صالح الحوري: الشاعر المهجري والفاعل الجمعوي ..بقلم الاستاذ جمال الغازي

بقلم الأستاذ جمال الغازي – جريدة البديل السياسي

صالح الحوري: الشاعر المهجري والفاعل الجمعوي

في عالم الشعر المهجري، يُطل علينا صالح الحوري كأحد أبرز الأسماء التي جسدت الربط العميق بين الهوية والانتماء.

وُلد في أحضان الريف المغربي، ترعرع على قيم الأصالة وحب الوطن، وشق طريقه نحو الهجرة حاملاً في قلبه شعلة الأمازيغية وثقافتها العريقة.

بين رحلته التعليمية في المغرب وغربته في أوروبا ، صقل صالح موهبته الشعرية وصوته الوطني، ليصبح اليوم شاعرًا وناشطًا ثقافيًا وجمعويًا يُعتَبر مثالا للانخراط الثقافي والاجتماعي في المهجر.

وُلد الشاعر المهجري صالح الحوري عام 1961 م في كبدانة ، بجماعة قرية أركمان التابعة لإقليم الناظور.

نشأ في بيئة تقليدية حيث بدأ تعليمه الابتدائي بعد عامين من التعليم العتيق في أحد الكتاتيب المجاورة لمسكنه، حيث تعلّم حفظ القرآن الكريم. في بداية السبعينيات، التحق بإعدادية الكندي حيث درس لمدة أربع سنوات، ثم انتقل إلى ثانوية عبد الكريم الخطابي لسنة واحدة، قبل أن يتوجه إلى شعبة الاقتصاد في الثانوية التقنية بـ وجدة

. بعد حصوله على شهادة البكالوريا، التحق بجامعة محمد الأول لدراسة الحقوق. ومع تخرجه، قرر مغادرة المغرب والهجرة إلى الضفة الأخرى، حيث استقر أولا في برشلونة ، العاصمة الكتالونية، لمدة تجاوزت السنة، قبل أن ينتقل إلى هولندا .

في هولندا ، واصل صالح الحوري دراسته حيث التحق بجامعة أمستردام لدراسة اللغة الهولندية. كانت أولى خطواته المهنية في مجال الصحافة، إذ عمل كصحافي وإعلامي في الإذاعة المحلية والجهوية الموجهة للجاليات العربية والأمازيغية في أوروبا .

رغم أن صالح الحوري بدأ كتابة الشعر في سن مبكرة، إلا أن أعماله لم ترى النور إلا في وقت لاحق. ففي عام 2011، أصدر ديوانه الشعري الأول “أموناس”. وفي 21 أغسطس 2024، صدر له ديوان شعري أمازيغي جديد بعنوان “للا ثمورث إنو”، والذي تم توقيعه في المركب الثقافي بـ الناظور بحضور نخبة من الأساتذة والشعراء والنقاد المهتمين باللغة والثقافة الأمازيغية من داخل المغرب وخارجه.

إلى جانب مسيرته الشعرية، يُعتبر صالح الحوري ناشطًا بارزا في المجال الجمعوي. بدأ اهتمامه بالعمل الجمعوي في التسعينيات عندما انخرط في جمعية الحوار الثقافي بـ أمستردام.

. أسس روابط متينة مع مختلف الأطر والكوادر الجمعوية في أوروبا ، ويُعتبر أحد مؤسسي جمعية أبناء الناظور في أوروبا ، والتي ساهمت في تعزيز العلاقات بين أبناء الجالية المغربية في المهجر.

تكريما لمسيرته الحافلة في دعم الثقافة الأمازيغية والمشاركة في العمل الاجتماعي والإنساني، تم منح صالح الحوري شهادة الدكتوراه الفخرية في بداية عام 2024 من مركز الفكر والوعي. جاء هذا التكريم كعربون تقدير لما قدّمه وما يزال يقدمه في مجالات الثقافة والعمل التطوعي.

تتجلّى مواقف صالح الحوري الوطنية والسياسية بوضوح في قصائده، حيث تتغنى بحب الوطن والدفاع عن الثوابت الوطنية، خاصة قضية الصحراء المغربية. فهو دائم الحضور في اللقاءات الثقافية والسياسية داخل الوطن وخارجه، ويقف دائمًا بالمرصاد ضد أي محاولة للنيل من الثوابت المقدسة لـ المغرب .

صالح الحوري، بما يحمل من عشق للثقافة والشعر والوطن، يظل رمزا للشاعر المهجري الذي لم ينفصل يوما عن جذوره، بل سخر كلماته ونضاله لخدمة وطنه، سواء من خلال قصائده الشعرية أو من خلال أعماله التطوعية والجمعوية.

يظل صالح الحوري، بشعره وفعاليته الجمعوية، علامة مضيئة في سماء الثقافة الأمازيغية والمغربية.

شعره ليس فقط كلمات موزونة، بل هو رسالة تتغنى بحب الوطن وتدافع عن قضاياه الكبرى.

وفي كل لقاءاته ومشاركاته، داخل الوطن أو خارجه، يظهر الحوري كصوت قوي يناضل من أجل الحفاظ على الهوية الأمازيغية، وترسيخ قيم الانتماء.

إنه نموذج للشاعر المهجري الذي لم يتخل عن جذوره، بل حملها معه في رحلته عبر الحدود ليصوغ من غربته قصائد تعبر عن حب لا ينضب لوطنه