حينما غير الحسن الثاني تاريخ عيد الاستقلال من 2 مارس إلى 18 نونبر
جريدة البديل السياسي
يحتفل المغرب في 18 نونبر من كل سنة بعيد الاستقلال، علما أن المغاربة كانوا يحتفلون بهذا العيد إبان فترة حكم محمد الخامس في 2 مارس من كل سنة. فلماذا تغير تاريخ عيد الاستقلال؟
تحل نهار اليوم ذكرى عيد الاستقلال، وقد دأب المغاربة على الاحتفال بهذا العيد في 18 نونبر من كل سنة منذ تولي الملك الحسن الثاني حكم البلاد بعد وفاة والده محمد الخامس في سنة 1961.
وكان المغاربة يحتفلون بعيد الاستقلال رسميا طيلة نهاية الخمسينات وإلى حدود وفاة محمد الخامس في نهاية فبراير من سنة 1961، يوم 2 مارس من كل سنة. ففي 2 مارس 1956 وقع الوزير الأول المغربي امبارك لهبيل البكاي، على معاهدة الاستقلال النهائية، التي ستلغي معاهدة الحماية الموقعة بفاس في 30 مارس 1912.
ونص الاتفاق المغربي الفرنسي الموقع في 2 مارس بحسب ما جاء في المجلد السابع من موسوعة “مذكرات من التراث المغربي” على ضرورة التشاور بين البلدين والتنسيق بينهما، أما فيما يخص الوضعية القانونية للمعاهدات التي وقعتها فرنسا باسم المغرب بناء على البند الثامن من معاهدة الحماية، فإن اتفاق 2 مارس نص في بنده 11 على أن “المغرب يعتبر نفسه ملزما بالمعاهدات الدولية التي وقعتها فرنسا باسم المغرب، كما يعتبر نفسه ملزما بالمعاهدات الدولية الخاصة بالمغرب والتي لم يدل في شأنها بأية ملاحظة”.
ونص الاتفاق أيضا على إلغاء معاهدة فاس (معاهدة الحماية) وإعلان الاستقلال الكامل للمغرب، والتزام فرنسا بالوحدة الترابية المغربية.
لكن ومع تولي الملك الراحل الحسن الثاني سدة الحكم في البلاد في 3 مارس 1961، قرر تغيير موعد الاحتفال بعيد العرش إلى 18 نونبر، بسبب رغبته في ألا يغطي الاحتفال بهذا العيد الذي كان حينها عيدا مميزا عند المغاربة، على احتفالات عيد العرش الذي أولاه اهتماما كبيرا.
ولم يكن اختيار يوم 18 نونبر عبثيا من قبل الملك الراحل، بل جاء لأنه اليوم الذي كان المغاربة يحتفلون فيه بعيد العرش في عهد محمد الخامس، الذي نصب سلطانا على البلاد في يوم 18 نونبر 1927.
كما أن هذا التاريخ يتزامن مع خطاب ألقاه محمد الخامس بعد عودته من المنفى سنة 1955، أمام حشد من المغاربة معلنا عن عزمه العمل من أجل استقلال كافة المناطق التي لا تزال تحت السيطرة الفرنسية والاسبانية والدولية، كما أعلن في ذات الخطاب عن تأسيس حكومة مسؤولة تمثل مختلف الاتجاهات السياسية في البلاد. وهي الحكومة التي ترأسها امبارك البكاي، وكان معظم وزرائها من حزب الاستقلال.
ومنذ تولي الملك الحسن الثاني العرش، لم يعد عيد الاستقلال يحظى بأهمية كبيرة في البلاد. وإذا كانت هذه الذكرى تعد في معظم دول العالم أهم عيد وطني يتم خلاله الإشادة بتضحيات السلف وبطولاتهم في سبيل التخلص من الاستعمار ونيل الحرية، ويتم خلاله أيضا تنظيم الاحتفالات والاستعراضات العسكرية، إلا أنها في المغرب تمر هادئة ودون احتفالات رسمية.
ويعتبر هذا اليوم في المغرب عيدا وطنيا، لكن وعلى خلاف باقي الأعياد الوطنية فإن الملك لا يوجه فيه خطابا إلى الشعب، ما يدل على عدم أهمية هذا التاريخ عند صناع القرار في البلاد.
ومع مرور الزمن أصبحت ذكرى استقلال المغرب عن فرنسا (2 مارس)، ذكرى منسية تماما، فحتى في المناهج التعليمية لا يتم الحديث عن هذا التاريخ، وإنما يتم الحديث عن 18 نونبر باعتباره ذكرى لعيد الاستقلال.
ومع اندلاع ثورات الربيع العربي في العديد من البلدان العربية، وصلت رياح التغيير إلى المغرب متجسدة في حركة 20 فبراير، حيث حاول بعض شباب الحركة نفض الغبار عن ذكرى 2 مارس التي طالها النسيان لعقود، وقرروا الخروج في مسيرة يوم 2 مارس 2011 من أجل المطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، لكن النسيان عاد ليطال هذه الذكرى مع أفول الحركة الاحتجاجية.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار