روبورتاج و تحقيق

ماذا تعني كلمة تارودانت؟ بقلم الاستاذ عبد القادر بوراص

بفام الاستاذ عبد القادر بوراص – جريدة البديل السياسي 
ماذا تعني كلمة تارودانت؟
لا يوجد أي أصل حقيقي لتسمية “تارودانت”، يوجد كم زاخر من الافتراضات والاحتمالات يستعصي معها معرفة الأصل الحقيقي لهذه التسمية، وهي عبارة عن روايات شفهية تناقلتها رواية القدماء الذين زاروا المدينة، ومن ضمن الروايات: رواية مشهورة في التراث الروداني مفادها أن المدينة تعرضت لفيضان في وقت مضى، فتسبب في خرابها و هلاك أغلب سكانها، وهنا يحكى أن امرأة فقدت أبناءها، وبفعل حزنها صاحت باللغة الأمازيغية (تاروا، دانت)، ومعناها بالعربية (الأبناء، ذهبوا). ومع توالي السنين أصبحت المدينة معروفة بهذا النعت، وبكثرة الاستعمال اندمجت الكلمتان “تارو” و “دانت” في كلمة واحدة فأصبحت تارودانت. ما يدعم هذه الرواية، نجد المدينة محاصرة بين وادي سوس ووادي الواعر، مما جعلها أكثر عرضة لفياضانات متتالية في العصور القديمة، حيث كان المناخ رطبا، فترسخت الرواية في الذاكرة الشعبية نظرا لترددها عبر الأجيال.
وقد ورد في بعض المصادر الأخرى أن تأسيس مدينة تارودانت تم على يد عناصر من الشام، فسميت برودانة بنت الشام، وهي رواية مشهورة عديمة السند بالمعنى الذي وردت به، ولعل رواجها حديث العهد، وبالتالي فهذه الرواية لا تعدو أن تكون مجاراة لعادات المؤرخين المشارقة القدماء في تشبيههم للمناطق والمدن التي زاروها بالمغرب والأندلس بمناطق شامية مشرقية لوجه شبه بسيط. وهناك تفسير يعتمد على معطى الموقع المتميز للمدينة وسط سهل خصب دائم الاخضرار تُغذيه أودية هامة.
وعلى البعد اللغوي للتسمية، نجد لفظ تارودانت آت بمعنيين مختلفين (تار) وتعني عديم أو عديمة، والمعنى الآخر (دانت) بمعنى ذهبوا. من جهة أخرى، هناك من يرى أن تارودانت اسم محرف عن لفظة (تاغودانت)، وهو نوع من التين باللغة الأمازيغية “لهجة تاريفيت”، ويسمى بلهجة تاشلحيت (تالغودانت)، وهنا يتحقق ما يسمى بالإبدال، فيصبح حرف الغين راءً أو العكس. وهناك ما يؤكد ذلك مثلا “اداوزداغ”، وهي تعني أهل المنطقة السفلى توجد في الأطلس الكبير وتحولت لتصبح “اداوزدار”.
وكما يزعم أن تارودانت قد تكون لها صلة بما يسمى بالمنطقة بالأمازيغية “دار وادان” والتي تعني الحاجز، وبما أن المدينة محاطة بالسور أطلق عليها اسم تارودانت، وهي مؤنث لـ “دار ودان” لاسم السور، وبالتالي فإن اسم تارودانت قد يكون له معنى المدينة المسورة.
ومن خلال ما سبق يتبين أن تارودانت هو الاسم القديم الذي عرفت به المدينة مند ظهرت أخبارها في كتب التاريخ، ورغم كثرة الاجتهادات لتفسير دلالة هذا الاسم، فقد ظل يكتنفه الغموض، ويفتقر إلى كثير من البحوث. ويمكننا في الأخير ترجيح ما جاء به الأستاذ عمر افا في كتابه “مسألة النقود: “من أن الكلمة الأمازيغية أصلها (أرودان) بمعنى المرتفع، وقد عرب هذا الاسم فورد على القطع النقدية التي سكت بالمدينة خلال القرن 19م – ق13ه، باسم (رودانة).

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار