جريدة البديل السياسي |روبورتاج و تحقيق

 الثالوث المسيطر في رسم الخريطة السياسية باقليم تاونات..( الخرافة، والمال والكيف) ا

الكيف

 

عبن على الهامش

الثالوث المسيطر في رسم الخريطة السياسية باقليم تاونات..( الخرافة، والمال والكيف)

 

لمعرقة طبيعة العلاقات الانسانية التي تحدد معالم الكائن البشري فوق النطاق الترابي لإقليم تاونات، لابد من الاستعانة ببعض الدراسات السوسيولوجية والنظريات المعرفية التي سلطت الضوء على دراسة الانسان كظاهرة معقدة، يتداخل في تحليله الجانب السيكولوجي مع المعطى الثقافي، في تلاقح تام مع المحدد الديني، الذي يعتبر ضابطا من ضوابط التنشئة الاجتماعية، حيث يقول نيكولا ماكيفيللي في كتابه الأمير، “يجب على الدولة تكريس الدين كمعطى أساسي في العلاقات الانسانية، بل واجب على الامير استغلاله لتهذيب المعاملات البشرية، حتى يسهل السيطرة عليهم”، رغم أن كارل ماركس له موقف مغاير من الدين الذي يعتبره “أفيون الشعوب”..

غير أن النخبة السياسية والسلطة المحلية بتاونات اجتهدت، وكرست أعرافا وممارسات اتخدت حلة طقوس ألبسوها رداء الجهل والامية، مستغلين الفقر والحاجة ليسود المال في رسم سلوكيات المواطن العادي، الذي أصبح مقيدا بممارسات ساهم فيها فاعل طبيعي سيطر على النخبة والشباب في نفس الان. فكيف ذلك؟

لفهم ملامح التفكير الانسان التوناتي، وعلاقته مع النخب المدبرة للشأن المحلي بالاقليم، لابد أن نلقي نظرة موجزة على أهم الافكار التي جاء بها المفكر الكبير عبدالجابري، حين سلط الضوء على بنية العقل العربي التي تحتل فيها الخرافة أهم مرتكز في التحليل الموضوعي، التي تسيطر على المخيال الجمعي للانسان العربي، ومن تم تحدد السلوك البنيوي للفرد، انطلاقا من تراكمات حددتها التنشئة عبر كل المستويات التلقين، بدء من المسيد، مرورا من المدرسة، ثم الاعلام والمجتمع..فكيف نعكس هذه النظرية على فهم المحددات السوسيوثقافية للانسان القاطن باحدى الجغرافيا التى تكالب عليها الاستعمار والنخبة الانتهازية مع الجهل والخرافة بمقدمة جبال الريف..!!

  • *المحدد الاول: الخرافة أخطر فيروس زرعه الاستعمار قبل خروجه من المغرب هو تكريس “الخرافة” كعقيدة ثقافية يستغلها بعض الساسة بالاقليم كسيف اقليدس يسيطرون بها على عقلية القطيع، حتى يسهل اقتياده وتوجيهه، حيث يريدون بدون مقاومة ولا ارادة الاختيار..
  • اذ يقول بول باسكون في دراسته للسوسيولوجيا القروية، متسائلا كيف يتم تغييب العقل والادراك على شريحة مهمة من الناس، عبر تكريس بعض الممارسات الهجينة التي لاتخضع للعقل والمنطق استنادا على سلوك المنطق الخرافي، هذا بالفعل ما يحدث باقليم تاونات الذي وقع ضحية مجموعة من المنظريين لمنطق التخلف، حين اعتبروا الخرافة كمحدد سوسيوثقافي لترويض العقل البشري من خلال عدة أليات محبوكة: سياسة الاضرحة والزوايا، نعم هذه وسيلة فعالة اثبتت جدارتها وأعطت أكلها في السيطرة على عقول الطبقة الكادحة، وذوي النيات المغلوب على أمرهم، حيث يتم الحجر على العقول وتشجيع الاموات الذين يعطى لهم مكانة خارقة في عقول البلهاء عبر تقديس ما اسموهم “بالشرفاء”..سيدي بوزيد.. سيدي احمد قلابو..
  • مولاي بوشتى الخمار..للاة هيبة, لالة منصورة، سيدي محمد السفياني..والقائمة طويلة من السادة الاموات، وتكريس ثقافة زيارة الاضرحة والزوايا لاخذ البركة والهبة والسعد..
  • وغيرها من الطرهات التي عششت في عقول الانسان التوناتي، حتى اصبح يقدسها باعاز وتشجيع من السلطة. وفي استغلال فاضح لتلك الطقوس للسيطرة على السواد الاعظم من الناس ككتلة ناخبة، يتم استغلالها في السياسة..
  • * المحدد الثاني: المال الوسخ: صدق سيدنا عمر حينما قال: كاد الفقر أن يكون كفرا، لان الحاجة تجعل الانسان يفقد انسانيتة احيانا، ويصبح المال فاعل استراتيجي في نسج المعاملات الانسانية، هنا لا أتحدث عن المال كعنصر من عناصر القوة الاقتصادية، بل سأركز على المال كأداة من أدوات الهيمنة الطبقية كما تطرق له ماركس في كتابه “الرأسمال”.
  • حيث يصبح كموجه سلبي يفقد الانسان انسانيته، ويتم توظيفه في امور تعرقل فيها العملية الديمقراطية برمتها، اذا لم يتم ضبطه بأدوات قيمية تجعل الانسان، يحافظ على كينونته الادمية، والا ستطغى الهواجس المادية على العوامل القيمية…في هذا السياق، اصبحت سلطة المال فاعلا أساسيا في التفاعلات البشرية، خاصة حين تتم العملية في ملعب السياسة..
  • هنا يستشري الفساد، ويصعد مؤشر قياس الرشوة، ويصبح الانسان سلعة تباع وتشترى، حيث المال لا يصنع الانسان، بل يسلب المواطن التاوناتي ارادته ويجعله لقمة صائغة في فم أباطرة أصحاب “الهمزة”، الذين يستغلون كل كبيرة وصغيرة في رسم الخريطة الانتخابية التي تجعل من المواطن مجرد رقم يسهل تصنيفه، بل مجرد صوت انتخابي يباع ويشترى في بورصة الانتخابات..باستعمال المال المتسخ لتغيير موازين القوى بالاقليم.. *المحدد الثالث: تأثير “الكيف” في رسم الخريطة السياسية بالاقليم تساهم جغرافية مدينة تاونات في اختيار النمط الاقتصادي، نظرا لطبيعة التضاريس، وغيرها من العوامل الطبيعية التي تجعل عشبة “القنب الهندي” تتسيد على عرش النبتة المباركة التي حيرت عقول كبار الفنانين العالميين، أمثال بوب مارلي، وابرايين أدمز، وغيرهما من كبار الساسة، كفدييل كاسترو..
  • انها كتامة التي صنعت لها مجدا فاق صداها كل الحدود والثقافات، والاجناس من كل بقاع العالم..
  • لكن عشبة القنب الهندي بمدينة تاونات، تقمصت دور الواعظ الذي يوزع صكوك الغفران على “المبليين” كضحايا عمل فيهم الكيف عملته، وشرد خيرة الشباب من خلال تعاطيهم للعشبة التي خلقت لهم عالما ليس كباقي العوالم العادية، بل سيطرت على بوصلتهم ، وافقدتهم الوعي والادراك، حتى أصبح مفعولها السلبي لا يقل عن مفعول “الخرافة” التي فصلنا فيها أعلاه، وكيف أصبحت تبنج عقول الشباب، بدون سابق انذار ومع سبق الاصرار طو الترصد.. ومن جهة اخرى، هناك استثمار اخر “للعشبة المباركة”، من طرف أباطرة التجارة العابرة للحدود والعقول..يتعلق الامر باسكوبارات المنطقة، الذين أسسوا كيانا تربعوا على عرشه، بفعل تقنين القنب الهندي.
  • حيث تم السيطرة على مجريات الاقتصاد المحلي الذي تساهم العشبة في صياغة ورسم الخريطة السياسية بالاقليم، كل ذلك يتم في تناسق محبوك مع النخب المحلية التي وظفت الكيف كألية ميزانياتية لفبركة الواقع، وصناعة عالم مغلوق على نفسه، ومفتوح على سيناريوهات انتخابية مغيرة للخريطة السياسية التي تستعصي على الفهم والتصنيف..!!
  • كفانا من استحمار المواطن، واستصغار عقولنا، لا يمكن الرهان على الخرافات والترهات لبناء مستقبل الناشئة، بل يستوجب التركيز على العلم والمعرفة، والقطع مع كل أشكال الخضوع والخنوع الذي يرهن حاضر ومستقبل اقليم تاونات، ويضعه في أيدي غير امنة، فلنرتقى قليلا رحمكم الله!! ونشجع ثقافة البناء والتشييد عوض أفكار الهدم والتحنييط..!!

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي