جريدة البديل السياسي |البديل الوطني

سيدي بنور : مدير المديرية الإقليمية في جولة “تفقدية”… وتلاميذ في ورشة أشغال مفتوحة!

téléchargement (12)

جريدة البديل السياسي – نورالدين عمار.

في صباحٍ يحمل بريق “الزيارات الرسمية”، حلّ السيد مدير المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بسيدي بنور ضيفاً على مجموعة مدارس النواعمة الرائدة بجماعة بني هلال، في جولةٍ تفقديةٍ وُصفت بـ”الناجحة”، وصادفت حضور السيدة المفتشة المواكبة التي كانت تؤدي مهامها في التتبع والدعم البيداغوجي.

الزيارة خُتمت، كالعادة، بصورٍ تذكاريةٍ وعباراتٍ مألوفة من نوع “الزيارة مرت في أجواء إيجابية”… لكن خلف الكواليس، هناك واقعٌ آخر لا تصله عدسات الكاميرا، واقعٌ يعيشه التلاميذ والأساتذة يومياً وسط غبارٍ وضجيجٍ وأشغالٍ لا تنتهي.

ففي ثانوية سيدي بنور وثانوية الإمام الغزالي، تُجرى أشغال الصيانة والبناء والنجارة في عزّ أوقات الدراسة، كأن المؤسسة تحولت إلى ورشة كبرى، والمطرقة أصبحت جزءاً من المقرر الدراسي. أصوات الحفر تختلط بأصوات التلاميذ، والغبار يغزو الأقسام، والرمال والإسمنت والحديد تملأ الساحات التي يفترض أن تكون فضاءات راحةٍ وترويح. ولم يتوقف الأمر عند الأشغال وحدها، فالمشهد اليومي بالمؤسسات التعليمية يزداد قتامةً مع تناثر الأزبال في أرجاء المؤسسة، من الساحات إلى قرب الأقسام، في غياب شبه تام لظروف النظافة والصيانة.

روائح كريهة تنبعث مع كل نسمة، وتجذب الحشرات والكلاب الضالة، ما يشكل خطراً حقيقياً على صحة التلاميذ والأطر التربوية، ويهدد بانتشار الأمراض والأوبئة، خصوصاً في ظل غياب أي تدخل فعلي من الجهات المسؤولة.

أما الإدارة، فحالها لا يسرّ سوى من اعتاد المعاناة؛ مديرٌ واحد يتولى كل المهام، من استقبال الأسر، إلى ضبط الغياب، إلى التوقيع على الوثائق، في غيابٍ شبه تام للأطر الإدارية.

مؤسسةٌ بحجم مدينة تُدار بيدٍ واحدةٍ تتعب ولا تُسمع. ورغم كل هذا، تكتفي الصفحات الرسمية للمديرية بنشر صور المدير الإقليمي مبتسماً بين التلاميذ، مرفقة بتعليقات براقة عن “الدينامية الجديدة” و”الارتقاء بجودة التعليم”، وكأن الواقع لا يهمّ ما دام البلاغ الصحفي جاهزاً والابتسامات متوفرة. لكننا نتساءل — وبصوتٍ عالٍ هذه المرة —:

هل من المنطقي أن تُجرى الأشغال في أوقات الدراسة؟ هل يُعقل أن يُطلب من التلميذ التركيز بينما المطرقة تُغني خلف الحائط؟

وأين هي المراقبة الصحية والبيئية في ظل تراكم الأزبال وانتشار الروائح؟ أليس من واجب المديرية تنسيق مثل هذه التدخلات في فترات العطل بدل تحويل المدارس إلى أوراش مفتوحة ومكبات نفايات؟

أسئلة كثيرة، وإجابات قليلة. وما بين التفقد الرسمي والمعاناة اليومية، يظل التلميذ والأستاذ الضحية الأولى في مشهدٍ يتكرر كل عام، بلا تقييم ولا تصحيح.

ويبقى الختم المناسب لهذه الجولة: المدير الإقليمي تفقد، والواقع ينتظر من يتفقده فعلاً

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي