كتاب وآراء

الجدار الخلفي/ قصة قصيرة جدا… بقلم الأستاذ عبد المجيد طعام

بقلم الأستاذ عبد المجيد طعام- جريدة البديل السياسي 

الجدار الخلفي/ قصة قصيرة جدا

 

بعد أن حول المارون الجدار الخلفي لمنزله إلى مرحاض ومزبلة مفتوحة ، نفذ صبره فاشترى صباغة حمراء وبإصرار حاسم كتب على جداره بالبنط العريض :” أيها الحمار !! ممنوع البول و رمي الأزبال هنا !!”

مساء وهو عائد من المقهى أعياه البحث في كل جيوبه عن مفتاح منزله ، اشتد عليه الضغط فبدا كراقص فلامنغو يضرب برجليه على خشبة المسرح ويلوي يديه في الفضاء.

لم يخفف الرقص من شدة الضغط والألم فعدل عن فتح الباب ودار خفية خلف منزله وشرع في إفراغ مثانته على جداره الخلفي …. خف الألم وبدأ يشعر بلذة ذكرته بما كتبه فرويد ، ابتسم ابتسامة خفيفة ، استعاد السيطرة على مهاراته الحركية النفسية ، فتحول من حال راقص الفلامنغو إلى حال الرجل المتزن .

سرى في عروقه ارتياح جميل إلى أن استقرت عيناه على ” أيها الحمار!! ” فتغيرت ملامح وجهه ، هجر ابتسامته وانتابه القلق والشعور بالحرج ، وسمع صوتا يخرج من أحشائه يقول له :” السيد منير ! ما هذا الذي فعلته ؟ أنت أيضا حمار ضمن جماعة الحمير!! ” حاول عبثا أن يتجاهل الصوت ، اشتد حضوره كلازمة أنشودة تعيسة ترسم رجلا صغيرا تافها على جداره الخلفي.

” ما هذا الذي يحدث ؟ هل أنا مجرد رجل صغير تافه ؟ لا يمكن ! لقد قرأت كتبا كثيرة ! ” ليفر من أسئلته المقلقة جرى نحو باب منزله ، أدخل يده في جيب سرواله ، أخرج المفتاح ، ثم عاد إلى جداره الخلفي وهو يحمل صباغة سوداء ، شطب على الجملة التي حاصرته ، نظر إلى كل المنازل المحيطة به وقال :”لكل واحد واجهة مخادعة ، لكننا نشترك كلنا في نفس الجدار الخلفي…. “

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار