جريدة البديل السياسي |كتاب وآراء

استغلال أسماء الأولياء الصالحين للاستيلاء على العقارات.. حين يتحول الدين إلى مطية للسطو.

541151669_798647555966085_4484820956444909702_n

جريدة البديل السياسي – بقلم :محمد الحدوشي .

من الظواهر التي تشهدها بعض المناطق بالريف خاصة والمغرب عامة، بروز محاولات للاستيلاء على أراضي جماعية أو فردية تحت غطاء الأولياء الصالحين .

إذ يلجأ بعض الأشخاص إلى ادعاء النسب إلى أحد الصلحاء المدفونين في المنطقة، متسلحين بخبرة قانونية أو بشبكة علاقات تمكّنهم من تحريك مساطر التحفيظ العقاري، حتى ولو كان ذلك على حساب حقوق عائلات توارثت الأرض جيلاً بعد جيل.

هذه الممارسات تنبني على استغلال الذاكرة الشعبية وما تحمله من قداسة للولي أو الصالح، حيث يمنح الأهالي في فترات سابقة قطعة أرض صغيرة للولي بغرض التبرك أو إقامة ضريح، لكن سرعان ما تتحول تلك المبادرة الرمزية إلى ذريعة للمطالبة بمئات الهكتارات.

ويجد السكان أنفسهم أمام خصوم بارعين في قراءة النصوص القانونية، قادرين على استغلال ثغرات المساطر الإدارية، في وقت يعجز فيه أغلب المتضررين عن مجابهتهم لضعف الوعي القانوني والأمية المنتشرة بينهم.

هذا بالضبط ما وقع في قبيلة بني سعيد بقيادة أمجاو بإقليم الدريوش، حيث يعيش دوار إشمرارن حالة توتر غير مسبوقة، بعدما شهد محاولات ممنهجة من مجهولين للاستيلاء على أراضي الأهالي وتحفيظها باسم أحفاد ولي صالح مزعوم.

ورغم أن الساكنة تمتلك وثائق تثبت أحقيتها في الملكيات، فإنها وجدت نفسها أمام خصوم يحاولون تسخير قوة النفوذ و التأويل غير المنصف للتاريخ لتحقيق أطماعهم.

إن خطورة الظاهرة تكمن في الجمع بين التلاعب بالدين والتحكم في المساطر العقارية، ما يجعل الضحايا في موقف صعب: فمن جهة يُتهمون بمواجهة ولي صالح بما يحمله ذلك من حساسية دينية واجتماعية، ومن جهة أخرى يُجردون من أراضيهم بفعل حجج وادعاءات يصعب عليهم تفنيدها أمام القضاء أو أمام مصالح المحافظة العقارية.

ولعلّ أبرز ما يكشف عن عمق المشكلة هو أن النزاعات من هذا النوع غالباً ما تستمر سنوات طويلة، تولّد احتقاناً اجتماعياً، وتزعزع الثقة في العدالة العقارية، كما تهدد استقرار الساكنة وتماسكها.

وهو ما يجعل السلطات مطالبة اليوم بتشديد المراقبة على ملفات التحفيظ المرتبطة بمثل هذه المزاعم، وضمان حماية حقوق السكان التاريخية، خاصة في القرى والمناطق المهمشة.

إن استغلال أسماء الأولياء الصالحين للسطو على العقارات ليس سوى شكل من أشكال التحايل على القانون، يختلط فيه النفوذ الاجتماعي بالذكاء القانوني على حساب البسطاء.

ومواجهته تقتضي نشر الوعي العقاري لدى المواطنين، وتوفير مواكبة قانونية حقيقية للأميين، حتى لا تتحول قداسة الذاكرة الشعبية إلى وسيلة للسطو على التاريخ والأرض معاً.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي