رقمنة الاجراءات القضائية …يوسف السبتي. نائب رئيس الجمعية المغربية للقضاة.

جريدة البديل السياسي
يوسف السبتي. نائب رئيس الجمعية المغربية للقضاة.
رقمنة الاجراءات القضائية
لقد شهد العالم بفعل العولمة و تأثيرها تحولات بنيوية مهيكلة شملت العديد من القطاعات و المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الصناعية و التكنولوجيا بلورت إلى دخول مجوعة من الدول في هذا النسق حتى تواكب هاته المتغيرات الانية و الظرفية و حتى تستجيب مجتمعاتها على كافة المستويات إلى ضرورات التغيير المفروض على أرض الواقع، هذه الحقبة الجديدة من الثورة المستحدثة الزمت العديد من دول العالم في ظل التنامي الديمغرافي و السكاني و تشعب مناحي الحياة اليومية المطبوعة بتفاعلات مركبة و معقدة اللجوء إلى الاستعانة بما وصل إليه التطور التكنولوجي من تقنيات تسهر الحياة اليومية و تبسط المعاملات و تلغي الفوارق الزمانية و الحواجز المكانية، وأثر هذا التطور على العلاقات القانونية بشكل كبير واصبح معه نطاق تطبيق التقنيات الرقمية, وانتشار تكنولوجيا المعلومات يطغى على الإجراءات الجنائية والمدنية في العديد من البلدان .
وفي هذا الإطار فإنه لا يخفى على أحد أن المغرب و غرار باقي دول العالم سعى منذ حصوله على الاستقلال إلى تطوير أنظمته القانوينة و تحديثها كلما سمحت بذلك الفرصة حتى تساير كبرى اقتصاديات دول العالم و توفير مقومات العيش الكريم للمواطنين من خلال تشجيع الاستثمار الأجنبي و منحه كافة الضمانات التي تساعده على الاستوطان داخل النسق الاقتصادي الوطني, و سعيا وراء كل تلكم التجارب نحو تجويد الخدمات المقدمة للمواطنين و المستثمرين, ضمت الحكومة المغربية الجديدة، لأول مرة، مندوبية وزارية خاصة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، والتي تهدف من خلال استراتيجيتها تحقيق الانتقال الرقمي وتجويد خدمات الإدارات المغربية باعتماد تكنولوجيات حديثة و رقمنة مجموعة من القطاعات, وهو النهج الذي سهرت على تحقيقه مختلف المكونات القطاعية المكلفة بالعدالة سواء ما تعلق بالجانب البشري أو اللوجستيكي، حيث قام المجلس الأعلى للسلطة القضائية و إسهاما منه في أوراش الإصلاح و التحديث المشترك بين كافة المتدخلين إلى تحديد الأهداف التي من شأنها أن تحسن من أداء عمل المحاكم وعمل السادة القضاة، وذلك عبر تبني مقاربة تشاركية تهدف الى تخليق القضاء والرفع من قدرات القضاة, والزيادة من منسوب نجاعة أدائهم وتقوية الملكات القانونية لديهم وتأطير سلوكهم، بالإضافة الى دعم نزاهتهم واستقلالهم وحيادهم وتجردهم.
وقد قام المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتخصيص احد الاوراش ضمن مخططه الاستراتيجي لجانب الرقمنة، وجعل الورش رقم 26 المتعلق برقمنة المساطر والاجراءات والخدمات القضائية من بين أهداف المؤسسة التي ستسهر على تنفيذها, و تساهم في تنزيلها ضمن باقي برامج اصلاح منظومة العدالة, و بالنظر لانفتاح المغرب على محيطه الدولي سوئ الأوربي أو الأفريقي أو حتى العربي و بالنظر كذلك للشراكات النوعية و الاستراتيجية التي بات تجمعه مع العديد من دول العالم لاسيما في المجالات المرتبطة بالعدالة و القضاء فإنه لم يجد مناص من النهل من تجارب تلك الدول السباقة في باب الاستعانة بالتكنولوجيات الرقمية الحديثة لعل ابرزها التجربة الفرنسية و الامريكية و تجربة دولة الامرات الشقيقة، فتعزيز الثقة في القضاء و في عدالتنا أصبح أمر لا غنى عنه في ظل ما يشهده عالمنا اليوم من تحولات اقتصادية و اجتماعية عميقة معقدة و مركبة و في ظل تكتلات دولية استراتيجية و ممنهجة عبر اتفاقيات و معاهدات متعددة و متنوعة شملت مختلف الأصعدة و المجالات و القطاعات و على صعيد اكثر من جانب و هو ما يعكس حجم الانتظارات الوطنية و الدولية من هذا الجهاز الذي بات يشكل أحد أعمدة دولة الحق و القانون و أحد مقومات و مرتكزات الدولة الحديثة و العصرية القادرة على تجاوز كل العقبات و الاخطار المهددة للإخلال بتوازن أمنها الاجتماعي و الاقتصادي .
بحيث لا يمكن أن يتأتى ذلك إلا من خلال الحرس على تجويد الترسانة القانونية و الرفع من كفاءة العنصر البشري و تأهيله حتى يؤدي الوظيفة المتوخى منه على أحسن و أكمل وجه إلى جانب الاستفادة مما أضحت تقدمه التكنولوجيات الحديثة من إمكانيات حديثة نوعية تعمل على تسهيل و تبسيط المساطر و الإجراءات المرتبطة بالخدمات التي تقدمها للمواطنين و الأجانب و بالتالي تجاوز كل العقبات و الإشكاليات المطروحة في هذا الصدد و في هذا الصدد كان لزاما مسايرة هذه التحولات من خلال وضع القانون الاطار لإدماج اليات العمل الإلكترونية المنبثقة عن الثورة الرقمية الكفيلة بتصريف العدالة بالمحاكم، بما يضمن تأمين المعطيات الشخصية و يحقق السرعة و النجاعة المطلوبة في توازن مع الحق في المعلومة. وهي الرؤى التي تتقاطع مع التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الموجهة إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة، الذي افتتحت أشغاله يوم الاثنين 21 أكتوبر 2019 بمراكش، تحت شعار “العدالة والاستثمار. التحديات والرهانات والدي أكد من خلاله جلالته:
* وفي نفس السياق، ندعو لاستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية، وتبني خيار تعزيز وتعميم لامادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية، والتقاضي عن بعد، باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة، وذلك انسجاما مع متطلبات منازعات المال والأعمال، مع الحرص على تقعيدها قانونيا، وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي*
و من تم فإن الهدف الأساسي الكامن وراء دعم العدالة و تعزيزها بالوسائل التكنولوجيا الحديثة و إضفاء الطابع الرقمي عليها هو المساهمة في تأهيل و تطوير عمل القضاء داخل المحاكم و الارتقاء به إلى المكانة المطلوبة استكمالا لمجموع الإصلاحات البنيوية و تفعيلا للمخططات الاستراتيجية المهيكلة للرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطن تحقيقا للنجاعة و الدقة و السرعة في البت داخل اجال معقولة في القضايا التي تملأ جنبات المحاكم مما سينعكس إيجابا على صورة القضاء داخل و خارج أرض الوطن، و حتى تساير عدالتنا بذلك الظرفيات و المتغيرات الكمية والنوعية ، و حتى تلك المرتبطة بفعل الكوارث و الامراض العابرة للقارات التي باتت تهدد العالم بأسره.
تعريف موضوع الرقمنة والعدالة.
موضوع “رقمنة العدالة” يشير إلى تطبيق التكنولوجيا الرقمية والأتمتة في نظام القانون والعدالة. يتضمن هذا المفهوم استخدام التكنولوجيا مثل الذكاء الصناعي، والحوسبة السحابية، وتقنيات تحليل البيانات في جميع جوانب العمل القانوني والنظام القضائي.
تهدف رقمنة العدالة إلى تحسين كفاءة وفعالية العمل القانوني من خلال تبسيط الإجراءات، وتوفير وصول أفضل إلى العدالة، وتقديم قرارات قانونية أكثر دقة. ومع ذلك، يرافق هذا التطور العديد من التحديات والقضايا المرتبطة بالخصوصية والأمان، بالإضافة إلى مخاوف من التمييز والعدالة الاجتماعية في عمليات الرقمنة.
بشكل عام، يجسد موضوع رقمنة العدالة التوازن بين استخدام التكنولوجيا الرقمية لتحسين العمل القانوني وضمان حماية الحقوق والعدالة للجميع، مع الاهتمام بمعالجة التحديات والمخاوف المتعلقة بهذا التحول في مجال العدالة.
أهمية الرقمنة في تحقيق العدالة.
الرقمنة تلعب دورًا مهمًا في تحقيق العدالة من خلال عدة وسائل وميزات تساهم في تحسين النظام القانوني والعمليات القضائية. إليك بعض الأسباب التي تجعل الرقمنة مهمة في هذا السياق:
زيادة الكفاءة وتسريع الإجراءات: تمكن التكنولوجيا الرقمية من تبسيط وتسريع العمليات القانونية والإجرائية. يمكن تقليل الإجراءات اليدوية وتسريع تبادل المعلومات بين الأطراف المعنية، مما يقلل من التأخير والزمن المستغرق في إصدار الأحكام.
تحسين وصول الفقراء إلى العدالة: الرقمنة توفر فرصًا أفضل للأفراد الذين يواجهون صعوبة في الوصول إلى الخدمات القانونية. يمكن استخدام التقنيات الرقمية لتوفير معلومات وخدمات قانونية بتكلفة منخفضة أو حتى مجانًا، مما يسهم في توجيه العدالة نحو الفقراء والمحتاجين.
زيادة الشفافية: يمكن للتكنولوجيا الرقمية تعزيز شفافية العمليات القانونية وتوثيق السجلات والأدلة بشكل دقيق. هذا يساهم في تقليل الفساد وزيادة الثقة في النظام القانوني.
دقة أفضل في القرارات: تساهم التحليلات البيانية والذكاء الاصطناعي في تحسين دقة اتخاذ القرارات القانونية. يمكن للأنظمة الذكية معالجة معلومات كبيرة بسرعة وتحليلها بدقة، مما يسهم في تقديم قرارات قانونية أكثر عدالة وتوجيها بناءً على الأدلة.
تحسين إجراءات التنفيذ: تمكن التقنيات الرقمية من تحسين إجراءات تنفيذ الأحكام والعقوبات. يمكن تتبع المتابعة والتنفيذ بشكل أفضل وضمان التنفيذ الفعال للأحكام.
الوقاية من التمييز: من خلال إعداد أنظمة رقمية عادلة وشاملة، يمكن تقليل فرص التمييز والانحياز في العدالة. التكنولوجيا يمكن استخدامها لتعزيز المساواة ومنع التمييز بناءً على العرق أو الجنس أو الدين أو أي عوامل أخرى.
بشكل عام، الرقمنة تسهم في تعزيز العدالة من خلال تحسين العمليات وزيادة الوصول وتعزيز الشفافية، مع الحفاظ على القيم والمبادئ الأساسية للعدالة وحقوق الإنسان.
الجزء الأول: الرقمنة والعدالة.
الرقمنة والعدالة” هو مفهوم يشير إلى التفاعل بين التكنولوجيا الرقمية ونظام العدالة والقضاء. يتضمن هذا التفاعل استخدام التكنولوجيا الرقمية والأتمتة في جميع جوانب العمليات القانونية والقضائية، وكيفية تأثير ذلك على تحقيق العدالة وتوفير حقوق المواطنين.
أهم نقاط تتعلق بالرقمنة والعدالة تشمل:
1.تأثير الرقمنة على النظام القانوني.
تأثير الرقمنة على النظام القانوني هو أمر يحمل تحولًا كبيرًا في مجال العدالة والقضاء. يمكن تلخيص هذا التأثير على النحو التالي:
زيادة الكفاءة والسرعة: الرقمنة تسمح بمعالجة البيانات بشكل أسرع وتبسيط الإجراءات القانونية. يمكن تقديم الوثائق والأدلة القانونية بشكل إلكتروني، مما يقلل من الإجراءات اليدوية ويزيد من سرعة تقديم الطلبات والأحكام.
تحسين الوصول للعدالة: الرقمنة توفر فرصًا أكبر للأفراد والجماعات للوصول إلى الخدمات القانونية، سواء كانوا في المناطق النائية أو لديهم صعوبة في الوصول إلى المراكز القضائية. يمكن للأشخاص تقديم الوثائق والمعلومات عبر الإنترنت والمشاركة في الجلسات القضائية عن بُعد.
زيادة الشفافية: يمكن توثيق العمليات القانونية بشكل دقيق ومشاركتها بسهولة من خلال الرقمنة. هذا يزيد من شفافية النظام القانوني ويقلل من الفساد.
تحسين الدقة والموثوقية: استخدام التكنولوجيا مثل الذكاء الصناعي وتحليل البيانات يمكن أن يسهم في تحسين دقة اتخاذ القرارات القانونية. يمكن تحليل كميات كبيرة من البيانات بشكل أكثر دقة وتقديم تقديرات دقيقة للأدلة.
التحديات المتعلقة بالأمان والخصوصية: يجب معالجة مسائل الأمان والخصوصية بعناية، حيث يمكن أن يتعرض البيانات والمعلومات القانونية للتهديد. يجب وضع إجراءات وسياسات قوية لحماية البيانات ومعلومات العملاء.
تمييز وعدالة اجتماعية: يجب توجيه الرقمنة بحذر لضمان عدم التمييز والعدالة الاجتماعية. يمكن أن تزيد التكنولوجيا من التمييز إذا لم تكن مصممة ومنفذة بعناية.
بشكل عام، الرقمنة تقدم الفرصة لتحسين النظام القانوني وجعله أكثر فعالية ووصولًا، ولكنها تتطلب أيضًا إدارة جيدة واهتمام بالتحديات والمخاوف المرتبطة بهذا التحول.
- التحديات والمخاوف المرتبطة بالرقمنة في مجال العدالة.
هناك العديد من التحديات والمخاوف المرتبطة بالرقمنة في مجال العدالة. يتعين على النظام القانوني مواجهة هذه التحديات ومعالجتها بعناية لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق الأفراد. بعض هذه التحديات والمخاوف تشمل:
تهديدات الأمان والخصوصية: تقدم التكنولوجيا الرقمية تحديات في مجال الأمان والخصوصية. يمكن أن يتعرض البيانات القانونية والمعلومات الحساسة للاختراقات الإلكترونية والاستغلال، مما يهدد حقوق الأفراد والمؤسسات.
تمييز في الرقمنة: التكنولوجيا الرقمية يمكن أن تزيد من التمييز إذا لم تتم معالجتها بعناية. يمكن أن تؤدي البيانات المجموعة بشكل خاطئ أو تفضيل البيانات القديمة إلى تمييز غير مشروع ضد بعض الأفراد أو الجماعات.
التحديات القانونية والأخلاقية: قد تنشأ تحديات قانونية وأخلاقية مع تطور التكنولوجيا. يجب تحديث القوانين والأنظمة لمواجهة التحديات الجديدة والمتغيرة في مجال الرقمنة.
تباين في الوصول: ليس لدى الجميع وصولًا سهلًا إلى التكنولوجيا الرقمية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تباين في القدرة على الاستفادة من التحول الرقمي في مجال العدالة.
الاعتماد الزائد على التكنولوجيا: قد يؤدي الاعتماد الزائد على التكنولوجيا إلى فقدان الإنسانية في النظام القانوني، ويمكن أن يؤثر سلبًا على العدالة الجنائية وإدارة القضايا.
تحديات التدريب والإلمام: تطوير المهارات وتوجيه القضاة والمحامين وموظفي القضاء بشأن استخدام التكنولوجيا والتعامل مع البيانات الرقمية يمكن أن يكون تحديًا.
لمواجهة هذه التحديات والمخاوف، يجب على النظام القانوني تطوير سياسات وإجراءات مناسبة، وتحسين الأمان والخصوصية، وتعزيز التدريب والوعي بالتكنولوجيا، ومراعاة الأخلاقيات في استخدام التكنولوجيا، وضمان المساواة والعدالة في الرقمنة.
الجزء الثاني : اجبيات اعتماد الرقمنة في العمل القضائي و العادالة.
إن اعتماد الرقمنة في مجال العدالة يأتي بالعديد من الفوائد والإيجابيات، والتي تشمل:
1.زيادة الكفاءة وتسريع الإجراءات القانونية.
زيادة الكفاءة وتسريع الإجراءات القانونية هي واحدة من أهم الفوائد التي يمكن تحقيقها من خلال الرقمنة في مجال العدالة. إليك كيفية تحقيق هذه الفائدة:
معالجة البيانات السريعة: تمكن التكنولوجيا الرقمية من معالجة البيانات بسرعة أكبر مما يقلل من الزمن اللازم لإجراءات القضايا القانونية. يمكن تنفيذ البحث والتحقيق وتحليل الأدلة بسرعة ودقة.
تبسيط العمليات: من خلال الرقمنة، يمكن تبسيط العديد من العمليات القانونية، مثل تقديم الوثائق والتقاضي والتعقب. يمكن تحويل الإجراءات اليدوية إلى عمليات إلكترونية، مما يوفر الوقت والجهد.
مشاركة البيانات بسهولة: يمكن للأطراف المعنية بالقضايا مشاركة البيانات والمعلومات بسهولة عبر الإنترنت. هذا يزيد من التفاعل بين المحامين والمحكمين والعملاء والقضاة، مما يساهم في تبادل الأفكار والمعلومات بفعالية.
القضاء عن بعد: يمكن تنفيذ الجلسات القضائية عن بُعد باستخدام تقنيات الفيديو والصوت. هذا يسمح للأطراف بالمشاركة في القضايا دون الحاجة إلى التواجد الشخصي في المحكمة، مما يوفر الكثير من الوقت والجهد.
إدارة الجداول الزمنية بفعالية: يمكن للتقويمات والأنظمة الرقمية مساعدة المحامين والقضاة في إدارة الجداول الزمنية والجلسات بشكل فعال، مما يقلل من تأخيرات الجداول.
زيادة القدرة على معالجة الحالات: من خلال الرقمنة، يمكن للمحكمين والقضاة التعامل مع حالات أكثر بفعالية. تقنيات تحليل البيانات والذكاء الصناعي يمكن أن تساعد في تحليل الأحكام واتخاذ القرارات.
زيادة الدقة: الرقمنة تساهم في زيادة دقة البيانات والأدلة المستخدمة في القضايا. هذا يساعد في تحقيق قرارات قانونية أكثر دقة.
بشكل عام، زيادة الكفاءة وتسريع الإجراءات القانونية تعزز من فعالية النظام القانوني وتحسن الوصول إلى العدالة بشكل عام.
2.تحسين الوصول إلى العدالة من خلال الرقمنة.
تحسين الوصول إلى العدالة من خلال الرقمنة هو أمر يعزز من مشاركة الأفراد والجماعات في النظام القانوني وتقديم حقوقهم بشكل أكبر. إليك كيف يمكن تحقيق هذا الهدف:
تقديم خدمات قانونية عبر الإنترنت: من خلال الرقمنة، يمكن توفير خدمات قانونية عبر الإنترنت بسهولة. يمكن للأفراد تقديم الوثائق والمعلومات عبر منصات إلكترونية، مما يسهل على الأشخاص طلب المشورة القانونية والوصول إلى الخدمات القانونية بسرعة ومن أي مكان.
القضاء عن بعد: يمكن تنظيم الجلسات القضائية والاستماعات عبر الإنترنت، مما يمكن للأفراد المشاركة في القضايا بدون الحاجة إلى التواجد الشخصي في المحكمة. هذا يزيد من وصول الأفراد إلى العدالة ويخدم الذين يعانون من قيود جغرافية أو مشاكل صحية.
تبسيط العمليات: يمكن تبسيط العمليات القانونية وجعلها أقل تعقيدًا من خلال الرقمنة. يمكن للأفراد متابعة مسار القضايا والاستعلام عن معلومات قانونية بسهولة عبر الإنترنت.
توفير معلومات قانونية: يمكن توفير معلومات قانونية عبر الإنترنت للتثقيف وزيادة الوعي القانوني. يمكن للأفراد البحث عن معلومات حول حقوقهم والقوانين ذات الصلة بسهولة.
العدالة للفقراء: من خلال الرقمنة، يمكن توجيه العدالة إلى الفقراء والمحتاجين من خلال تقديم خدمات قانونية بتكلفة منخفضة أو حتى مجانًا. يمكن للمنظمات غير الربحية والمحامين تقديم المشورة والمساعدة القانونية بشكل أكبر من خلال الإنترنت.
زيادة التشبيك: يمكن للرقمنة زيادة التشبيك بين مختلف الأجهزة والمؤسسات القانونية. هذا يمكن أن يؤدي إلى مشاركة أفضل للمعلومات والبيانات وزيادة التعاون بين الجهات المعنية بالعدالة.
بشكل عام، تحسين الوصول إلى العدالة من خلال الرقمنة يساهم في تقديم العدالة للجميع بشكل أكثر شمولية وفعالية، ويزيد من فرص الأفراد للدفاع عن حقوقهم والمشاركة في النظام القانوني بسهولة.
الجزء الثالث: التحديات والسلبيات.
هناك العديد من التحديات والمخاوف المرتبطة بالرقمنة في مجال العدالة. يتعين على النظام القانوني مواجهة هذه التحديات ومعالجتها بعناية لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق الأفراد. بعض هذه التحديات والمخاوف تشمل:
- التحديات المتعلقة بالأمان والخصوصية.
التحديات المتعلقة بالأمان والخصوصية هي من أبرز المخاوف التي تواجه تطبيق الرقمنة في مجال العدالة. إليك بعض هذه التحديات:
انتهاكات البيانات والاختراقات: قد تتعرض البيانات القانونية والمعلومات الحساسة للاختراقات الإلكترونية وانتهاكات البيانات. هذا يعرض الأفراد والمؤسسات لخطر فقدان معلوماتهم واستغلالها بطرق غير قانونية.
تسريب المعلومات: قد يحدث تسريب للمعلومات القانونية الحساسة، سواء بسبب الأخطاء البشرية أو الهجمات السيبرانية. هذا يؤدي إلى تعرض البيانات للعرض للجمهور أو الأطراف غير المخولة.
انتهاك الخصوصية: جمع وتحليل البيانات الكبيرة يمكن أن يتسبب في انتهاك خصوصية الأفراد، حيث يمكن استخدام هذه البيانات لمتابعة نشاطاتهم واتخاذ إجراءات توجيهية دون موافقتهم.
القانون والتشريعات الضعيفة: قد تكون القوانين واللوائح غير كافية أو قديمة لمعالجة التحديات الأمنية والخصوصية الجديدة المرتبطة بالرقمنة. قد تحتاج القوانين إلى تحديث لحماية البيانات والخصوصية بفعالية.
تخزين البيانات: يجب تخزين البيانات القانونية بأمان ومعالجتها بطريقة ملائمة لضمان عدم تلفها أو فقدانها. هذا يتطلب استثمارات في البنية التحتية التكنولوجية.
تحليل البيانات السلبي: قد يتم استخدام البيانات الرقمية بطرق تمييزية أو غير عادلة، مما يؤدي إلى تعزيز التمييز في العدالة.
الحماية من الفساد: يجب تطبيق إجراءات وسياسات قوية لمكافحة الفساد المحتمل في التكنولوجيا القانونية والقضائية.
للتغلب على هذه التحديات، يجب على الأنظمة القانونية تطوير سياسات وإجراءات قوية للأمان والخصوصية، وتوجيه الاستثمار في الأمان التكنولوجي، وتعزيز الوعي بمسائل الأمان والخصوصية بين المحامين والقضاة والموظفين القانونيين، وضمان أن التكنولوجيا تستخدم بمسؤولية ووفقًا للقوانين والأخلاقيات المهنية.
2.التمييز والعدالة الاجتماعية في بيئة الرقمنة.
تمييز والعدالة الاجتماعية هما قضيتان مهمتان في بيئة الرقمنة، حيث يجب معالجتهما بعناية لضمان توفير العدالة والمساواة للجميع. إليك كيف يمكن التعامل مع هذين الجانبين في الرقمنة:
– تقليل التمييز:
تأكد من أن تكنولوجيا الرقمنة تتوافق مع مبادئ عدم التمييز وتوجه العدالة إلى جميع الفئات في المجتمع.
مراقبة الخوارزميات والبرمجيات لتحديد أي تمييزات غير مشروعة أو غير عادلة ومعالجتها.
– المساواة في الوصول:
ضمان أن الأفراد من جميع الفئات الاجتماعية يمكنهم الوصول بسهولة إلى التكنولوجيا والخدمات الرقمية.
توفير التدريب والموارد للأفراد الذين قد يواجهون صعوبة في استخدام التكنولوجيا.
-تقديم الخدمات بمساواة:
ضمان توفير الخدمات القانونية والقضائية بشكل عادل للجميع، بما في ذلك الأفراد من ذوي الدخل المنخفض والمجتمعات المهمشة.
-الشفافية:
تعزيز شفافية الخوارزميات والبيانات المستخدمة في القرارات القانونية والقضائية لضمان أنها تتم بشكل عادل ومنصف.
-المراقبة والمراجعة:
مراقبة ومراجعة استخدام التكنولوجيا في النظام القانوني بانتظام للتحقق من عدم وجود تمييز أو انحراف عن العدالة الاجتماعية.
-التشريعات والسياسات:
وضع قوانين وسياسات تنظم استخدام التكنولوجيا القانونية بما يحقق العدالة ويمنع التمييز.
-المشاركة المجتمعية:
تشجيع مشاركة المجتمعات والجماعات المستهدفة في عمليات اتخاذ القرار وتطوير التكنولوجيا القانونية.
-التوعية والتعليم:
توفير التوعية والتعليم بشأن التكنولوجيا القانونية وحقوق الأفراد للمساهمة في تقليل التمييز وزيادة العدالة الاجتماعية.
معالجة التمييز وتحقيق العدالة الاجتماعية في بيئة الرقمنة تتطلب تعاونًا مستمرًا بين الجهات المعنية وتفعيل السياسات والتدابير اللازمة لضمان تقديم الخدمات القانونية بشكل عادل ومنصف للجميع.
الجزء الرابع: السياسات والإصلاحات.
تطبيق سياسات وإجراءات فعّالة ومناسبة في مجال الرقمنة في العدالة ضروري لضمان تحقيق العدالة والمساواة وللتعامل مع التحديات المتعلقة بالأمان والخصوصية والتمييز. إليك بعض السياسات والإصلاحات التي يمكن تنفيذها:
1.السياسات والتشريعات التي يجب تنفيذها لضمان العدالة في الرقمنة.
تنفيذ سياسات وتشريعات فعّالة في مجال الرقمنة ضروري لضمان العدالة والمساواة. إليك بعض السياسات والتشريعات التي يمكن تنفيذها لتحقيق هذا الهدف:
✓ سياسات الخصوصية وحماية البيانات:
- وضع قوانين تحمي خصوصية الأفراد وتنظم جمع ومعالجة البيانات الشخصية.
- تعزيز معايير الأمان والتشفير لحماية البيانات.
✓ الوصول المتساوي للتكنولوجيا:
- توفير التمويل والتسهيلات لضمان وصول الأفراد من جميع الفئات إلى التكنولوجيا القانونية.
✓ تحديث القوانين القانونية:
- تحديث القوانين واللوائح لمواكبة التطورات التكنولوجية وضمان تطبيق القوانين في العصر الرقمي.
✓ تنظيم الخوارزميات:
- وضع تشريعات لمراقبة ومراجعة الخوارزميات القانونية وضمان عدم وجود تمييز غير مشروع.
✓ الشفافية والمساءلة:
- ضمان شفافية في عمليات القرار القانوني والقضائي وجعلها مساءلة.
✓ مشاركة المجتمع:
- تشجيع مشاركة المجتمعات والجماعات المستهدفة في صياغة السياسات واتخاذ القرار.
✓ تعزيز الوعي والتعليم:
- تنفيذ حملات توعية وبرامج تعليمية حول الرقمنة وحقوق الأفراد.
✓ التقييم والمراجعة المستمرة:
- تنفيذ تقييم دوري لتقييم تأثير الرقمنة على العدالة والمساواة وضمان تحقيق الأهداف.
✓ مراعاة العدالة الاجتماعية:
- تضمين مفهوم العدالة الاجتماعية في السياسات والتشريعات، والعمل على تحقيق التوازن والمساواة بين مختلف الفئات.
✓ التعاون مع الأطراف المعنية:
- التعاون مع المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص لضمان تطبيق السياسات والتشريعات بشكل فعّال.
تطبيق هذه السياسات والتشريعات يمكن أن يضمن أن تكون التكنولوجيا والرقمنة موجهة نحو تحقيق العدالة والمساواة في مجال العدالة.
2.أمثلة على بلدان أو مناطق قامت بتطبيق سياسات ناجحة في هذا السياق.
هناك عدد من البلدان والمناطق التي قامت بتطبيق سياسات ناجحة في مجال الرقمنة لتحقيق العدالة والمساواة. إليك بعض الأمثلة:
✓ إستونيا:
- إستونيا تعتبر واحدة من البلدان الرائدة في مجال الرقمنة. لديها نظام قانوني إلكتروني متكامل يتيح للمواطنين الوصول إلى الخدمات القانونية بسهولة عبر الإنترنت.
- تقدم إستونيا خدمات الكترونية مثل التصويت عبر الإنترنت وتأسيس الشركات بسرعة، مما يعزز العدالة ويسهم في تحسين الوصول.
✓ كندا:
- قامت كندا بتنفيذ مبادرة “القضاء الذكي” Smart Justice، التي تهدف إلى تحسين الخدمات القانونية وتسهيل الوصول إليها باستخدام التكنولوجيا.
- تم توفير منصات إلكترونية تمكن المواطنين من تقديم البلاغات ومتابعة القضايا بشكل أكثر فاعلية.
✓ أستراليا:
- أستراليا قامت بتنفيذ استراتيجية وطنية لتعزيز التحول الرقمي في القطاع القانوني. هذا يتضمن تقديم الخدمات القانونية عبر الإنترنت وتبسيط الإجراءات.
- تم تشجيع القضاة والمحامين على استخدام التكنولوجيا لزيادة الكفاءة وتحسين الوصول.
✓ النرويج:
- قامت النرويج بتطبيق نظام قضائي رقمي يتيح للأفراد تقديم الشكاوى ومتابعة القضايا عبر الإنترنت.
- تم توفير خدمات القضاء عن بعد، مما ساهم في توفير الوقت والجهد للأفراد.
✓ الهند:
- أطلقت الهند مشروع “القرى الإلكترونية القانونية” Legal E-Villages لتوفير الخدمات القانونية للمناطق النائية والمهمشة.
- يتيح المشروع للأفراد الوصول إلى المشورة القانونية والخدمات عبر الإنترنت بسهولة.
هذه أمثلة توضح كيف يمكن تطبيق الرقمنة بنجاح لتحقيق العدالة والمساواة في مجال العدالة. تعتمد نجاح هذه السياسات على التفرغ لتوفير خدمات قانونية فعالة ومتاحة للجميع وعلى استثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية اللازمة.
الختام:
في الختام، يتعين إعادة التأكيد على أهمية تحقيق التوازن بين الرقمنة والعدالة في مجال العدالة. الرقمنة تقدم فرصًا كبيرة لتحسين الكفاءة والوصول إلى العدالة، ولكن يجب أن تكون هذه العملية متوازنة وتأخذ في اعتبارها القضايا المتعلقة بالتمييز والأمان والخصوصية والعدالة الاجتماعية.
يجب أن تتمثل رؤيتنا في بناء نظم قانونية رقمية تكون شاملة ومتازمة، وتعزز من حقوق الأفراد وتوفر فرصًا متساوية للجميع. يجب على السياسات والتشريعات والإصلاحات أن تكون موجهة نحو تعزيز العدالة والمساواة وضمان حماية الأمان والخصوصية.
الرقمنة يمكن أن تكون أداة قوية لتطوير النظام القانوني وجعله أكثر فعالية، ولكن يتعين علينا أن نعمل بحذر وحذر للتأكد من أنها تخدم مصلحة الجميع بدلاً من أن تزيد من الاختلافات والتمييز.
تحقيق التوازن بين الرقمنة والعدالة يتطلب جهودا مشتركة من الحكومات والمؤسسات القانونية والمجتمعات والأفراد. عندما نستثمر في تكنولوجيا الرقمنة بشكل ذكي ونضمن أنها تكون موجهة نحو تحقيق العدالة، يمكننا تعزيز نظام قانوني أكثر إنصافًا وفعالية يخدم الجميع بشكل متساوي. يوسف السبتي. نائب رئيس الجمعية المغربية للقضاة. #الجمعيةالمغربيةللقضاة
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار