عبد الكريم بوثكيوت: رائد المسرح والنضال الثقافي والسياسي .بقلم الأستاذ جمال الغازي
بقلم الأستاذ جمال العازي – جريدة البديل السياسي
عبد الكريم بوثكيوت ليس مجرد اسم في عالم المسرح والفن، بل هو رمز للإبداع والعطاء الذي لا ينضب.
شخص يجمع بين روح الفنان الفطرية والعقلية المثقفة المتنورة، ويمزج بين الالتزام السياسي والنضال الثقافي.
منذ بداية تعرفي عليه في الشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية، شعرت بشغفه الكبير تجاه العمل الجماعي الهادف، سواء في السياسة أو الفن. كان حضور عبد الكريم في الأنشطة الحزبية لا يُنسى، سواء في تقديم الحفلات أو المشاركة في الاجتماعات والدورات التكوينية التي كانت تؤطرها الشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية في السعيدية خلال أوائل الثمانينات.
كان عبد الكريم دائمًا ذلك الوجه المرح، رجل النكتة الذي يُضفي أجواء من الفرح والمرح أينما حل. ولد عبد الكريم بوثكيوت في عام 1956 بسيدي سليمان، وترجع أصوله إلى منطقة تيزنيت.
بدأ مشواره التعليمي في سيدي سليمان، ثم انتقل إلى الناظور، حيث أتم دراسته الإعدادية في مدرسة الكندي، ثم الثانوية في ثانوية عبد الكريم الخطابي. شق طريقه نحو التعليم، والتحق بالسلك الابتدائي في تاوريرت، ومن ثم عمل في مدرسة أبو فراس الحمداني بالناظور.
لم يكتفِ بوثكيوت بذلك، بل تدرج في العمل الإداري ليشغل منصبًا في المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بالناظور، قبل أن يُنقل إلى سيدي سليمان حيث عمل مقتصدًا في ثانوية عمر بن الخطاب حتى تقاعده. إلى جانب مسيرته المهنية، كانت حياته السياسية مليئة بالنشاط والحيوية.
انخرط بوثكيوت في صفوف حزب التقدم والاشتراكية، حيث كان عضوًا فاعلًا في مكتب فرع الحزب بالناظور وكذلك في مكتب الناحية.
مناضلاً شغوفًا بمبادئ الحزب وقيمه، لم يتردد في الدفاع عن قضايا الشعب المغربي والمشاركة في مختلف الأنشطة والفعاليات الحزبية. حضوره السياسي كان دائمًا مكملًا لحضوره الفني، فكلاهما كانا يشكلان جزءا لا يتجزأ من هويته الشخصية.
على المستوى الفني، بدأت مسيرة بوثكيوت المسرحية منذ عام 1971 بدار الشباب في الناظور، حيث انضم إلى فرقة الأشبال المسرحية. كانت الفرقة تعمل بروح التعاون الجماعي، يؤلفون ويخرجون مسرحياتهم بأنفسهم.
وجاء دور الفقيد الحسين القمري، الذي أصبح المؤطر الفني للفرقة، ليسهم في تطورها بشكل لافت. مع تصاعد تأثير الظاهرة الغيوانية، ساهم بوثكيوت في تأسيس جمعية “أهل دربالة للموسيقى والمسرح” عام 1976، والتي قامت بجولات ثقافية وفنية في مدن ومناطق عديدة مثل الناظور، أزغنغان، زايو، العروي، وميضار. كانت الجمعية ملاذًا ثقافيًا للشباب الذين يبحثون عن متنفس فني في فترة كانت فيها الثقافة والفن يعانيان من نقص كبير في الإقليم
. عبد الكريم بوثكيوت لم يكن فنانا مسرحيا فحسب، بل كان أيضا أحد رواد تطوير المسرح في المغرب.
شارك في العديد من الفعاليات الوطنية مثل مهرجان مسرح الهواة الذي تنظمه وزارة الشبيبة، كما تلقى تدريبًا وطنيًا في الرباط في ميدان مسرح العرائس عام 1977، مما أضاف إلى مهاراته الفنية بُعدًا جديدًا.
لم يقتصر دوره على المسرح المحلي، بل كان بوثكيوت من المؤسسين لجمعية “مسرح الصغير” بالناظور، وكان مقرها في دار الشباب ، وله مساهمات جبارة في مجال المسرح المدرسي حيث يعتبر الرفيق عبد الكريم رائدا في هذا المجال وقدم فيه الشيء الكثير والكثير وكان من المؤسسين له من خلال أنشطة مديرية الناظور وجمعية التعاون المدرسي سواءا على مستوى التنشيط والتأطير ، كما ساهم في تأسيس إطار وطني يجمع الجمعيات المهتمة بمسرح الطفل تحت اسم “الجامعة الوطنية لمسرح الأطفال”، وانتخب في عدة دورات كعضو في المكتب الوطني، مما يجسد التزامه العميق بتطوير الفن المسرحي وخاصة لفئة الأطفال.
اقول : عبد الكريم بوثكيوت كان وما زال نموذجا نادرا للفنان والمثقف الملتزم. جمع بين النضال السياسي والعمل الفني بأسلوب يجسد التكامل بين الفعل الثقافي والتربوي والسياسي. مسيرته الطويلة كانت مليئة بالإنجازات التي لا تزال شاهدة على تأثيره الكبير في الناظور وخارجها. بوثكيوت، سواء في قاعات المسرح أو ساحات النضال السياسي، سيبقى منارة تُضيء درب الأجيال القادمة، متذكّرة إسهاماته الثرية في مجالات الفن والثقافة والسياسة.
إنه حقا شعلة لا تنطفئ. لقد تركت بصمتك في عاشقتك الناظور ، دمت له خادما .
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار