محمد ناجي الهميس – جريدة البديل السياسي
في زحمة التصريحات، وتزاحم المواقف الرمادية، تقف غزة وحيدة، لا تطلب المستحيل، لا تستجدي العواطف، ولا تتسول المواقف. كل ما تطلبه هو شيء بسيط، لكنه في هذا الزمن بات نادرًا… قليل من الضمير.
غزة لا تطرق الأبواب طلبًا للنجدة، بل تطرق القلوب لعل فيها بقايا إنسانية. لا تنتظر جيوشًا جرارة، ولا طائرات تحلق فوقها، بل تنتظر صوتًا صادقًا، وموقفًا شريفًا، ودعاءً لا يعرف إلا الله. هي لا تبحث عن بطولات زائفة، بل عن وفاء الأخوة، وصدق الكلمة، ونصرة الحق.
من أراد أن يعرف المعنى الحقيقي للكرامة، فليحدق جيدًا في عيون أطفال غزة، في وجوه الأمهات تحت الركام، في ضوء الشموع الذي يقاوم ظلمة القصف والحصار. فهناك أمة تقاتل وحدها، وتحيا بثبات لا يملكه الكثيرون ممن يرفلون في نعيم الذل.
أما الذين يبررون صمتهم، ويلوكون مبرراتهم الواهية كأنها حقائق منزلة، نقول لهم:
غزة لا تحاسبكم، فالحساب أتى من قبل الضمير، وسيتبعه حساب التاريخ، ومن بعده حساب الحق الذي لا يضيع.
وغزة… رغم الجراح، لا تزال على العهد. تقول للعالم: لسنا بحاجة لمن يعطينا كل شيء، بل بحاجة لمن لا يسلب منا حتى الكلمة.
فمن لا يستطيع أن يكون مع غزة بالفعل… فليكفِ الشر بقوله.
ومن لا يملك القوة… فليملك الشرف.
ومن لا يقدر أن يكون فارسًا في الميدان… فلا يكن خنجرًا في الظهر.
غزة لا تطلب المستحيل… فقط قليل من الضمير.
محمد ناجي الهميس
تعليقات
0