قصه قصيره بقلم مروة رمضان عامر…..؟
قصه قصيره بقلم مروة رمضان عامر-
جريدة البديل السياسي :
:
مضت الأيام كسالف عهدها…البيت يزداد غموضا..رائحة الشر والشهوة تنتشر فى المكان.. ضاقت( زهرة) كثيرا من حالها… فكرت عدة مرات فى الفرار من البيت، الفرار من قصة حب فاشلة،من جمال أختها ومغامرات أمها… ولكن هل ستترك (شادية ) فى ذلك البؤس والشقاء؟؟!
وفى يوم .. سكن الحى(يوسف) .. شاب وجهه مستدير ممتلئ .. عيناه باسمتان … قوى البنية، زار المخبز عدة مرات لشراء الخبز والكعك … كان مميزا بسعادته!!! نعم.. فهو لايكف عن الضحك، يستطيع أن يحول بمهارة وذكاء كل الماسى الى مهاذل!! ضحكته وصحته الصارخة ووداعة قسماته لفتت انتباه(جيهان ) ..اندفعت وراءه بشغف، حاولت ان تهاجم حصنه المنيع دون جدوى.
ازداد غضب(جيهان ) ،لم تستطع أن تستوعب فكرة ان هناك رجل قد يقول لها لا!!.. راقبته عن كثب وارتابت في أمره..فهى لن تقبل الهزيمة! كلما زاد اصرارها، كلما ازداد نفوره منها، فطحنتها الخيبة وتجرعت مرارة الهزيمة، وسعدت بذلك(زهرة ) كثيرا، حتى جاء يوم من أيام الشتاء القارس البرودة..وتوارت الشمس وراء ركام السحب وهب هواء مزمجر صارخ، وازداد غضب الطبيعة وثورتها بقدر ما تسمع من صفيرها من خلال زجاج النافذة وسقطت الأمطار، فشعرت(زهرة ) بخنقة شديدة واستغلت انشغال أمها فى حجرة الصالون مع الضيوف كالعادة وغادرت البيت، سارت على غير هدى في طرقات الحى الفقير، شاردة الذهن حتى وجدت نفسها بعيدة عن الحى وبعد لحظات رأت(يوسف) ،اقترب منها والقى عليها التحية بوجه باسم وأجابت فى هدوء.. ثم أسرع متسائلا: هل أنتى بخير؟؟
_نعم أشكرك
-لقد بعدتى كثيرا عن الحى والبيت والوقت متأخر والجو ممطر بارد..هل تودين ان اصطحبك إلى البيت؟ ؟
نظرت له مندهشة..فأسرع يقول: معذرة..أنتى لا تعرفينني.. أنا (يوسف ) أقطن..
فقاطعته مسرعة: أعرفك..أعرفك جيدا
وصمتت للحظات ثم قالت: واعلم قصتك مع(جيهان)!!
اندهش من جرأتها.. واسترسلت في حديثها وهى تسير بجواره فى طريق العودة الى الحى: واعلم جيدا انها لن تتركك بسهولة، لن تفتر حماستها ولن تستطيع ان تهدم تلك القصور التى بنتها في رأسها، لن تستطيع أن تفسد عليها حلم النشوة والنصر!!
فغرق في صمته للحظات ثم نظر لها فى خلسة قائلا: لقد رأيتك من بعيد وكنتى شاردة الذهن.. هل أنتى بخير؟؟
_نعم انا بخير.. كنت اقرأ جزء من قصيدة(شاطئ دورفر ) فشعرت بالضيق، وفضلت الخروج من البيت.
-وما موضوع هذه القصيدة؟؟
_هذه قصيدة من العصر الفيكتورى للشاعر(ماثيو أرنولد )تعكس حالة اليأس والحزن التى اصابت الإنسان لفقده الإيمان وذلك بعد الثورة الصناعية وظهور نظرية دارون… فقدان الإيمان قد يخلق بداخلنا كابوسا مفزعا.
اندهش يوسف من حديثها قائلا:انتى مختلفة عن(جيهان ).
_أكيد…جيهان جميلة!!!
_نعم.. هى جميلة..وجوفاء فارغة..لقد سمعت الكثير عن بيتكم..عن جدتك وتلك العجوز(سفرجل).. كل من فى الحى يخشاها و….
قاطعته:لقد وصلنا..أشكرك.
تركته سريعة هاربة..فأسرع ورائها: اعتذر بشده لم اقصد التطفل!!
_لا داعى للاعتذار..لكن لابد أن اتركك هنا فالوقت متاخر والبيت قريب .
_ولكن لابد ان نلتقى مرة أخرى.
ابتسمت(زهرة) في ارتباك وقالت:اذن إلى اللقاء .
عادت إلى البيت..لم يلحظ احد غيابها..فاتجهت بهدوء إلى غرفتها..ولكنها سمعت صوت همهمة..فتوقفت عن الحركة وسارت خلف الصوت حتى وصلت إلى المطبخ ووقفت وراء الباب ولمسته فوجدته مفتوحا ورأت امها تتحدث مع(سفرجل) بصوت هامس:خدى..يكفى نصف ملعقة..لاتزيدى.
ورأت امها تعطيها كيس صغير به القليل من البودرة الملونة ثم قالت:هل فهمتى ما قاله الرجل؟؟!
_نعم
_إذن اجعلى الخراب يلتهم حديقتها..اود ان اسمع اخبار سعيدة هذا الصباح!!
_بالطبع
_هل تاملتى صور الحديقة جيدا؟؟
_نعم
_يجب ان تذهبى الان.
وهنا أسرعت(زهرة) راكضة نحو حجرتها ودخلتها مسرعة..ودقات قلبها تتسارع كأنها خيل في سباق..تحاول أن تستجمع قواها ان تحلل ماسمعته وما رأته، لكن كل شئ مبهم غامض!
فى الصباح تصايحت الديكة وتواثبت العصافير فوق الأغصان وارسلت الشمس دفقات من الحرارة الواعدة لتلطف من جو الشتاء..وزهرة مازالت في سريرها مستيقظة لم تنل قسطا من النوم..ترددت فى اذنيها عده مرات: اجعلى الخراب يلتهم حديقتها!! ظلت تفكر فى الحديقة و الخراب و سفرجل.
أيقنت انها لابد أن تتحلى بالشجاعة وتدخل المعمل..لابد أن تفهم ماذا يدور هناك؟؟!ماهو دور سفرجل؟؟
ثم تذكرت ذلك الباب المغلق فى المطبخ وتعلم ان هناك سلم داخلى بين المطبخ والمعمل؛ لكن كيف ستفتح ذلك الباب وكل المفاتيح معلقة بسلسلة تضعها(سعاد) حول رقبتها.. لابد ان هناك طريقة ما!!!
وللقصة..بقية
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار