جريدة البديل السياسي
اعتبر عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، أن حديث الملك محمد السادس عن القضية الفلسطينية في ذكرى مرتبطة بالأمة المغربية بمناسبة مرور ربع قرن على توليه العرش، يؤكد أولوية فلسطين لدى المغرب باعتبارها قضية أساسية ومركزية.
وأوضح أستاذ الدراسات السياسية والدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن حديث الملك عن الوضع الداخلي ثم ذكره أن ذلك لا ينسي المغرب الشعب الفلسطيني، يثبت مجددا، كما جاء في العديد من الخطابات الملكية السابقة، أن فلسطين قضية أساسية يدافع عنها المغرب.
وأشار اسليمي في تحليله لمضامين الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك، مساء اليوم الإثنين، بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتربعه على العرش، أن الملك تحدث بصفته رئيس لجنة القدس في ظل العمل الكبير الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس في الميدان، ويعرفه الفلسطينيون جيدا.
وأضاف: “هناك الكثير من المشاريع والإنجازات والأرقام في هذا الصدد، من بينها أن 40 في المائة من العقارات الفلسطينية في القدس اشتراها المغرب للفلسطينيين للحفاظ على هوية المدينة، كما أن هناك الكثير من الأجيال الفلسطينية أنشأت مشاريع هي نتاج دعم وكالة بيت مال القدس”.
في هذا الصدد، يرى اسليمي أن المغرب باعتباره قوة إقليمية لها تأثير في القرار على المستوى الدولي، استطاع بقيادة الملك، أن يفتح طريقا غير مسبوق لإيصال المساعدات إلى غزة والضفة الغربية، في مناسبتين، في وقت كان يحتاج فيه الشعب الفلسطيني لهذه المساعدات بشكل كبير.
وأوضح خلال استضافته على القناة الأولى لتحليل الخطاب الملكي، أنه في الوقت التي تنظر فيه الكثير من الدول إلى مسألة وقف إطلاق النار وحدها، فإن الملك يذهب أبعد من ذلك ويدعو لإيجاد حل نهائي للنزاع، والانتقال من منطق تدبير الأزمة إلى منطق إيجاد الحل، وهو الأمر الذي كان قد نبه إليه المغرب منذ بداية الحرب على غزة.
ويرى اسليمي أن المغرب يتحدث عن القضية الفلسطينية عبر 3 جوانب أساسية، وهي الجانب السياسي الذي يعرفه الفلسطينية ودعمه لمبادرة المفاوضات، وجانب القدس المرتبط بالعقيدة حيث يقول المغرب دائما إنه لن يتخلى عن القدس مهما حدث، والجانب القانوني المطروح مع الأمم المتحدة.
ففيما يخص طرح الملك لمسارات فتح أفق سياسي نحو سلام عادل للقضية، أبرز اسليمي أن المغرب يقوم بمبادرات على هذا المستوى باعتباره مقبولا لدى جميع أطراف الصراع، لأنه لا يمكن تقديم مساعدات لغزة والضفة في مناخ صراع إذا لم تكن مقبولا من طرف القوتين المتصارعتين، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن المغرب رائد على مستوى بناء السلام في وقت تريد دول أخرى استمرار الحرب وتنتج الشعارات فقط، بحسب تعبيره، لافتا إلى أن دعوة الملك إلى قطع الطريق على المتطرفين يأتي في ظل وجود أطراف توظف القضية الفلسطينية ولا تريد إقرار السلام للشعب الفلسطيني.
وتابع قوله: “هناك ثابت آخر يتشبت به المغرب في سياسته الخارجية لدعم القضية الفلسطينية، وهو حل الدولتين، أي أن المغرب يتحدث بالشرعية الدولية، ويشير إلى وضعية القدس”، معتبرا أن المملكة “تحمل القضية الفلسطينية في النقاش داخل الأمم المتحدة والجامعة العربية وفي اللقاءات مع القوى الكبرى”.
وأبرز في هذا السياق أن المملكة تقوم بمحاولات اختراق ديبلوماسي لتؤثر على القرار الدولي باعتبار المغرب مقبولا لدى الأطراف، والأمم المتحدة تعتمد عليه، وُيعتبر من صمامات الأمان في العالم على مستوى السلم والأمن الدوليين، ومعروف أن هناك طلب على الحضور المغربي”، على حد قوله.
ويشير المحلل السياسي إلى أن هذا الأمر “لا يكون إلا لدولة مقبولة لها تاريخ ومصداقية ويرأسها قائد مثل الملك محمد السادس الذي يشكل موضوع ثقة من طرف زعماء العالم”، مضيفا: “نستحضر حين كتب الملك رسالة إلى الرئيس لأمريكي السابق حول القدس بصفته رئيس لجنة القدس، وكان هناك جواب عليها، وهذه مصداقية عالمية”.
واعتبر أن “المغرب لا يتحدث كثيرا، لكن إذا سألت الفلسطينيين سيقولون إن المغرب هو الذي يستجيب للحاجيات في الميدان، أي أنه حاضر ولديه المعلومات الكافية ليتدخل في اللحظة المناسبة، في المقابل تتدخل مجموعة من الدول لتحقيق مصالحها، لكن المغرب له مصلحة واحدة هي مصلحة الشعب الفلسطيني”.
وخلص اسليمي إلى أن السياسة الخارجية تعتبر دائما القضية الفلسطينية أولوية ومركزية، في وقت تخرج فيه أكبر التظاهرات المتضامنة مع فلسطين في المغرب، كما أن المواطن المغربي يدعم القضية ماليا ومعنويا، مضيفا: “سنعرف بعد نهاية هذا النزاع، المجهودات التي بذلها المغرب لدعم الفلسطينيين، والحفاظ على الدولة الفلسطينية”.
تعليقات
0