خالد بولشيوخ: حكاية رجل نسجت حياته من خيوط الصدق والعطاء
بقلم الأستاذ جمال الغلزي – جريدة البديل السياسي
خالد بولشيوخ: حكاية رجل نسجت حياته من خيوط الصدق والعطاء .
في قلب مدينة الناظور، حيث تختلط روح النضال بعبق الإنسانية، يبرز اسم خالد بولشيوخ (المولود عام 1962) كرمز خالد لرجل استثنائي جمع بين النضال، الإبداع، والعطاء.
خالد لم يكن مجرد رجل أعمال أو سياسي، بل كان روحا نابضة بالحياة، تحمل قيما تربى عليها في بيتٍ امتلأ بالوطنية والوفاء.
خالد، الذي كان دائما يستشهد ببيت شعري يلخص فلسفته في الحياة: “هيا بنا نحمي الوطن، نحيي الفرائض والسنن”، ترعرع في منزل حيث القيم الوطنية والإيمان كانت أساس التربية خالد تربى فى ايت سعيد ووالده كامام وفقيه كان يشتغل بقرية ايت قمرة بالحسيمة .
وبعد عودته من ايت قمرة إلى ايت سعيد حكى له والده ماجرى فى حرب الريف.
نشأ خالد في بيت والده السيد شعيب، الفقيه والمجاهد الذي عاش أجواء المقاومة ووقف شاهدا على وداع القائد محمد بن عبد الكريم الخطابي. ترعرع خالد وسط هذه الأجواء النضالية، وامتلأ قلبه بقيم الإخلاص للوطن، ليحمل الشعلة التي أوقدها والده ويضيء بها دروب الآخرين.
قرب المستشفى الحسني في الناظور، لم يكن خالد مجرد تاجر، بل كان ملاذا للمحتاجين.
بابه كان مفتوحا لكل من ضاقت به السبل، يساعد المرضى وأسرهم دون انتظار مقابل. علاقاته الطيبة مع العاملين في المستشفى جعلته جسراً للمحتاجين لتيسير أمورهم.
بسخاء نادر، جعل من عطاءه عنوانًا لحياته، ملامسًا قلوب الناس بأفعاله قبل كلماته. في ساحة الثقافة، كان خالد حاضرا بقوة.
انخرط في جمعية الانطلاقة الثقافية، حيث ترك بصمة واضحة في الأنشطة الثقافية التي غذّت مدينة الناظور بروح جديدة.
أما في السياسة، فكان عضوًا بارزا في حزب التقدم والاشتراكية، معروفا بجرأته وواقعيته.
لم يسع للظهور، بل كان همه الأول النهوض بمدينته وخدمة أهلها.
عندما تقلد عضوية مجلس مدينة الناظور، كان خالد نموذجًا للمسؤول الذي يضع مصلحة الناس فوق كل اعتبار.
مشاريعه كانت ملموسة، من تعبيد الطرق إلى إيصال الماء والكهرباء للأحياء المهمشة. اقتراحاته كانت دائما عملية وتصب في تحسين حياة السكان، ليكسب احترام الجميع.
لكن خالد لم يكن مجرد سياسي أو رجل أعمال، بل كان شاعرا مرهف الحس.
كتب قصائد غنائية خالدة غنتها فرق أمازيغية شهيرة في سنوات الجمر مثل ثرلي، “إيميران”، و”حسن تبرينت” واثران قصيدته “وخا نزوا أمان” كانت تجسيدا لموهبته الشعرية وعمق إحساسه بالحياة والوطن، لتبقى شاهدا على إبداعه وروحه الإنسانية.
لم يكن خالد يخشى مواجهة الفساد، بل كان أحد أبرز الأصوات التي نادت بالإصلاح ومكافحة الفساد في الأحزاب والمجتمع. مواقفه كانت صلبة، وانتقاداته كانت بناءة، يدافع عن تطلعات السكان بشفافية وأمانة. في مجال العمل الجمعوي، ترك خالد بصمة لا تُمحى.
ترأس جمعية الحي، وساهم في تنميته بمساعدة العمالة ومجلس الإقليم والمحسنين. كما ترأس جمعية التجار بالإقليم إلى أن أجبره المرض على الاستقالة. بالإضافة إلى ذلك، كان رئيسا سابقا لجمعية الآباء، التي حول من خلالها إحدى المدارس إلى نموذج يحتذى به في المدينة. عبر هذه الجمعيات، عقد لقاءات مع وزراء ومسؤولين واستقبل وفودا أجنبية، ليصبح جسرا بين مدينته والعالم.
حياة خالد كانت حكاية وفاء وتضحية. لم يكن فقط الابن البار بوطنه وعائلته، بل كان عنوانا للرجولة والإنسانية.
احتضن والديه في حياتهم وودّعهم بحب وإخلاص، وظل مثالا يُحتذى به في الصدق والأمانة.
خالد بولشيوخ، شاعر الحياة، ومناضل من أجل الحق، سيبقى حاضرا في ذاكرة الناظور كرمز للإنسان الذي عاش ليرفع قيم الصدق والعطاء. شهادات الناس بحقه تؤكد أنه كان نورًا يضيء دروب من حوله.
نسأل الله أن يمده بالصحة والعافية، وأن يبقى إرثه الإنساني شاهدا على مسيرة حياة قلّ نظيرها.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار