جريدة البديل السياسي |البديل الاقتصادي

الهنديه تلامس سقف 60 درهم للكيلو…. مخططات اخنوش اكثر وخزا من أشواكها.

images (15)

 فؤاد جوهر –جريدة البديل السياسي .

قبل سنوات فقط كانت فاكهة “الهندية” تقطف بالمجان من تلال البوادي وتحمل منها الأكياس والصناديق دون حساب، وتوزع على الجيران والاحباب، وحتى الماره كرما أو حتى بدافع الخجل من تركه يفسد فوق أشواكه.

وفي الأسواق المغربية، اليوم وأبرز “المارشيات”، لامست الهندية أو فاكهة الفقراء 60 درهم للكيلو، متجاوزة أجود المنتوجات الصيفية بأضعاف بعدما كان دلو مملوء عن آخره لا يتعدى 10 دراهم. في مغرب “المخطط الأخضر” الذي وعدوا فيه الفلاح بالرفاه، والمستهلك بالاكتفاء، تحول التين الشوكي من رمز شعبي للمجانية والوفرة، إلى منتج نحبوي يعرض على موائد الأغنياء بأسعار تقارب سعر اللوز والتمر. واللافت أن هذا التحول لم يأت نتيجة تطوير في الجودة أو التحويل الصناعي، بل فقط بفعل النذرة المصطنعة، وغياب التنظيم، وتسليع كل ما تنبته الأرض.

وفي هذا السياق تساءل نشطاء، عن هذا التحول وقال أحد الرواد “أيعقل أن تصبح ما كانت الجدة تقطعه بالعصا وتوزعه بسخاء في الدواوير أغلى أكثر من المنتوجات المستوردة وأين ذهبت حقول الصبار التي كانت تملأ سفوح الجبال”.

وانتقد رواد وزارة الفلاحة وفشلها الذريع في حماية فاكهة الفقراء من مرض القرمزية الذي ضرب منه مساحات واسعة، وعرى هشاشة منظومة الحماية الزراعية، كما كشف محدودية التدخلات العمومية، رغم الوعود التي صاحبت إطلاق المخطط الأخضر.

وبسخرية راقية، قال أحد النشطاء في الفضاء الرقمي “هكذا صرنا نشتري ما كان يمنح بلا مقابل، ونستهلك ببطوننا ما فرطنا فيه بعقولنا.

إنها قصة “الهندية” باختصار، من ملكية جماعية للأرض والكرم، إلى رأسمال خاص يقاس بالميزان. ما يقع ليس مجرد ارتفاع في الأسعار، بل هو تحول في علاقة المواطن بموارد بلده الطبيعية. إنه اختلال في منظومة كانت تقوم على التشارك والتوازن، ليحل محلها منطق السوق والربح، حتى وإن كان ذلك على حساب فاكهة تنبت في الصخور وتروى بندرة الماء.

ومهما كانت التبريرات، فإن ما يقع اليوم يعيد طرح المسؤولية السياسية على من أشرف لسنوات على تدبير قطاع الفلاحة، وعلى رأسهم عزيز أخنوش، الذي قاد وزارة الفلاحة لأكثر من عقد، وكان أبرز الوجوه التي روجت لـ”المخطط الأخضر” باعتباره نموذجا للنجاح المغربي. لكن الواقع الميداني أظهر أن هذا النموذج لم يحصن حتى “الهندية”، فاكهة الفقراء، من الندرة والتسليع. واليوم، وأخنوش في موقع رئيس الحكومة، تستمر أسعار المواد الأساسية، ومن بينها هذا الصبار الذي لا يحتاج لا سقيا ولا عناية، في الصعود، دون تدخل حقيقي يراعي القدرة الشرائية للمواطن البسيط.

لقد صار المواطن المغربي يدفع ثمن “المخططات” التي صممت من فوق، دون أن تراعي حياة الناس من تحت. وبين “الهندية” التي كانت تقطف مجانا و”الهندية” التي تعرض في السوق بـ60 درهما، فرق شاسع تختصره كلمة واحدة،هي السياسات الفلاحية الفاشلة.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي