قضايا المجتمع

ورشة تفكير حول حماية الأطفال في وضعية الشارع: استراتيجية حمائية وتعزيز التنسيق بين الفاعلين.

نورالدين عمار – جريدة البديل السياسي .

نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء ـ سطات في 22 نونبر 2024 ورشة تفكير تهدف إلى وضع استراتيجية حمائية للأطفال في وضعية الشارع، وهي خطوة مهمة في تعزيز حقوق هذه الفئة الهشة. شارك في الورشة فاعلون مؤسساتيون ومدنيون، حيث تم تناول سبل تفعيل استراتيجية تحمي الأطفال في وضعية الشارع، وتنسيق الجهود بين مختلف الفاعلين لتكريس المقاربة الحقوقية في التعامل مع هذه الظاهرة.

الهدف من الورشة: تعزيز التنسيق وتوحيد المفاهيم تأتي هذه الورشة في سياق التفاعل مع تقرير موضوعاتي أعدته اللجنة حول الأطفال في وضعية الشارع، والذي قدم في 26 دجنبر 2023.

التقرير سلط الضوء على ضرورة تعزيز التنسيق بين الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين، كما دعا إلى تقوية قدرات الجمعيات المهتمة بحقوق الأطفال في وضعية الشارع. كان الهدف الأساسي من الورشة هو التوصل إلى منهجية متكاملة لحماية هؤلاء الأطفال، مع التركيز على حقوقهم كما وردت في المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية.

توجهات استراتيجية الحماية استهلت الورشة بعرض تفاعلي قدمه الأستاذ خالد حنفيوي، الخبير ورئيس قسم حقوق الطفل في المجلس الوطني لحقوق الإنسان. حيث أوضح أن الاستراتيجية المعتمدة في هذا الإطار ترتكز على فلسفة حقوق الإنسان، خاصة حقوق الطفل. شدد حنفيوي على أهمية توحيد المفاهيم المرتبطة بحقوق الأطفال، مثل “المصلحة الفضلى للطفل” و”كرامة الطفل” و”الطفل في وضعية الشارع”.

كما أشار إلى ضرورة إشراك الأطفال في بلورة السياسات المتعلقة بهم وتقييمها، وهو ما يعكس أحد المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وهو حق الأطفال في المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم. وأكد حنفيوي أن أي استراتيجية لحماية الأطفال في وضعية الشارع لا بد أن تتضمن ضمان عدم التمييز وضمان الحماية القانونية.

كما أشار إلى أن حماية الأطفال هي مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الحكومية، المجتمع المدني، والأسرة، مما يتطلب بيئة حماية شاملة.

تحليل الظاهرة والتحديات تعتبر ظاهرة الأطفال في وضعية الشارع من التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع المغربي، حيث يجد هؤلاء الأطفال أنفسهم في بيئات غير آمنة تفتقر إلى أبسط حقوقهم الأساسية، مثل الحق في التعليم، الرعاية الصحية، والأمان النفسي والجسدي.

هذا الوضع يضعهم في مرمى الاستغلال، التعنيف، والمخاطر الاجتماعية. من خلال تحليل هذه الظاهرة، يمكننا ملاحظة أن المشكلة لا تقتصر فقط على الفقر المدقع أو غياب الرعاية الأسرية، بل تعود أيضًا إلى غياب التنسيق بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني، فضلاً عن غياب سياسات واضحة وفعالة لمعالجة هذه القضية من جذورها.

التشريعات الوطنية والدولية لحماية حقوق الأطفال فيما يتعلق بالتشريعات، ينص الدستور المغربي على أن “المواطنات والمواطنين، بما في ذلك الأطفال، يتمتعون بكافة الحقوق والحريات الأساسية دون تمييز”، كما أن المغرب التزم بمجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى حماية حقوق الأطفال. على رأسها اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989، والتي تشدد على حقوق الأطفال في الحصول على التعليم، الرعاية الصحية، الحماية من الاستغلال، والمشاركة في الحياة العامة. في المغرب، تم تكريس هذه الحقوق من خلال مدونة الأسرة التي تعد مرجعًا أساسيًا في حماية حقوق الطفل، بالإضافة إلى قانون حماية الأطفال الذي ينص على تدابير لحماية الأطفال المعرضين للخطر، بما في ذلك الأطفال في وضعية الشارع.

التوصيات والنتائج الورشة خلصت إلى تشكيل مجموعة عمل مكونة من فاعلين مؤسساتيين ومدنيين. وتعد اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان هي الحاضنة لهذه المجموعة التي ستعقد اجتماعات دورية لمتابعة وتقييم تطور الاستراتيجية الحمائية.

كما ستتولى المجموعة مهام تطوير آليات العمل وتنفيذ السياسات المتعلقة بحماية حقوق الأطفال في وضعية الشارع.

وقد أكدت التوصيات على ضرورة تكثيف التنسيق بين الفاعلين المدنيين والمؤسساتيين، وتبادل الخبرات بين الجمعيات العاملة في هذا المجال.

كما دعت إلى التركيز على الوقاية من خلال العمل على الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، وتعزيز التعليم في المناطق المعرضة لخطر تفشي هذه الظاهرة.

ورشات تدريبية لتقوية قدرات الفاعلين المدنيين تنفيذاً لمخرجات التقرير، نظمت اللجنة الجهوية سلسلة من الورشات التدريبية لتقوية قدرات الجمعيات العاملة مع الأطفال في وضعية الشارع. الورشة الأولى كانت مخصصة لتحديد الحاجيات الخاصة بدعم قدرات هذه الجمعيات، بينما ركزت الورشة الثانية على التدابير الوقائية في الوسط المدرسي، وذلك من خلال معالجة إشكالية الهدر المدرسي التي تمثل أحد أسباب تزايد عدد الأطفال في وضعية الشارع.

كما تناولت الورشة الثالثة المعايير الوطنية والدولية لحماية حقوق الطفل، بهدف تزويد الأطر العاملة في الجمعيات بالأدوات اللازمة لتفعيل المقاربة الحقوقية في عملهم.

تعد هذه الورشة خطوة هامة نحو حماية الأطفال في وضعية الشارع بالمغرب، فهي تركز على تعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين المعنيين وتعتمد على مقاربة حقوقية شاملة لضمان حماية الأطفال.

يتطلب النجاح في تنفيذ هذه الاستراتيجية التزامًا جماعيًا من الجميع — المؤسسات الحكومية، المجتمع المدني، والأسر — من أجل توفير بيئة آمنة للأطفال وتكريس حقوقهم الأساسية وفقًا للمواثيق الدولية والتشريعات الوطنية.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار