كتاب وآراء

وجهة نظر: الأمازيغية والجهوية… بقلم خالد قدومي

جريدة البديل السياسي

وجهة نظر:

الأمازيغية والجهوية.

خالد قدومي.

حذر العديد من الغيورين على اللغة والثقافة الأمازيغيتين بالخطر الداخلي الذي يقلص من استعمالهما ويهددهما وجوديا. ويتجلى في التراجع البين للتداول اليومي بالأمازيغية التي بدأت الدارجة المغربية تأخذ مكانها حتى في المدن التي كانت بالأمس القريب غالبية سكانها ناطقة بالأمازيغية وبإعتزاز ( الناظور، بركان…) السؤال الذي يستفزنا إلى حد العجب هو : كيف تتراجع الأمازيغية وتنحدر بهذه السرعة في وقت تحظى فيه بإعتراف رسمي يدعي العناية بها!؟.

والأغرب من ذلك هو تراجع الاهتمام الشعبي الذي كان في الأوج رغم كونها وقتذاك مضطهدة حتى لا نقول ممنوعة. وقد عشنا الصحوة بالأمازيغية في كافة المجالات ولم نكترث للعراقيل التي سعت إلى محاصرتنا سواء كجمعيات أو كأفراد. ففي تلك الظروف واكبنا إبداعات راقية سواء في الشعر الأمازيغي أو في الموسيقى الأمازيغية أو في المسرح الأمازيغي …

كما تم تأسيس منابر إعلامية جادة ومستقلة، تعنى بالهوية الأمازيغية التي شكل موضوع محاربتها نقطة إلتقاء بين المنابر الإعلامية المصطفة مجملها مع التيارات الدينية والقومية( منهم من ينسب خط تحريره لليسار!) والتي كانت تحرض المخزن، بشكل أو بآخر،على منع كل ما هو أمازيغي منعا كليا.

لكن بمجرد أن تم الإعتراف الدستوري بالأمازيغية وما تلاه من استقطابات إلى دار المخزن عبر المعاهد والمؤسسات…التي أنشأت لغرض بدأنا الآن نكتشف حقيقته مع سلسلة من التراجعات الماسة بالهوية، سيبقى السؤال العريض يطرح نفسه بإلحاح: لماذا هذا الإنكماش الخطير المهدد لكينونة الأمازيغية بشهادة المخزن من خلال إحصائياته الأخير( رغم نسبية حقيقة أرقامها )؟.

سيقول قائل أننا نتحمل مسؤولية إنكماشها بسبب تقصيرنا نحن. وهو قول يتضمن جانب من الحقيقة،ولكنه لا يغطي كل الحقيقة، لأن الوعي بالهوية هو حديث، وبالتالي كيف صمدت لقرون؟ وحين بدأنا نعي هويتنا أصبحت الأمازيغية عرضة للإنقراض!.

في إعتقادي أن أكبر ضربة تلقتها الأمازيغية كان مع تبني حرف ثيفيناغ الذي هو إرثها التاريخي،لكنه عرقل إنتشارها وولوجها للعالمية كلغة منافسة للغات الحية والقوية. هذا الحرف ( ثيفيناغ ) قزم الأمازيغية وجعلها أشبه بلغة الكهنة الذين ينتعشون من تعقيداتها حتى لا يفهمها العامة.

لنكن واضحين، من حق المخزن أن يناور كما يشاء، وفق ما يناسب ويخدم مصالحه.لكن لنا الحق أيضا أن نجابهه خدمة لهويتنا. كيف؟ بالنضال من أجل الجهوية الحقيقية التي تراعي الخصوصيات الاثنوثقافية، والتي يكون لها صلاحيات واسعة، ينبثق عنها مؤسسات قوية( برلمان نزيه، حكومة محلية حرة ومستقلة عن المركز…) جهة لها صلاحيات في إختيار المعيار الذي يناسب تطور لغتها ويخدم هويتها، جهة تستفيد من تجارب ومناهج الجهات في الدول المتقدمة( كتلونيا في اسبانيا كمثال من الأمثلة المتعددة ) التي حصنت وجودها من زحف الاديولوجية الرامية إلى ترسيخ الدولة اليعقوبية.

وأجزم أن جهة الريف لها من المقومات ما يجعلها مؤهلة لهذا التحدي الوجودي.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار