عمر بيجو: رائد سياسي وثقافي من آيت انصار.
بقلم جمال الغازي – جريدة البديل السياسي
عمر بيجو: رائد سياسي وثقافي من آيت انصار.
عمر بيجو مثقف عضوي ومفكر هادئ رزين ، يُعتبر شخصية محورية في العمل السياسي والثقافي بالمنطقة باكملها.
وُلِد بيجو سنة 1958 في بني انصار، ونشأ في بيئة شكلت شخصيته الفكرية والنضالية.
على مدى عقود، استطاع الجمع بين العمل التربوي، النضال السياسي، والمساهمة الفعالة في الحركة الثقافية الأمازيغية، مما جعله نموذجا يحتذى به لمن يرون في النضال الهادئ والقيم الأخلاقية سبيلا للتغيير.
بدأ بيجو تعليمه في مدرسة مولاي بغداد ببني انصار، ثم انتقل إلى ثانوية محمد عبد الكريم الخطابي حيث أنهى دراسته الإعدادية والثانوية، قبل أن يحصل على شهادة البكالوريا سنة 1978.
بعدها، التحق بجامعة محمد بن عبد الله بفاس لدراسة الفلسفة، وتخرج بشهادة الإجازة في علم الاجتماع سنة 1982. أكمل دراساته العليا بالحصول على شهادة استكمال الدروس (دبلوم الدراسات المعمقة) في علم الاجتماع الحضري.
في مسيرته المهنية، عمل بيجو أستاذا لمادة الفلسفة حتى عام 2008، قبل أن ينتقل إلى الإدارة التربوية كحارس عام، ثم ناظر.
تميز بتفانيه في عمله وترك أثرا ملموسا في تكوين الأجيال الشابة وفي التسييرالإداري. انخرط عمر بيجو في السياسة منذ مرحلة الثانوية في منتصف السبعينات، في زمن كان فيه الفكر التقدمي في أوجه.
انضم إلى الشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية، التي كانت تنشط بشكل شبه سري آنذاك فيما يعرف بـ”الكراج”.
هذا الانخراط شكل البداية لمسيرته الطويلة مع حزب التقدم والاشتراكية، الذي كان مدرسة فكرية ساعدته على الغوص في القضايا الإيديولوجية والسياسية التي كانت تحكم تلك الفترة.
ساهم بيجو بشكل فعّال في تأسيس فرع الحزب في بني انصار مع شخصيات محورية مثل امليلي امحمد وآخرين. استمر نشاطه الحزبي حتى خلال سنوات الجامعة وبدايات مسيرته المهنية، حيث أصبح عضوا في مكتب الناحية بالناظور.
كان لبيجو ارتباط وثيق بجريدة “البيان” و”بيان اليوم”، حيث كان يراسلها حول قضايا سياسية وثقافية مختلفة، خصوصا تلك المتعلقة بالأحداث التي شهدتها مليلية في الثمانينات، والتي تزعمها عمر دودوح.
كان له أيضًا ركنٌ خاص في “بيان اليوم” تحت عنوان “إشكالات”، حيث تناول قضايا فكرية وسياسية.
. إلى جانب نشاطه السياسي، كان عمر بيجو ناشطا ثقافيًا بارزا. في أواخر السبعينات، ساهم في تأسيس “جمعية الانطلاقة الثقافية”، حيث كان يؤمن بأهمية النضال الثقافي إلى جانب النضال السياسي، خاصة في إطار الحركة الثقافية الأمازيغية. وفي سنة 1994، شارك في تأسيس جمعية ثقافية ببني انصار، ركزت على تعزيز الثقافة الأمازيغية من خلال تنظيم فعاليات ثقافية وفنية.
عرفت بيجو مناضلا هادئا، يتمتع بالنقاء الروحي والفكري. لم يكن متعصبا أو عنيفا، بل اتسم بالرزانة والتفكير العميق. في لقاءاتي الأخيرة معه، لاحظت مدى التزامه بمبادئه واهتمامه الكبير بالرفاق القدامى. كان يتحدث بذكاء وشغف عن السياسة والثقافة، معبرا عن آرائه بأسلوب هادئ وعميق.
عمر بيجو كان ولا يزال نموذجا للمثقف المتنور الذي يُعلي من شأن المبادئ الأخلاقية والسياسية. لقد خدم حزب التقدم والاشتراكية بكل إخلاص في الناظور وآيت انصار، وكان دائما مثالا يحتذى به في التربية والتعليم والعمل الثقافي والسياسي.
عمر بيجو ليس مجرد اسم عابر في صفحات التاريخ المحلي، بل هو رمز للاستقامة الفكرية والنضال الهادئ.
لقد ترك بصمات واضحة في كل مجال دخله، سواء من خلال تعليم الأجيال أو الدفاع عن الهوية الأمازيغية أو خدمة العمل الحزبي. يظل بيجو مثالا حيّا للإخلاص للمبادئ والنضال من أجل مجتمع أفضل، وسيبقى يُذكر دائمًا كمناضل نذر حياته لخدمة وطنه ومجتمعه وهويته. ولا يزال على العهد كما عرفناه.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار