رحلة السلام … بقلم الاستاذ عبد العزيز أشركي
عبدالعزيزأشرڭي – جريدة البديل السياسي
قصيدة جديدة نشرتها مؤخرا لأول مرة على صفحات مجموعة الاتحاد الدولي للمؤلفين، ضمن مسابقة النص المتميز، حول موضوع السلام.)
= رحلة السلام =
أيَا حمامُ يا رمزَ السلمِ و السلامِ
أقرِئ أبناءَ آدمَ أعزَّ السلامِ
حدِّثهم عن طفل رأى في المنامِ
عالماً يشْبهُهُ عالمُنا بالتَّمامِ
كوكباً أخضرَ و مخلوقاتِ السلامِ
كما الأرض و ما عليها من الأنامِ
رآه عبر شاشةٍ في عمق الظلامِ
كما يرى النائم شرائطَ الأحلامِ
لكنه عالمٌ بدَا له في الختامِ
يَنعم فيه البشر بالأمن و السلامِ
فلا حربَ و لا قتالَ بين الأقوامِ
و لا عراكَ بين ذاك و ذاك النظامِ
لا بالرصاص و لا بضرباتِ الحُسامِ
و لا بالقنابل من شتى الأحجامِ
و لا بنَصب الفخاخ و زرع الألغامِ
و لا ببَثِّ السموم و نشر الأسقامِ
عالمٌ لا يوجَد فيه من الحكَّامِ
من يَزُجُّ بشَعبهِ في لهيب الصدامِ
من أجل السطوة و تحقيق الأوهامِ
في التَّوسع بالسطو أو بالاقتِسامِ
و لا مكانَ فيه للطغاة و الظُّلاَّمِ
و لِمجرمِي الحرب و سدَنةِ الإجرامِ
و لا لِمفتعِلي النزاعاتِ اللئامِ
النَّافخينَ في نارها على الدَّوامِ
عالمٌ لا تَملأ الجثثُ بالأكوامِ
بُؤَرَ صراعاتِه المسلَّحة الجِسامِ
و لا يَعجُّ بالأرامل و بالأيتامِ
و مَعطوبي الأرواح كما الأجسامِ
من فرطِ سفكِ الدماء دون الإحجامِ
عن قتلِ و ذبحِ الأطفال كالأغنامِ
و قصفِ المَدنِيِّينَ العُزَّل النِّيامِ
و اقترافِ أبشع الفِعال و الآثامِ
بسبب العَصبيَّةِ و الحِقد الهدَّامِ
و الطَّائفيَّةِ إلى درجةِ الانفِصامِ
و العِرقيَّةِ و هَوَس نقاءِ الأرحامِ
و العُنصريَّةِ و التَّمييز المُتنامِ
و قد تعجَّبَ الطفل لهذا السلامِ
الذي يَسود ما شاهَده كالأفلامِ
تعجَّبَ أكثر لِما رأى من الوئامِ
و التَّآخي و التَّآلف و الالتِحامِ
بين سكان هذا العالم الكِرامِ
و في ما بينهم و قادَتِهم العِظامِ
و ما بين الجميع مِن عجيبِ انسجامِ
و بين الطبيعة الأُمِّ و مِن التِئامِ
و بينما هو غارق في الاهتمامِ
بعجائب الشاشة التي في الأمامِ
انطفأت لِوحدِها فهَمَّ بالقِيامِ
فاغِراً فاهُ رغم الغَلَس بالابتسامِ
وَدَّ لو في حلمهِ العذْب كالأنغامِ
ظَلَّ سابحاً مِثل طَيْرٍ في الغمامِ
و مِن حولِه أسرابُ نُحامٍ و يَمامِ
تحلِّق حُرَّةً في حُبُورٍ و سلامِ
فإذا بِنورٍ كأنه ضوءُ أجرامِ
قد بَدَّدَ ما في الحجرة من إعتامِ
لِتلِجَ فجأةً بِنتٌ حَسنَة القَوامِ
إليها برفقة اثنين من الأقزامِ
فتَحَوَّل جَذَلُ الصَّبِيِّ إلى اغتِمامِ
من شِدَّةِ الهَلَع و حِدَّةِ الاستِفهامِ
لكِنَّ الفتاةَ حَكَت له بِلا كلامِ
بالتَّخاطُر أنَّه في كوكب السلامِ
و أنَّه مِمَّن اختاروهم لإتمامِ
تَجاربَ على أهْل الأرض من أعوامِ
لاستِكناهِ أغوارِ عِلَّةِ استِحكامِ
الحروب وسطَ عالمِهم بَدَلَ السلامِ
مُنهِيةً اتِّصالَها بِعقل الغُلامِ
بتخييرهِ بين البقاءِ المُستدامِ
معهم أو إرجاعِهِ دونَمَا إلزامِ
إلى وضعِهِ قبل خطفِهِ منذ أيَّامِ
فأدرك أنَّه ليْس أضْغاثُ أحلامِ
ما وَعَاهُ في تلك اللحظات الضِّخامِ
مُستذكِراً قِصص الفضاءِ و الأهرامِ
التي كان يَرويها أحد الأعمامِ
و مُستحضِراً باشتياقٍ و باحترامِ
صوَرَ أبَويْهِ و أختِهِ الأكبر إكرامِ
دون نسيان صديقيْهِ عبد السلامِ
و سامِي و شِعارهم لا للاستسلامِ
و دون إغفال صوَرِ لاجِئي الخِيامِ
و الأشلاءِ المطمورةِ تحت الحُطامِ
و كل المآسي بعالمِ اللَّاسلامِ
دائمةِ العرضِ في وسائل الإعلامِ
ثُمَّ قرَّرَ مُصارحةَ فتاةِ السلامِ
بأنه اختارَ العودةَ على المُقامِ
فعالمُهُ المُترَع بالدَّمِ و الآلامِ
هو إليهِ أحوَج لمُعانقةِ المَرامِ
حيث لا معنى لِحياتِهِ بانتِظامِ
في غياب من يَدينُ لهم بالهِيامِ
و رسالةٍ يُؤَدِّيها قصد الإسهامِ
في اتِّقاءِ الحروبِ و بِناءِ السلامِ
و قبل النَّبْس بحَرفٍ شَعَرَ بانعِدامِ
الوُجودِ و بشيءٍ شبيهٍ بالهُلامِ
يَشفِطهُ حتى أَلْفَى نفْسَهُ بمَنامِ
غُرفتِهِ بِلا ذِكرى عن رحلةِ السلامِ
نَهَضَ من فِراشِهِ بهِمَّةٍ و إقدامِ
إذ انتابَ لُبَّهُ نوع من الإلهامِ
و سمِع صوتاً داخِلَهُ يقول باعتِزامِ
سأُكرِّس حيَاتي في سبيل السلامِ !
عبدالعزيزأشرڭي
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار