الجماعات الترابية

إقليم سيدي بنور : أزمة التسيير بجماعة بني تسيريس: انسحاب الأعضاء يكشف عن مشاكل عميقة في إدارة الشأن المحلي

 جريدة البديل السياسي- نورالدين عمار 

في تطور مثير، شهدت جماعة بني تسيريس يوم 6 فبراير 2025، انسحاب 13 من أصل 19 عضوًا من المجلس الجماعي، احتجاجًا على ما وصفوه بسوء التسيير والانفراد بالقرارات من قبل رئيس المجلس.

هذه الحادثة تفتح الباب واسعًا لمناقشة أزمة حقيقية في تسيير شؤون الجماعة، حيث أصبحت هذه التصرفات نقطة خلاف حادة بين رئيس المجلس وأعضاءه، مما يهدد سير العمل الجماعي ويعطل مصالح المواطنين.

الاحتجاجات: خلفيات ومسببات بدأت القصة مع الدورة العادية لشهر فبراير 2025، حيث وُجهت الدعوات لعقد الجلسة دون إرفاق الوثائق الضرورية التي توضح النقاط المدرجة في جدول الأعمال، وهو ما اعتبره الأعضاء خرقًا صارخًا للضوابط القانونية المعمول بها.

وكانت النقاط المثيرة للجدل تشمل برمجة الفائض المالي للسنتين 2024 و2025، بالإضافة إلى قضايا أخرى تخص مشاريع التنمية مثل الربط بالماء الصالح للشرب وتأهيل الطرق.

وهذا التصرف من الرئيس جعل الأعضاء يشعرون بأنهم يتم إقصاؤهم من المشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات، وهو ما دفعهم إلى اتخاذ قرار الانسحاب الجماعي.

هذه الأزمة لم تكن وليدة اللحظة، فقد اتهم الأعضاء الرئيس مرارًا بالتسيير الانفرادي والتعطيل المتعمد للعمل الجماعي، خصوصًا بعد أن فشل رئيس لجنة الميزانية في أداء مهامه بسبب عدم تزويده بالوثائق الضرورية التي يحتاجها لدراسة الفائض المالي للسنة المالية 2024 و2025.

من جهتها، أشارت المعارضة إلى أن هذه الممارسات تتناقض مع المبادئ القانونية التي تضمن شفافيتها وعدالتها.

المنظومة القانونية: هل هناك تجاوزات؟ التساؤلات القانونية تطرح نفسها هنا. فالقانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات المحلية ينص على ضرورة تسيير شؤون الجماعة بمشاركة جميع الأعضاء، ويؤكد على مبدأ التعاون بين الرئيس وبقية الأعضاء في اتخاذ القرارات.

كما أن الميثاق الجماعي (القانون 78.00) يحدد حقوق وواجبات كل عضو، ويُعطي آليات قانونية للتعامل مع غياب التعاون داخل المجلس. في حالة استمرار تصرفات الرئيس على هذا النحو، يُمكن أن تُفتح أبواب التحقيقات، بل وحتى اتخاذ إجراءات قانونية قد تصل إلى عزله في حال ثبتت مخالفاته.

أيضًا، الظهير الشريف رقم 1.15.85 يتيح للسلطات المحلية التدخل في حالة وجود تجاوزات من قبل الرئيس أو أي من الأعضاء، وهو ما يعني أن هناك إمكانية للتدخل من قبل وزارة الداخلية في حال استمرار هذه الخروقات. أزمة التسيير: انفراد بالقرارات وعواقب وخيمة التحديات التي يواجهها المجلس الجماعي لبني تسيريس ليست جديدة.

فالرئيس الذي تولى منصب الرئاسة بعد أن كان كاتبًا للمجلس قبل انتخابه، فشل في تنفيذ مشاريع التنمية منذ توليه المنصب في 2022. وهو ما أثار انتقادات واسعة من الأعضاء الذين اعتبروا أن الجمود الإداري يعرقل تحقيق مطالب السكان في مجالات أساسية مثل الماء الصالح للشرب وتطوير البنية التحتية.

العديد من الأعضاء، خلال الاجتماعات السابقة، أشاروا إلى غياب التنسيق بين الرئيس وبقية الأعضاء، مما يعطل سير المشاريع الضرورية.

وقد انعكس هذا الانعدام في التعاون سلبًا على أداء المجلس، الذي عجز عن اتخاذ قرارات هامة لصالح المواطنين. الخطوات القادمة: هل سيستمر التصعيد؟ حسب مصادر مطلعة، فإن انسحاب الأعضاء من الجلسة ليس إلا بداية لمجموعة من الإجراءات القانونية التي قد يتخذها الأعضاء في المستقبل.

من المتوقع أن يتم إرسال مراسلات إلى عمالة الإقليم ومفتشية وزارة الداخلية، مطالبين بزيارات تفقدية للجماعة لتقييم الوضع الداخلي.

حيث يرى الأعضاء أن التدخلات الخارجية قد تكون ضرورية لضمان إدارة سليمة وتفعيل المشاريع المتوقفة. إضافة إلى ذلك، قد يتصاعد النزاع بين الرئيس وبقية الأعضاء، مما قد يؤدي إلى تدخل السلطات المحلية أو وزارة الداخلية، وفقًا لما تنص عليه القوانين في حالة فقدان الثقة أو وجود خروقات كبيرة في التسيير.

قد يُتخذ قرار فتح تحقيقات أو حتى اتخاذ إجراءات استثنائية تشمل إقالة الرئيس في حال استمر الوضع على ما هو عليه.

التوقعات المستقبلية: تدخل الجهات المعنية مع تصاعد الاحتجاجات والمطالبات بتغيير طريقة التسيير، فإن الجدل داخل جماعة بني تسيريس قد يضع السلطات المحلية في موقف يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة.

هناك احتمال كبير بأن تتدخل وزارة الداخلية أو مصالح المفتشية من أجل تقويم الوضع وضمان سير الأمور في مسارها الصحيح.

ومن المتوقع أن تكون الفترة القادمة حاسمة، حيث ستسعى الجهات المعنية إلى إيجاد حلول توافقية في حال أراد الجميع تجنب تعميق الأزمة. الخلاصة: إلى أين ستتجه الأزمة؟

في خضم هذه الأزمة، تبدو جماعة بني تسيريس أمام مفترق طرق. بين إمكانية تحسن الأوضاع من خلال تدخل الجهات المعنية وتعاون جميع الأطراف، وبين تصعيد الخلافات التي قد تؤدي إلى تعطيل العمل الجماعي والمساس بمصالح المواطنين.

يبقى السؤال مطروحًا: هل سيستطيع المجلس تجاوز هذه العقبات واستعادة توازنه؟

أم أن هذه الأزمة ستظل مستمرة وتستدعي تدخلًا قانونيًا استثنائيًا لضمان تحقيق العدالة والتنمية في المنطقة؟

في النهاية، ما يحدث في بني تسيريس يُعد نموذجًا حيويًا للأزمة التي قد تواجه العديد من الجماعات المحلية في المغرب إذا استمر غياب الشفافية والتعاون بين المسؤولين، وهو ما يهدد الاستقرار المحلي ويعرقل تنفيذ مشاريع التنمية الأساسية.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار