البديل الوطني

 ” إقليم سيدي بنور : “المستشفى الإقليمي بسيدي بنور: حالة من الفوضى والإهمال تكشف حجم الكارثة الصحية

جريدة البديل السياسي

في مشهد درامي يعكس تدهورًا كارثيًا في القطاع الصحي، تجمّع اليوم العشرات من المواطنين والناشطين من المجتمع المدني في وقفة احتجاجية أمام المستشفى الإقليمي بسيدي بنور.

الوقفة لم تكن مجرد تعبير عن الغضب، بل كانت صرخة مستغيثة تنبع من معاناة يومية يعانيها المواطنون بسبب الإهمال الكبير الذي يعيشه هذا المرفق الحيوي. المستشفى، الذي من المفترض أن يكون ملاذًا للمرضى، بات يشكل مصدر قلق وهلع لكل من يطرق أبوابه بحثًا عن العلاج. غياب الأطر الطبية والتمريضية: هل أصبح المستشفى مجرد واجهة؟

منذ الوهلة الأولى، يبدو أن المستشفى الإقليمي بسيدي بنور يُقدّم نفسه بمبانيه الكبيرة وواجهته التي توحي بأنه منشأة طبية متطورة، لكن ما إن تدخل إلى قسم الطوارئ أو أي من الأقسام الأخرى حتى تواجه واقعًا مريرًا. الأقسام الطبية تعاني من غياب الأطباء المتخصصين بشكل شبه دائم، وتكتظ غرف المستشفى بالمرضى الذين يئسوا من انتظار الفرج.

كثير من الأحيان، لا تجد سوى ممرضين قليلين يعملون تحت ضغط هائل، دون أي دعم أو إشراف من أطباء متخصصين.

الأمر لا يقتصر فقط على غياب الأطر الطبية، بل يمتد أيضًا إلى نقص كبير في الأدوية والمعدات الطبية التي لا تكاد تكفي لتلبية احتياجات المرضى

. الطبيب الوحيد في المستشفى: “سيد الكورتيكويد” أما قسم المستعجلات، فالقصة فيه أبشع. حين تطأ قدماك هذا القسم، تكون قد دخلت في عالم آخر، حيث الطبيب الوحيد الذي يتواجد في الغالب لا يعير المرضى الاهتمام الذي يستحقونه.

المريض الذي يأتي بحثًا عن علاج سريع في حالة طارئة، غالبًا ما يجد نفسه أمام “تشخيص” يعتمد على العلاج الذي لا يتعدى كونه حقنة للكورتيكويد. هذه الحقنة التي قد تخفف من الألم مؤقتًا، لكنها لا تعالج المرض أصلًا، مما يثير تساؤلات حول سبب هذا التصرف غير المهني

. حتى في الحالات التي تتطلب فحصًا دقيقًا أو تشخيصًا طبيًا شاملاً، يبدو أن الطبيب ليس في موضع اتخاذ القرار الطبي الصائب.

بدلاً من تقديم تشخيص دقيق أو إجراء فحوصات ضرورية، يقتصر عمل الطبيب على إعطاء حقنة قد تساهم في “تسمين” المرضى، وتخفيف الألم لحين مغادرتهم المستشفى دون أن يعلموا حقيقة ما يعانون منه. المعدات المعطلة: هل تحولت المستشفى إلى مرفق مهمل؟

ولم تكن المشاكل تقتصر على نقص الأطباء، بل امتدت إلى المعدات الطبية، التي تُعد أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل المستشفى عاجزًا عن تقديم خدمة طبية فعالة.

العديد من الأجهزة الطبية قديمة أو معطلة، منها ما هو في حالة يرثى لها، ويظل حبيس المخازن دون أي صيانة أو تحديث.

في الحالات الطارئة، يُكتشف أن العديد من الأجهزة لا تعمل، مما يضطر الطاقم الطبي في كثير من الأحيان إلى استخدام أدوات بديلة أو حتى اللجوء إلى طرق يدوية في ظل غياب الأجهزة المناسبة.

المصحات الخاصة: هل هي الحل البديل؟ في ظل هذا الوضع المأساوي، بدأ المواطنون يتوجهون بشكل متزايد نحو المصحات الخاصة، التي رغم ارتفاع تكاليفها، توفر لهم العلاج الذي يفتقدونه في المستشفى الإقليمي.

لكن المفارقة هي أن هذه المصحات الخاصة، رغم أنها تقدم خدمات طبية أفضل، إلا أنها لا تحل أصل المشكلة؛ فالعلاج في القطاع الخاص يعد عبئًا على المواطن الذي بالكاد يستطيع تحمل نفقات العلاج، مما يطرح تساؤلات عن سياسة الرعاية الصحية في الإقليم ككل.

كارثة صحية تتطلب تدخلًا عاجلًا إن الوضع الذي يعيشه مستشفى سيدي بنور ليس مجرد نقص في الموارد البشرية والمعدات، بل هو أزمة صحية حقيقية تتطلب تدخلاً سريعًا من السلطات المعنية.

لا يمكن أن يستمر الوضع على هذا النحو، حيث يواجه المواطنون خطرًا حقيقيًا على حياتهم بسبب الإهمال الذي يشهده هذا المرفق. فالعدالة الصحية تقتضي توفير الرعاية الصحية اللازمة لكل فرد من أفراد المجتمع، بغض النظر عن وضعه الاجتماعي أو الاقتصادي.

من غير المقبول أن يظل المستشفى الإقليمي في سيدي بنور يتخبط في هذا الوضع المأساوي. يجب أن تُتخذ إجراءات جادة لإصلاح الوضع، بدءًا من توفير الكوادر الطبية المتخصصة وتحديث المعدات، وصولًا إلى رفع مستوى كفاءة الأطباء والممرضين الذين يُفترض أن يكونوا في خدمة المواطنين وليس مصدرًا آخر لمزيد من المعاناة.

. ختامًا، يبقى السؤال الأهم: هل سيتحرك المسؤولون لإنقاذ ما تبقى من سمعة القطاع الصحي في سيدي بنور، أم سيظل المستشفى الإقليمي يواصل دوره في تقويض صحة وسلامة المواطنين؟

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار