جريدة البديل السياسي – ثدر شاشا
أنا، magazine الزراعة الذكية والمستدامة، والإنتاج الحيواني، والتكنولوجيا الحيوية، والزراعة المائية: أساس جديد لتقوية الفلاحة المغربية دينامية وتدبير البيئة بدر شاشا لم يعد بالإمكان الاعتماد على الطرق التقليدية في الفلاحة المغربية كما في السابق، فزمن المحراث الخشبي والاعتماد الكامل على الأمطار قد ولى، وجاء وقت العلم والتكنولوجيا لتقود نهضة فلاحية حقيقية. فالمغرب، بتضاريسه المتنوعة ومناخه المختلف من منطقة لأخرى، يملك ثروة طبيعية فريدة لكنها غير مستغلة بالشكل الذكي والفعال. وهنا تبرز أهمية أربع ركائز حاسمة، تمثل جوهر مستقبل الفلاحة المغربية: الزراعة الذكية والمستدامة، والإنتاج الحيواني البيطري، والتكنولوجيا الحيوية الزراعية، والزراعة المائية.
الزراعة الذكية ليست مجرد استعمال لأجهزة حديثة أو تطبيقات رقمية، بل هي فلسفة جديدة في إدارة الأرض والموارد، تجعل من كل قطرة ماء تُحسب، ومن كل متر مربع يُستثمر بأعلى مردودية ممكنة، وذلك اعتماداً على تقنيات الاستشعار عن بعد، وأنظمة الري بالتنقيط المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتحليل التربة باستخدام البيانات. فلا مجال بعد اليوم لزرع محصول لا يناسب طبيعة الأرض، أو هدر المياه على أراضٍ غير مهيأة.
هذه الزراعة الذكية توفر المال، وتحافظ على الماء، وتزيد من الإنتاجية، وتقلل التكاليف.
. أما الإنتاج الحيواني، فإنه يمثل العمود الفقري للأمن الغذائي، فمغربية المائدة لا تكتمل دون لحومها وحليبها ومنتجاتها المحلية. لكن تربية المواشي بالطريقة التقليدية صارت عبئاً لا مردود له، في ظل تغير المناخ وغلاء الأعلاف.
وهنا يظهر دور التكوين البيطري الجيد، وتطوير الأعلاف المحلية، والاعتماد على السلالات ذات الإنتاجية العالية والمقاومة للأمراض. يجب خلق مزارع ذكية تدمج بين الإنتاج الحيواني والزراعي، بحيث يُستفاد من مخلفات الأبقار كسماد طبيعي، وتُستغل المياه المستعملة بطريقة معالجة حديثة.
أما التكنولوجيا الحيوية الزراعية فهي بمثابة الثورة الخفية التي يمكن أن تحدث فرقاً جذرياً في الفلاحة المغربية، من خلال تطوير بذور مقاومة للجفاف والحرارة، وتحسين جودة التربة، واستخدام المكملات الحيوية التي تغني عن المبيدات والأسمدة الكيماوية التي تدمر البيئة وتكلف كثيراً. بل يمكن لهذه التكنولوجيا أن تصنع المغرب من الدول الرائدة في تصدير البذور والمركبات الزراعية الذكية، بدل استيرادها بثمن باهظ.
. والزراعة المائية أو ما يعرف بـ”الهيدروبونيك” فهي الحل العبقري أمام ندرة المياه وضيق المساحات الزراعية.
هي زراعة بدون تربة، تعتمد على دورة مياه مغلقة ومراقبة بدقة، وتنتج خضروات عالية الجودة في وقت قصير، وبكمية أقل من المياه بنحو 90% مقارنة بالطرق التقليدية. هذه الزراعة تصلح للمدن، للأسطح، للمناطق القاحلة، بل وحتى للمدارس كمختبرات تعليمية.
ويمكن أن تُشغل الشباب وتخلق آلاف المشاريع الصغيرة ذات المردودية العالية. كل هذه الركائز مجتمعة تمثل مشروعاً وطنياً يجب أن يُوضع في صلب السياسة الفلاحية الجديدة.
لا يكفي دعم الفلاح بالسماد أو الحبوب، بل يجب دعمه بالعلم، بالتكوين، بالابتكار، وبخلق جيل جديد من الفلاحين المتعلمين الذين يتقنون التكنولوجيا كما يتقنون الأرض. ويجب على الجامعات والمعاهد أن تخرج من نظرياتها الباردة إلى أرض الواقع، بخلق شراكات مباشرة مع الفلاحين، وتحويل القرى إلى مختبرات تطبيقية حيّة.
إن تقوية الفلاحة المغربية لا تأتي بالشعارات، بل بالإيمان بأن المستقبل للفلاحة الذكية، وللعقول التي تحترف العمل في الحقل بنفس احترافيتها أمام الحاسوب. وهذا ما سيجعل من المغرب قوة فلاحية حقيقية، تزرع لنفسها مستقبلها، وتحصد الكرامة والازدهار لأبنائها.
تعليقات
0