البديل الوطني

مبادرة المغرب لتعزيز التعاون مع الجزائر: دعوة إلى فتح آفاق جديدة نحو استقرار المنطقة وتنمية المصالح المشتركة.

نورالدين عمار – جريدة البديل السياسي .

في خطاب سامٍ بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء، وجه جلالة الملك محمد السادس رسائل هامة ومؤثرة إلى الجارة الجزائر، تأكيدًا على رغبة المغرب في فتح صفحة جديدة من التعاون البناء والمثمر.

لم يكن الخطاب مجرد احتفال تاريخي بحدث وطني عظيم، بل كان أيضًا بمثابة دعوة استراتيجية لتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين في إطار من حسن الجوار، مع احترام المبادئ الدولية للسلام والاستقرار.

دعوة مغربية للتعاون والتفاهم مع الجزائر من خلال كلماته في هذا الخطاب، أشار جلالة الملك محمد السادس إلى أن المغرب لا يمانع في منح الجزائر منفذاً على المحيط الأطلسي، شرط أن يتم هذا في إطار من التعاون والشراكة الذي يحترم حقوق ومصالح الدول. وأوضح جلالته أن هذا المقترح يأتي ضمن منطق تحقيق منفعة متبادلة، حيث أن المغرب يرى في هذا التعاون فرصة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وزيادة فرص التنمية الاقتصادية لشعوب المنطقة برمتها.

لقد أشار الملك إلى أن المغرب لا يرفض من حيث المبدأ فتح آفاق جديدة للتعاون مع الجزائر في هذا المجال، مشددًا على ضرورة أن تتم هذه المبادرة ضمن إطار يراعي مصالح البلدين ويعزز من روابط حسن الجوار بين الشعبين.

وبذلك، فإن الموقف الملكي يعكس رغبة واضحة في تجاوز الخلافات التاريخية والسياسية، والانتقال إلى مرحلة جديدة من التعاون والتنمية المشتركة. كما أشار جلالته إلى أن هناك “عالمين” مختلفين اليوم: عالم يعيش في وضع شرعي وطبيعي وآخر منفصل عن الواقع، في إشارة إلى أولئك الذين يستغلون قضية الصحراء الغربية لتحقيق مصالح خاصة.

وفي هذا السياق، أكد الملك على أن المغرب ليس لديه أي مانع من تقديم حلول جادة، بما فيها تسهيل ولوج دول الساحل، وخاصة الجزائر، إلى المحيط الأطلسي، شريطة أن يكون ذلك ضمن اتفاقيات وشراكات تخدم مصالح جميع الأطراف المعنية. وتُعتبر هذه المبادرة الملكية خطوة مهمة نحو إعادة صياغة العلاقات بين المغرب والجزائر، حيث يسعى المغرب إلى رسم خارطة طريق جديدة تنطلق من مبدأ “رابح-رابح”، بما يضمن للأطراف جميعًا مصالح مشتركة في بيئة من التعاون والتفاهم المتبادل.

كما أن جلالته أشار إلى أن هذه المبادرة هي جزء من استراتيجية أوسع لتحقيق الاستقرار في المنطقة المغاربية، حيث أن تعزيز التعاون بين المغرب والجزائر سيعود بالنفع على المنطقة بأسرها.

حضور متميز وتأكيد على التشبث بالعرش العلوي المجيد في الوقت ذاته، شهدت مدينة سيدي بنور احتفالاً آخر بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء، حيث ترأس السيد حسن بوكوتة، عامل إقليم سيدي بنور، حفل إنصات للخطاب الملكي السامي.

وقد تم تنظيم هذا الحدث في أجواء من الوطنية والتعلق العميق بالعرش العلوي المجيد، حيث تجمع عدد من الشخصيات البارزة، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، للمشاركة في هذه المناسبة الوطنية العظيمة. حضر الحفل عدد من المسؤولين المحليين، منهم الكاتب العام لعمالة الإقليم، رئيس المحكمة الابتدائية سيدي بنور، وكيل الملك، بالإضافة إلى ممثلي السلطات الأمنية والإدارية، ونواب البرلمان عن دائرة سيدي بنور، ورؤساء المصالح الخارجية.

كما كان هناك حضور مكثف للفعاليات السياسية والنقابية، إلى جانب أعضاء المجتمع المدني وممثلي الأحزاب السياسية في الإقليم. التكريم الملكي وتقدير التفاني في الخدمة العامة في إطار هذه الاحتفالية، قام السيد عامل الإقليم بتوشيح مجموعة من الأطر المتميزة، وذلك تقديرًا لإسهاماتهم الفعالة في خدمة المجتمع والتنمية المحلية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس.

من بين هؤلاء الأطر، تم تكريم السيد مدير ديوان عمالة سيدي بنور، الذي حصل على وسام ملكي تقديرًا لجهوده المستمرة في تعزيز العمل الإداري وخدمة المواطنين.

وقد أتى هذا التكريم في سياق يعكس اهتمام الملك بتشجيع كافة الفاعلين في مختلف المجالات على بذل المزيد من الجهود لخدمة المصلحة العامة، في إطار من الانضباط والاحترافية العالية. إن هذا النوع من التقدير يعزز من ثقافة الخدمة العامة ويحفز الآخرين على التفاني في العمل من أجل تحقيق تطلعات الوطن. مستقبل التعاون بين المغرب والجزائر: أفق مشترك نحو بناء الاستقرار إن دعوة جلالة الملك إلى الجزائر، والتي جاءت ضمن سياق الخطاب بمناسبة المسيرة الخضراء، تمثل بداية مرحلة جديدة من التفكير المشترك في مصير المنطقة.

فهي دعوة صادقة إلى الجزائر للاستفادة من الفرص التي يقدمها المغرب في مجال التعاون الاقتصادي، بما يسهم في تعزيز الاستقرار والأمن في منطقة المغرب العربي. هذا الموقف الملكي يُعتبر دعوة حقيقية إلى تجاوز الخلافات السياسية التي طالما شابت العلاقات بين البلدين، والتركيز على القواسم المشتركة التي من شأنها أن تخدم مصالح الشعبين المغربي والجزائري على المدى الطويل.

فالمغرب اليوم، في موقع قوة على المستويين الإقليمي والدولي، لديه القدرة على قيادة هذه المبادرات التي تساهم في إيجاد حلول واقعية للتحديات الراهنة، وتحقيق تطلعات الشعوب المغاربية نحو المستقبل. كما أن خطاب جلالة الملك في هذه المناسبة، واحتفال سيدي بنور، يعكسان رؤية استراتيجية تهدف إلى تحفيز جميع الأطراف على التعاون والعمل المشترك، بما يضمن للمنطقة مستقبلًا أكثر ازدهارًا واستقرارًا.

إذن، يبقى السؤال المطروح اليوم: هل ستستجيب الجزائر لدعوة المغرب لتعزيز التعاون وتحقيق التقدم المشترك؟ إن الفرصة التاريخية التي منحها المغرب للجزائر تتطلب إرادة سياسية من الطرفين، وهو ما يمكن أن يشكل بداية لمرحلة جديدة من الشراكة الحقيقية والمثمرة.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار