جريدة البديل السياسي -عبد الصمد صدوق
إلى زمن قريب ، ومع تدفق الكثير من أصحاب الشواهد على باب سوق الشغل ، و ارتفاع نسبة العطالة ، وقلة فرص الشغل ، أصبح هذا الإكتضاض الخانق يشكل أزمة في الشغل ، فظهرت معايير جديدة للتوظيف السريع، بدون إجراءات إدارية ولا شروط قانونية ، تمكن العاطل من حجز مقعده دونما آنتظار ، هذه الطرق نهجها الكثير من الأشخاص ، في مختلف القطاعات العسكرية و السياسية و الإجتماعية و التربوية و غيرها ، الشيء الذي وضع الكفاءة على الهامش .
و تم إبعادها بشكل مطلق ، بسبب وجود بديل سمين ، يعود بالنفع لرواد هذا التيار ، وهو الزبونية و المحسوبية ، إن هذه الظاهرة لم تعد بالغريبة ، كما أنها ليست منعدمة ، في مجتمعنا سواء في الماضي أو الحاضر ، بل استفحلت في عصرنا هذا و أصبح نشاطها ، ينتشر بشكل رهيب ، كلما تم الإعلان عن مبارة توظيف ، ضمن قطاع عمومي ، و يكون عدد الفئات المطلوبة و المستوفاة للشروط بنسبة أقل ، هنا يتذمر البعض و يجعله يغير رأيه ولا يتقدم للترشيح ، مفسرا ذلك بضآلة الحظوظ ، جميعنا معشر الطلبة البسطاء عانينا من هذه الظاهرة .
و من دون آستثناء ، كثيرا ما آجتزنا مباريات ، وآجتهدنا فيها عن كفاءة و إستحقاق ، و أيقننا أن الشفافية ، ستكون حاضرة لا محالة ، في عملية الإنتقاء و بقدر معقول ، و لكن ماأن يتم إشعارنا بالنتائج النهائية ، حتى نصدم و نستنكر بشدة ما آلت إليه الأوضاع ، و تجعلنا نبحث عن السر في إقصائنا ، رغم الإجتهاد و الكد و التعب و آستفياء كل الشروط الشكلية المطلوبة ، هي عدالة لم تعد صالحة الآن ، في زمن تظل المادة هي الحاكمة والمسيطرة ، و تضرب الإتاوات السخية و عروض مغرية أطنابها ، في مجمل الميادين ، ترى هل ضاع حق الطالب رغم سعيه و آجتهاده وراءه ؟؟
إننا نكاد نتصدر قائمة الدول المشجعة على الهجرة ، ودفع بأصحاب الشواهد و الكفاءات ، و الخبرة الحقانية في قوارب الموت إلى الهلاك ، وعدم الاستثمار في الطاقات و اليد العاملة والمواهب .
إننا لا نستغرب في أوضاعنا الراهنة ،من انتشار الجريمة و الإدمان و النهب وغيرها .. من السلوكات المضرة للمجتمع ، فالبطالة حسب دراسات أثبتت أنها تعد إحدى الدوافع الرئيسية في تفشي الجريمة ، و السرقة ، و في الوقت ذاته بلغت عندنا نسبة البطالة %12.7 في المائة وهو رقم مقلق جدا ، نصف الشباب يعيش حالة اكتئاب و يأس دائم ، بين أربعة جدران ، نتيجة خيبات تأتيه من نتائج المباريات ، و آنتظار إعلانات عمل ، في ترقب ممل، إضافة إلى أكبر وصمة عار في حق الطالب السوي و الجاد و صاحب كفاءة هو غياب معايير الشفافية و النزاهة ، بنسبة كبيرة في الانتقاء النهائي للمترشحين لعدد كبير من المباريات ، وهذا لا يخفى على لبيب ، خاصة و أن هناك فئة عريضة ومهمة من الشباب .
تعيش بالعالم القروي ، دفع الأمر بولاة أمورهم إلى بيع ما لهم ، و ما عليهم من لباس ، من اجل أن يتعلم أبنائهم و يصبحوا موظفين ، ليخدموا وطنهم و يخففوا عن أسرهم و طأة الفقر و البؤس والتهميش ، وإني لا أبالغ إن قلت بأن أحدهم باع محراثا لأجل ذلك .
كل هذا يفسر على أنه لا زلنا ننتظر صحوة تخرجنا من ثمل هذا الشٌَمُول القاتل ، و ننتظر أوراشا كبرى في هذا الشأن، ليضمد بذلك ما ينزف من أجنحة هذا الوطن الجريح ، وحيث أن كل المعطيات المتوفرة تشدد العزم على أنه لايتم تشجيع الشباب على العمل و الإستقرار ، إن هذا من شأنه أن يدفع بحياة المواطنين إلى جحيم لا قاع له و لا قرار ..
إضافة إلى ذلك وإن كانت ظروف الجميع مشاكل بالجملة ، تلك الزيادة الصاروخية في الأسعار و مصاريف النقل و المحروقات ، كل هذا بتعبير أكثر وضوحا ” يعني” القضاء على المواطن الفقير ” أما دونه لا أتحدث عنه فدرهمين او آثنين ، قد لا يكترث لهما من هم في عداد الأثرياء و الميسورين ، في الوقت الذي يضطر الفقير للذهاب إلى الغابة ليحتطب، مقابل تلك الدراهم المعدودة ليسد به رمقه ، أو تدفعه الحاجة إلى بيع صاعين من الشعير أو الفول ، صباح كل يوم سوق ليملأ في المساء حين يعود أفواه أسرة معطلة جائعة .
تعليقات
0