الجماعات الترابية

إقليم سيدي بنور: تأجيل دورة أكتوبر 2024 لجماعة العطاطرة: تحليل قانوني وسياسي لإقالة العضوة واستدعائها مجددًا.

جريدة البديل السياسي : نورالدين عمار.

شهدت جماعة العطاطرة حدثًا غير معتاد في بداية شهر أكتوبر 2024، حيث تم تأجيل الدورة العادية المقررة في 3 أكتوبر بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، بعد أن حضر عشرة أعضاء فقط من أصل 28 عضوًا. هذا التأجيل أثار الكثير من الأسئلة حول أبعاد الإقالة المفاجئة لعضوة المجلس السيدة كلتوم نعيم من حزب السنبلة، واستدعائها لحضور الدورة الثانية المزمع عقدها في 3 أكتوبر، بالإضافة إلى تسليط الضوء على تداعيات هذا التأجيل على سير عمل المجلس، في ضوء الخلفيات القانونية والسياسية.

الإقالة والخلفيات القانونية: في بداية مايو 2024، أقال المجلس الجماعي العطاطرة السيدة كلتوم نعيم استنادًا إلى المادة 67 من القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات المحلية. هذه المادة تنص على أنه يمكن إقالة عضو المجلس الذي يتغيب عن خمس دورات متتالية أو أكثر دون تقديم عذر مقبول. وقد تجاوزت السيدة كلتوم نعيم هذا الحد، حيث غابت عن خمس دورات متفرقة حسب المجلس الجماعي العطاطرة، ما دفع المجلس إلى اتخاذ قرار الإقالة في دورة 16 مايو 2024.

إلا أن القرار الذي تم اتخاذه في ذلك الحين لم يشمل إجراءات قانونية رسمية كافية تضمن مصادقة المجلس على الإقالة بشكل دقيق ومؤكد، مما أثار الشكوك حول مدى فعالية القرار ومدى التزامه بالإطار القانوني. ورغم إقالتها، فوجئ الجميع بإعادة استدعائها لحضور دورة 3 أكتوبر 2024، ما يطرح تساؤلات حول مدى مشروعية هذا الاستدعاء في ظل الإقالة التي أُعلن عنها سابقًا.

إعادة الاستدعاء والتأويل السياسي: على الرغم من أن المادة 67 من القانون التنظيمي تسمح بالإقالة بسبب الغياب المتكرر دون عذر مقبول، فإن استدعاء السيدة كلتوم نعيم لحضور الدورة العادية في 3 أكتوبر يمكن تفسيره سياسيًا بامتياز. في هذه الحالة، يبدو أن هناك صراعًا داخليًا على مستوى المجلس، إذ أن استدعاء عضو تمت إقالته يثير تساؤلات حول وجود رغبة في تجاوز القرار أو التأثير عليه لأسباب قد تكون تتعلق بتوجهات سياسية أو تقلبات في مواقف بعض الأعضاء. من هنا، يمكن اعتبار الإقالة كخطوة ذات طابع قانوني من جهة، لكنها لم تكن كافية لتوضيح أسباب استدعاء العضوة مجددًا.

في ضوء هذا، يمكن طرح فرضية أن عدم رضى بعض الأعضاء عن تسيير الشأن المحلي لجماعة العطاطرة قد أدى إلى غياب التنسيق والتفاهم بين الأعضاء، ما ساهم في تأجيل الدورة. عدم اكتمال النصاب والتداعيات السياسية: بالنظر إلى مسألة عدم اكتمال النصاب القانوني في الدورة التي كانت مقررة في 3 أكتوبر 2024، يمكن القول إن السبب الرئيسي ليس فقط الغياب الشخصي للأعضاء، بل يعود أيضًا إلى وجود اعتراضات سياسية على تسيير الشأن المحلي. فعدم حضور الأعضاء قد يكون مؤشراً على عدم رضاهم عن الأداء العام لمجلس الجماعة، وتعبيرًا عن احتجاجات غير معلنة بشأن السياسات المتبعة أو توزيع المسؤوليات داخل المجلس. وعلى الرغم من أن بعض الأعضاء قد يغيبون لأسباب شخصية أو صحية، فإن التأجيل المتكرر وعدم اكتمال النصاب يمكن أن يُقرأ أيضًا في سياق مناوئ سياسي. فعادة ما تؤثر هذه الاختلافات في الرؤية السياسية بين أعضاء المجلس في إمكانية سير العمل بالشكل المطلوب.

التساؤلات القانونية والإجرائية: من الناحية القانونية، يبقى السؤال حول مدى قانونية استدعاء العضو بعد قرار الإقالة قائمًا. فإذا كان قد تم اتخاذ قرار الإقالة وفقًا لما تقتضيه المادة 67 من القانون التنظيمي، فكان من المفترض أن يتم إنهاء عضويتها بشكل نهائي، ما يثير شكوكًا حول الإجراءات التي تمت بعد إقالتها وإعادة استدعائها للحضور.

وبالرغم من أهمية الإقالة قانونيًا، فإن إعطاء الإجراء طابعًا سياسيًا يزيد من تعقيد الوضع، حيث يفتح المجال لأسئلة تتعلق بكيفية احترام الإجراءات القانونية داخل المجلس ومدى تأثير القوى السياسية على القرارات المتعلقة بإدارة الشأن المحلي. تطورات سياسية جديدة: تشير مصادر من المعارضة إلى أن قرار المقاطعة يأتي كخطوة استراتيجية حيث يسعى أعضاء المعارضة إلى لفت الانتباه إلى تجاوزات في تسيير شؤون الجماعة.

وتزامن ذلك مع حضور لجنة تفتيش من وزارة الداخلية، مما يزيد من حدة الضغوط على الرئيس، الذي ينتمي لحزب الجرار. الاستنتاج: تتعدد أبعاد القضية التي تخص جماعة العطاطرة بين القانونية والسياسية، حيث يبرز السؤال حول مدى صحة الإجراءات المتخذة بشأن إقالة السيدة كلتوم نعيم وإعادة استدعائها رغم تلك الإقالة.

من جهة أخرى، يبدو أن عدم اكتمال النصاب في الدورة الأخيرة ليس مجرد غياب للأعضاء، بل هو ناتجً عن معارضة سياسية ضمن المجلس لتوجهات معينة في تسيير الأمور المحلية.

في النهاية، ما يمكن استنتاجه هو أن جماعة العطاطرة بحاجة إلى تعزيز التنسيق الداخلي والالتزام الصارم بالإجراءات القانونية، لضمان سير العمل بشكل صحيح وفعّال.

في ظل الظروف الحالية، فإن تعزيز الحوار بين الأعضاء والابتعاد عن التأثيرات السياسية السلبية سيكون مفتاحًا لتحسين الأداء والرفع من مستوى الممارسة الديمقراطية داخل الجماعة.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار