي، حتى أنت من المتعاطفين مع الفوضاويين؟ فأجابه صاحبنا مازحا: كيف أتعاطف معهم، والفوضى هي من وجهتني صوبكم! عفوية الرد راقت للفوضاوي،وحفزته على مواصلة الدردشة، إلى أن صعق المسكين بالعدوانية المفاجئة للوافد الغريب،بعدما لبس وجهه الآخر ونهره صارخا:
ما بك تفتش عن أفكاري؟
أمخبر أنت؟ أم من م….؟
اعتذر الشاب وهو يرتعش بخوف،ثم استدار نحو رفاقه، مصدوما.
كاد المرقص أن يمتلئ عن آخره. أغلب وجوه الرواد منشرحة.كل يعيش لحظته بمتعة. الموسيقى الشعبية الممزوجة بموسيقى البلوز والروك، جعلتهم يتناغمون معها ويرقصون بحرية. وحده التائه، ظل يحملق فيهم كإنسان بدائي صدمته الأنوار، واغلقت في وجهه أبواب التعايش. للأسف، لم ينفعه وابل اللعنات على وجهه الآخر الذي حال بينه وبين الإنسان!!!.


تعليقات
0