قضايا المجتمع

إشكالية التشغيل في المغرب: بين سوق الشغل والمواد المدرسة وهيكلة التعليم العالي كحل أساسي بدر شاشا 

بدر شاشا – جريدة البديل السياسي

 

يعد التشغيل من بين أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد المغربي، حيث يعاني الشباب، خاصة خريجي الجامعات، من صعوبات كبيرة في الاندماج داخل سوق الشغل ورغم أن الدولة أطلقت العديد من البرامج لدعم التشغيل، إلا أن الفجوة بين التكوين الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل لا تزال واسعة، مما يفاقم أزمة البطالة في صفوف الشباب في هذا السياق، يصبح إصلاح قطاع التعليم العالي ومواءمته مع احتياجات سوق الشغل ضرورة حتمية لضمان ولوج سلس للخريجين إلى عالم الشغل والمساهمة في التنمية الاقتصادية

 

إشكالية سوق الشغل في المغرب: بين الطلب والعرض

 

يعاني سوق الشغل المغربي من اختلالات هيكلية تجعل من الصعب تحقيق توازن بين العرض والطلب فمن جهة، نجد أن عدد الخريجين الذين يلتحقون بسوق العمل سنويًا في تزايد مستمر، لكن من جهة أخرى، يظل الطلب على الوظائف محدودًا بسبب ضعف النمو الاقتصادي، وتباطؤ الاستثمار في القطاعات الإنتاجية كما أن عددا كبيرا من المقاولات تبحث عن كفاءات متخصصة لا توفرها الجامعات المغربية، مما يدفعها إلى تقليص عروض العمل أو الاعتماد على الكفاءات الأجنبية في بعض الحالات

 

التعليم الجامعي في مواجهة تحديات التشغيل

 

يمثل التعليم العالي أحد المحاور الرئيسية في معادلة التشغيل، إلا أنه يعاني من عدة إشكالات تعيق قدرته على تزويد سوق الشغل بالكفاءات المطلوبة من أبرز هذه المشاكل نجد

 

عدم مواءمة البرامج الدراسية مع متطلبات سوق الشغل: حيث إن العديد من الشعب الجامعية تعتمد على مناهج نظرية بعيدة عن الواقع المهني، مما يجعل الخريجين غير مهيئين لسوق العمل

 

ضعف التكوين التطبيقي: إذ تفتقر الجامعات المغربية إلى برامج تدريبية فعالة تمكن الطلبة من اكتساب المهارات المهنية اللازمة قبل التخرج

 

غياب التوجيه المهني المبكر: مما يؤدي إلى اختيارات دراسية غير مدروسة تجعل نسبة كبيرة من الخريجين يجدون أنفسهم في تخصصات غير مطلوبة في السوق

 

 

برامج دعم الشباب بين النجاح والنقص في الفعالية

 

أطلقت الدولة العديد من البرامج لدعم تشغيل الشباب، مثل برنامج “انطلاقة” لدعم المقاولات الصغرى، وبرنامج “أوراش” لتشجيع العمل المؤقت إلا أن هذه المبادرات لم تحقق الأثر المطلوب بسبب عدة عوامل، منها ضعف المواكبة، البيروقراطية في الحصول على التمويلات، ونقص الإرشاد والتكوين المسبق لإنجاح المشاريع الناشئة

 

نحو هيكلة جديدة لقطاع التعليم العالي كحل رئيسي

 

لحل مشكلة التشغيل، لا بد من إصلاح عميق لمنظومة التعليم العالي عبر مجموعة من الإجراءات التي تضمن تكوينًا يتماشى مع متطلبات السوق، وأهمها

 

إدماج التكوين المهني داخل الجامعات: من خلال إحداث مسارات مهنية داخل التخصصات الجامعية وإلزام الطلبة بفترات تدريبية ميدانية طويلة

 

تعزيز الشراكة بين الجامعات والمقاولات: لتحديد حاجيات السوق وتصميم تكوينات تتماشى مع المتطلبات الحقيقية للقطاعات الاقتصادية

 

إصلاح نظام التوجيه الجامعي: عبر توجيه الطلبة نحو الشعب الأكثر طلبًا في سوق الشغل، خاصة في المجالات التقنية والرقمية

 

تشجيع ريادة الأعمال داخل الجامعات: من خلال إحداث حاضنات أعمال جامعية، وتمكين الطلبة من الدعم المالي والتقني لتطوير مشاريعهم الخاصة

 

إدخال مقررات جديدة تركز على المهارات الشخصية والمهنية: مثل التفكير النقدي، العمل الجماعي، والتواصل، لتمكين الطلبة من التكيف مع بيئة العمل

 

 

ضرورة إصلاح شامل لتحقيق تشغيل مستدام

 

إن أزمة التشغيل في المغرب ليست فقط مشكلة اقتصادية، بل هي انعكاس لاختلالات في منظومة التعليم والسياسات العمومية ولضمان مستقبل مهني ناجح للشباب المغربي، يجب العمل على إصلاح قطاع التعليم العالي ليصبح أكثر ارتباطًا بسوق الشغل، مع تعزيز برامج دعم الشباب وجعلها أكثر فعالية فالتشغيل ليس مجرد توفير وظائف، بل هو بناء منظومة تعليمية واقتصادية متكاملة تضمن اندماجًا حقيقيًا ومستدامًا للشباب داخل النسيج الاقتصادي الوطني

 

 

 

Le sam. 1 mars 2025 à 13:17, Ressources Rh <rh.rhbadr@gmail.com> a écrit :

المخطط الأخضر المغربي: نجاح في عهد أخنوش وإشكالات في فترات لاحقة تستوجب إعادة الهيكلة

بدر شاشا 

شكل المخطط الأخضر المغربي نقطة تحول كبيرة في القطاع الفلاحي بالمملكة، حيث أطلق بهدف تحديث الفلاحة، تحسين الإنتاجية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الصادرات وقد كان لعزيز أخنوش، خلال قيادته لوزارة الفلاحة، دور محوري في تنزيل هذا المخطط، مما أدى إلى تحقيق مجموعة من النجاحات على مستوى الإنتاج الزراعي، تحديث تقنيات الري، وتشجيع الاستثمار في المجال الفلاحي لكن بعد مغادرته للوزارة، بدأت تبرز مجموعة من الإشكالات التي أثرت على استمرارية المخطط بنفس الوتيرة، مما يطرح اليوم ضرورة إعادة هيكلة القطاع، خصوصًا في مجالات الإنتاج الحيواني، الفلاحة، الأعلاف، والخضر والفواكه، مع تعزيز الرقمنة والتتبع لضمان الاستدامة والنجاعة

 

مرحلة ما بعد أخنوش: أين تكمن الإشكالات؟

 

بعد خروج أخنوش من وزارة الفلاحة وتولي وزراء آخرين هذا القطاع، بدأت تظهر تحديات جديدة جعلت بعض المكاسب التي تحققت خلال المخطط الأخضر تتراجع، ويمكن تلخيص الإشكالات الكبرى في عدة محاور رئيسية

 

أولًا، ضعف الاستمرارية في تنزيل المشاريع الهيكلية، حيث إن غياب رؤية موحدة بين الوزراء المتعاقبين جعل بعض المشاريع تعاني من البطء أو حتى التوقف وهو ما انعكس على قطاعات مثل سلاسل الإنتاج الحيواني وتطوير الزراعة الذكية ثانيًا، تراجع الاهتمام بتطوير منظومة الأعلاف، إذ يعاني المربون والفلاحون من ارتفاع الأسعار وانخفاض الدعم الموجه لهذا المجال مما أثر بشكل كبير على إنتاج اللحوم والألبان ثالثًا، ضعف الرقمنة والتتبع، حيث لم تتم مواكبة التطور التكنولوجي بشكل كافٍ لضمان استدامة الإنتاج ومكافحة الأزمات المناخية والمائية التي أصبحت أكثر تأثيرًا

 

إعادة هيكلة القطاع الفلاحي: ضرورة ملحة وليس خيارًا

 

إن الحل اليوم يكمن في إعادة هيكلة القطاع وفق رؤية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع الاختلالات التي ظهرت بعد فترة أخنوش، وهو ما يستوجب اتخاذ إجراءات جريئة وعملية أولها تعميم الرقمنة في القطاع الفلاحي، من خلال استخدام التكنولوجيا في تتبع الإنتاج، توزيع الموارد، ورقمنة المعاملات لضمان الشفافية والفعالية ثانيها دعم الإنتاج الحيواني من خلال وضع سياسات أكثر نجاعة في دعم الأعلاف، تحسين سلالات المواشي، وضبط أسواق اللحوم ومنتجات الألبان ثالثها تعزيز الفلاحة المستدامة عبر تحفيز الفلاحين على استخدام تقنيات حديثة في الري والزراعة لمواجهة التغيرات المناخية وتقليل هدر الموارد الطبيعية وأخيرًا، لا بد من إصلاح منظومة الأسواق والتصدير لضمان استقرار الأسعار محليًا وتحقيق تنافسية أكبر في الأسواق العالمية

 

المغرب أمام تحدي استدامة مخططه الفلاحي

 

لا يمكن إنكار أن المخطط الأخضر شكل نقلة نوعية في القطاع الفلاحي، لكنه اليوم يحتاج إلى إصلاحات جوهرية لضمان استدامته وتحقيق الأهداف التي وضع من أجلها وإذا لم تتم معالجة الإشكالات التي ظهرت بعد مغادرة أخنوش للوزارة، فقد يجد المغرب نفسه أمام أزمة غذائية واقتصادية تؤثر على الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي لذلك، فإن إعادة هيكلة هذا القطاع لم تعد مجرد خيار، بل أصبحت ضرورة استراتيجية تستوجب تحركًا سريعًا ومنهجيًا

 

 

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار