البديل الدولي

اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء.. المغرب يجني ثمار دبلوماسية الحزم في نجاعة الشراكات

جريدة البديل السياسي

قال المحلل الاقتصادي، محمد جدري، إن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء وبأن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد والأوحد، لوضع نهاية لهذه الأزمة المفتعلة، منعطف مهم للعلاقات الفرنسية المغربية التي عرفت توترا كبيرا خلال السنوات الماضية، وتأكيد عاهل البلاد على أن قضية الصحراء هي المنظار الذي ينظر من خلاله المغرب إلى شركائه وعلى رأسهم فرنسا.

وكان الملك محمد السادس، أكد في خطاب الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”، مضيفا “ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.

وأوضح جدري أن هذا الاعتراف سيعود بالنفع على العلاقات الاقتصادية بين البلدين على اعتبار أن فرنسا شريك أساسي واستراتيجي بالنسبة للمملكة المغربية، مشيرا إلى التواجد الكبير للمقاولات الفرنسية بالمغرب التي يمكنها أن تستثمر في الأقاليم الجنوبية للمملكة.

وأوضح جدري ضمن تصريح للجريدة  أن المغرب يعول كثيرا في المستقبل على الطاقات المتجددة ويتجه للاستثمار في هذا المجال وكل مايتعلق بالطاقة الشمسية والريحية وتحلية المياه بالأقاليم الجنوبية، وهو ما يشكل فرصا واعدة أمام الشركات الفرنسية.

وأشار جدري إلى المبادرة الأطلسية وميناء الداخلة الذي سيغير ملامح غرب إفريقيا وسيكون دافعا للمقاولات الفرنسية للاستثمار في هذه المنطقة، مؤكدا  أن هذه الاستثمارات ستعود أيضا بالنفع على المملكة من خلال خلق الثروة وخلق مجموعة من مناصب الشغل والمساهمة في تحقيق رؤية 2035 ومضاعفة الناتج الداخلي الخام ليصل 260 مليار دولار.

من جانبه، اعتبر الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، أن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء يعكس تطورا نوعيا في السياسة الدولية تجاه النزاع في المنطقة، مشيرا أن هذا التحول يعزز من موقف المغرب في المنظمات الدولية ويضعف من موقف البوليساريو والجزائر التي كانت تسعى لدعم مشروعها الانفصالي.

وأكد نورالدين، ضمن تصريح للجريد ، أن الدعم الدولي المتزايد لمغربية الصحراء يظهر أن الحل الوحيد المقبول دوليا هو السيادة المغربية على الصحراء، لافتا إلى أن هذا الاعتراف الفرنسي سيكون له تأثيرات إيجابية على العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، حيث سيعزز من التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين.

وأكد نور الدين، أن  الاعتراف الفرنسي سيعزز من ثقة المستثمرين الأجانب في استقرار الأقاليم الجنوبية وسيجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وأن الشركات الفرنسية ستستفيد من هذا التحول السياسي من خلال زيادة استثماراتها في المغرب والمشاركة في مشاريع تنموية كبرى في المناطق الجنوبية، مؤكدا أن المغرب سيستمر في سياسته التنموية في الأقاليم الجنوبية، مستفيدا من الدعم الدولي لتعزيز البنية التحتية وتحسين مستوى المعيشة للسكان.

وأعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون رسميا في رسالة وجهها إلى الملك محمد السادس أنه “يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية”، وذلك بحسب ما نقله بلاغ للديوان الملكي.

وفي الرسالة ذاتها، والتي تتزامن مع تخليد الذكرى ال 25 لعيد العرش، أكد رئيس الجمهورية الفرنسية للملك “ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة”، وأن بلاده “تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي”.

وتحقيقا لهذه الغاية، يضيف بلاغ الديوان الملكي، شدد الرئيس إيمانويل ماكرون على أنه “بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية. وإن دعمنا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 واضح وثابت”.

وأضاف الرئيس الفرنسي أن هذا المخطط “يشكل، من الآن فصاعدا، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة “.

وبخصوص مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يرى رئيس الدولة الفرنسية أن “توافقا دوليا يتبلور اليوم ويتسع نطاقه أكثر فأكثر”، مؤكدا أن “فرنسا تضطلع بدورها كاملا في جميع الهيئات المعنية”، وخاصة من خلال دعم بلاده لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الشخصي.

وشدد الرئيس ماكرون في رسالته قائلا “حان الوقت للمضي قدما. وأشجع، إذن، جميع الأطراف على الاجتماع من أجل تسوية سياسية، التي هي في المتناول”.

من جهة أخرى، وبعدما نوه بجهود المغرب من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء المغربية، أعرب رئيس الجمهورية الفرنسية عن التزامه بأن “تواكب فرنسا المغرب في هذه الخطوات لفائدة الساكنة المحلية “.

ويشكل إعلان الجمهورية الفرنسية، العضو الدائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تطورا هاما وبالغ الدلالة في دعم السيادة المغربية على الصحراء.

ويندرج في إطار الدينامية التي يقودها الملك محمد السادس، وتنخرط فيها العديد من البلدان في مختلف مناطق العالم، لفائدة الوحدة الترابية للمغرب ولمخطط الحكم الذاتي كإطار حصري لتسوية هذا النزاع الإقليمي.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار