جريدة البديل السياسي – إعداد: الأستاذ محمد الحدوشي.
في .مثل هذا اليوم المجيد 14 غشت 1979، حيث خُطّت إحدى الصفحات المشرقة في سجل التاريخ المغربي الحديث، حين عاد إقليم وادي الذهب إلى حضن الوطن الأم، تحت راية العرش العلوي المجيد، في مشهد وطني خالد جسّد أسمى صور الوفاء والعهد، وعمّق الرابط الأبدي بين العرش والشعب.
إنه يومٌ تتجدد فيه الذاكرة الوطنية وتتعزز فيه مشاعر الاعتزاز بالانتماء، حيث يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير الذكرى الـ46 لهذا الحدث التاريخي، الذي شكل محطة فاصلة في مسار استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة.
منذ أن نال المغرب استقلاله، وضع نصب عينيه استرجاع كافة أقاليمه المغتصبة. فاسترجع طرفاية سنة 1958، وسيدي إفني سنة 1969، ثم الساقية الحمراء سنة 1975 في إطار المسيرة الخضراء المظفرة، وصولاً إلى محطة 14 غشت 1979، حين وفدت وفود علماء ووجهاء وأعيان وشيوخ سائر قبائل وادي الذهب إلى الرباط، لتجديد بيعتهم لأمير المؤمنين، جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، معلنين ارتباطهم الوثيق بالوطن الأم وتمسكهم بوحدته الترابية من طنجة إلى الكويرة.
فكانت بيعة العزّ والكرامة وكان ذلك اليوم لحظة تاريخية بامتياز، إذ قدّم أبناء وادي الذهب بيعة الرضى والرضوان للملك الراحل، الذي خاطبهم بكلمات لا تزال راسخة في الذاكرة الوطنية: “منذ اليوم، بيعتنا في أعناقكم ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم.
وفي إشارة رمزية إلى استمرار الكفاح من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية، وزع جلالته السلاح على وفود القبائل، مؤكداً أن المغرب سيظل حامياً لهذه الربوع وأبنائها.
لم يكن استرجاع وادي الذهب حدثاً سياسياً فحسب، بل بداية لمسار تنموي شامل، قاده المغرب برؤية ملكية سديدة، أدمجت الأقاليم الجنوبية في النسيج الوطني من خلال مشاريع مهيكلة وبنيات تحتية حديثة، جعلت من الداخلة وادي الذهب قطباً اقتصادياً وسياحياً واعداً على المستويين الوطني والإقليمي.
وقد شكّل النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2016، خطوة استراتيجية نحو تنمية متكاملة ومستدامة، ترتكز على الاستثمار، خلق فرص الشغل، وتطوير البنيات الأساسية. تحمل ذكرى استرجاع وادي الذهب رسائل واضحة للأجيال المتعاقبة: الوفاء للعهد، الدفاع عن الوحدة الترابية، وتعزيز التعبئة الوطنية لمواجهة مناورات الخصوم.
كما تؤكد على التلاحم الوثيق بين الشعب المغربي ومؤسساته، وعلى أن قضية الصحراء ليست مجرد ملف سياسي، بل قضية وجود وهوية.
وبمناسبة هذه الذكرى، تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مهرجانات خطابية، وأنشطة تربوية وثقافية عبر مختلف ربوع المملكة، مع تكريم صفوة من قدماء المقاومين وتوزيع إعانات اجتماعية على المستحقين، تخليداً لروح النضال والعطاء.
يظل يوم 14 غشت عنواناً للوحدة الوطنية، ومعلماً من معالم الصمود المغربي، ودليلاً على أن العهد بين العرش والشعب عهد وفاء لا ينقطع، وإصرار على مواصلة البناء والدفاع عن كل حبة رمل من تراب الوطن.
تعليقات
0