جريدة البديل السياسي – بقلم الأستاذ جمال الغازي
الوطنية بين الإخلاص والتملق
الوطن ليس شعارا يرفع عند الحاجة، ولا بطاقة عبور نحو المناصب والمصالح، بل هو كيان حي يستمد وجوده من صدق أبنائه وإخلاصهم. الوطنية الحقة لا تُقاس بالتصفيق في المنابر ولا بالتزلف إلى السلطة، بل تُترجم في سلوك يومي قائم على التضحية والعمل الجاد، وعلى تغليب المصلحة العامة على الحسابات الشخصية.
المؤسف أن هناك من يحاول اختزال الوطنية في خطابات رنانة أو مواقف مسرحية، في حين يجعلها وسيلة لخدمة أجندات ضيقة أو مطامع شخصية. هؤلاء في حقيقة الأمر لا يخدمون الوطن، بل يسيئون إلى جوهر الوطنية، ويفرغونها من معانيها النبيلة التي بناها الشرفاء عبر التاريخ بعرقهم وتضحياتهم.
إن الوطنية التي نحتاجها اليوم ليست تلك الممزوجة بالتملق أو الملوثة بالأنانية، بل الوطنية التي تقوم على العمل الصادق، والإخلاص في كل موقع، والحرص على العدالة والكرامة والعيش الكريم للمواطن. فالمخلصون لوطنهم لا ينتظرون جزاء ولا شكورا، ولا يبحثون عن جاه أو كرسي، لأن ما يشغلهم حقا هو أن يظل الوطن قويا وعزيزا، وأن ينعم المواطن بحقه الكامل في حياة كريمة.
خدمة الوطن ليست حكرا على فئة أو منصب، بل مسؤولية مشتركة تبدأ من أداء الواجبات اليومية بصدق وأمانة، وتمتد إلى المشاركة الفاعلة في بناء مستقبل مشترك تسوده القيم الإنسانية الرفيعة.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى هذا الوعي العميق بالوطنية، وبهذه الروح الجامعة التي تجعل من حب الوطن ممارسة عملية لا مجرد كلمات. وفي النهاية، سيبقى الوطن محروسا بأبنائه الأوفياء، والله غالب على أمره، وهو نعم المولى ونعم النصير.
وتبقى وجهة نظر
جمال الغازي
تعليقات
0