قضايا المجتمع

النقابات والحكومة.. مواجهة محتدمة حول مشروع قانون الإضراب

جريدة البديل السياسي

في خطوة تهدف إلى تعزيز ثقافة الحوار الاجتماعي، أعلنت مجموعة من التنظيمات النقابية والسياسية والحقوقية عن إطلاق “جبهة الدفاع عن ممارسة حق الإضراب”، في مواجهة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بكيفيات ممارسة الإضراب، الذي أثار جدلاً بشأن مضامينه وتداعياته على المكتسبات الاجتماعية. وتهدف الجبهة إلى توحيد الجهود للدفاع عن هذا الحق الدستوري، مع التأكيد على ضرورة تحقيق توازن بين احترام حقوق الشغيلة ومتطلبات التنمية الشاملة.

يهدف مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 إلى تحديد الشروط والإجراءات اللازمة لتنفيذ حق الإضراب بما يتوافق مع المصلحة العامة ومتطلبات النظام الاجتماعي والاقتصادي. ومع ذلك، أثارت بعض مقتضياته انتقادات واسعة من مختلف الأطراف، التي اعتبرت أن المشروع يشكل تقييداً لهذا الحق الدستوري ويقوض مكتسبات الشغيلة، مطالبين بإدخال تعديلات تضمن حماية هذا الحق وتعزيز ضماناته.

 

“الرسالة تُقرأ من عنوانها”

في سياق اللقاء الصحفي الذي نظمته “جبهة الدفاع عن ممارسة حق الإضراب” صباح اليوم الأربعاء 27 نونبر الحالي، بمقر النقابة الوطنية للصحافة بالرباط، تم استعراض الدواعي التي أفضت إلى تأسيس هذه الجبهة وبرنامجها النضالي، فضلاً عن مكوناتها الأساسية.

عقب اللقاء، أشار المهدي مزواري، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى المثل الفلسطيني القائل “الرسالة تُقرأ من عنوانها”، موضحًا في تصريح لموقع “لكم” أن هذا المثل ينطبق تمامًا على الحكومة الحالية، بما في ذلك النخب التي تشكلها والسياسات التي تتبعها. وقال مزواري: “هذه حكومة ليبرالية تحكمها مصالح رجال الأعمال”، وهو ما تجلى، وفقا له، في موقف نقابة “الباطرونا”، أي الاتحاد العام لمقاولات المغرب، التي أبدت وحدها إشادتها بمشروع القانون المذكور.

وأوضح مزواري أن هذه المبادرة السياسية تأتي في ظل ما وصفه بـ”التغول الحكومي” الذي تشهده جميع القطاعات، وهو ما يطرح تساؤلات حول هوية الحكومة وأهدافها على المدى الطويل. وتساءل عن الأسباب التي دفعت الحكومة إلى اتخاذ هذا الموقف، رغم الانتقادات الواسعة التي لاقتها من مختلف الأطراف، مشددًا على أن هذه الحكومة “لا تنتج شيئًا” ولم تحقق أي من وعودها الانتخابية وكذلك مضامين البرنامج الحكومي.

مشروع تراجعي 

في ذات السياق، أكد يونس فراشين، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، هذا المشروع القانوني ليس مجرد قضية تخص العمال والنقابات فحسب، بل هو قضية مجتمعية تهم جميع أطياف المجتمع المغربي، وتستدعي التعبئة الشاملة للحفاظ على هذا الحق الذي يكفله الدستور والمواثيق الدولية.

وأشار فراشين، في تصريح لموقع “لكم”، إلى أن “القانون المطروح حاليًا في البرلمان، والذي يجري النقاش حوله، لم يحترم منهجية التوافق”، حيث اختارت الحكومة “التوجه مباشرة إلى النقاش التفصيلي داخل البرلمان وبرمجة التعديلات دون إشراك الأطراف المعنية”. واعتبر ذلك “خرقًا من جانب الحكومة لمنهجية الحوار والتشاور”، مؤكدًا أن “مضامين المشروع تراجعية وتشكل تهديدًا مباشرًا لحق الإضراب”.

من جانبه، اعتبر كريم التاج أن هذا المشروع “لا يتماشى أبدًا مع روح الدستور الذي يسعى إلى ضمان ممارسة الحقوق والحريات”. وأكد عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في تصريح لموقع “لكم”، أن الجبهة ستتخذ “جميع المبادرات الممكنة”، بدءًا بمحاولة “إقناع الحكومة بضرورة مراجعة المقتضيات الأساسية في هذا النص”، إلى جانب “اتخاذ كافة الأشكال النضالية لضمان حق المواطنات والمواطنين في ممارسة حقهم الدستوري في الإضراب”.

وتشمل الجبهة مجموعة من التنظيمات النقابية والسياسية والحقوقية، مثل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والمنظمة الديمقراطية للشغل، بالإضافة إلى نقابات عدة من قطاعات متنوعة مثل التعليم العالي، الصحافة، الطب، والتجارة. كما تضم الأحزاب السياسية كحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب التقدم والاشتراكية، وحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، إلى جانب منظمات حقوقية مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والهيئة المغربية لحقوق الإنسان.

ويرى المنخرطون في الجبهة أن الحق في الإضراب يشكل حجر الزاوية لبناء مجتمع ديمقراطي يسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية. ويؤكدون على ضرورة الحفاظ على مكتسبات الشغيلة والمواطنين، في ظل ما تشهده الساحة الوطنية من احتقان اجتماعي نتيجة للسياسات العمومية الحالية.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار