جريدة البديل السياسي |روبورتاج و تحقيق

بوزنيقة… شاطئ “اللواء الأزرق” أم بركة صرف صحي؟!

522970643_669942782769703_2513381462679918810_n

جريدة البديل السياسي – نورالدين عمار .

وسط أناشيد الأطفال وضحكاتهم في المخيمات الصيفية، وفي لحظة يُفترض أن تكون من أجمل لحظات العمر، يُفاجأ زوار شاطئ بوزنيقة بروائح كريهة تزكم الأنوف، وبرك صرف صحي مكشوفة تمر بالقرب من فضاءات التخييم، لا تميز بين طفل صغير أو إطار تربوي، ولا تفرق بين سياح قدموا للراحة، وواقع بيئي مخزٍ لا يرتقي حتى لمستوى شاطئ مهجور، فبالأحرى شاطئ حاصل على اللواء الأزرق.

يمر مجرى مكشوف لقناة الصرف الصحي مباشرة بجوار المخيمات الصيفية في بوزنيقة، دون أية معالجة بيئية، أو إجراءات حماية للأطفال أو رواد الشاطئ. روائح كريهة تنبعث بشكل يومي، وانتشار مرعب للبعوض والحشرات، لتتحول عطلة الأطفال إلى جحيم بيئي. هذا الوضع يتسبب في أمراض جلدية وحساسية وتنفسية خطيرة، سبق أن وثقتها تقارير صحية لمراكز طبية مجاورة، خاصة بين الأطفال الذين تتأثر أجهزتهم المناعية سريعًا.

كيف يمكن الحديث عن جودة مياه؟ عن بيئة آمنة؟ عن شاطئ نظيف؟ وشبكة الواد الحار تُصب في البحر على مرأى ومسمع من الجميع؟! تفاخر المسؤولون المحليون بداية يوليوز 2025 برفع “اللواء الأزرق” للمرة الـ19 على التوالي.

نعم، تسعة عشر عامًا من التتويج المتكرر، لكن ماذا عن الواقع؟ هل فحصت اللجان مياه البحر عند نقطة تصريف المياه العادمة؟ هل تم تفقد وضع الأطفال الذين يعانون من التهابات جلدية بعد السباحة؟

هل تم الاستماع إلى سكان الأحياء المجاورة الذين يعيشون يوميًا تحت حصار الروائح والبعوض؟ أم أن “اللواء الأزرق” مجرد شهادة شرف تُمنح بوساطة، وتُرفع في احتفالات موسمية؟ الحديث عن “التنمية” في بوزنيقة بات مهزلة موسمية. كل صيف يعود الزوار ليجدوا نفس المأساة: شاطئ ملوث، روائح تزكم الأنوف، مياه آسنة، أطفال مرضى، وصمت قاتل من الجهات المسؤولة. أين الجماعة المحلية؟ أين وزارة البيئة؟ أين مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة؟

أين الرقابة الدولية على “اللواء الأزرق”؟ إلى متى الصمت؟ من غير المعقول أن تستمر هذه الفضيحة البيئية في مدينة من المفترض أنها واجهة سياحية للمغرب. من غير المقبول أن تُمنح الأوسمة البيئية لشواطئ تسبح في النفايات.

ومن العار أن يُعرض أطفالنا للخطر في ظل غياب تام لأي محاسبة. بوزنيقة لا تحتاج لراية زرقاء تُرفع فوق الواقع، بل لمعالجة ميدانية حقيقية تُنقذ ما تبقى من بيئتها وسمعتها.

الصيف لن ينتظر، والأمراض لن ترحم، والأطفال لا يملكون صوتاً في ظل صمت الكبار. فمن يُجيب؟!

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي