جريدة البديل السياسي |البديل الثقافي

شجرة الشّاون : بقلم الاستاذة :  نعيمة السي أعراب

16406702_420264711649700_2926373491446183732_n

جريدة البديل السياسي.كومنعيمة السي أعراب

رجعت عايدة من جولتها مساءً إلى الفندق، وجلست تشاهد التّلفاز ومناظر المدينة الزّرقاء تتراقص أمام عينيها، حتّى أخذها النّوم، فرأت حلماً عجيباً…
رأت نفسها وقد تحوّلت إلى شجرة أرز عظيمة، جذورها في الأرض وأغصانها في السّماء، تحرّكها الرياح، فلا تنال منها شيئاً… فجأة، سمعت منادياً ينادي:
"يا شجرة الشّاون العظيمة! يا شجرة الشّاون العظيمة!".
التفتت ذات اليمين وذات الشّمال، فلم تجد أحداً، ثمّ نظرت إلى أسفل، فظهر لها راعٍ جميل ومعه معزتان صغيرتان. خاطبته قائلة:
"- ماذا تريد أيّها الرّاعي؟
– يا شجرة الشّاون العظيمة، إنّي راعٍ وحيد، وقد تُهتُ في البراري وتعبتُ من المشي والبحث عن الطّريق. هلاّ سمحت لي بالمكوث إلى جوارك، أستظلّ بظلّك وأستريح قليلاً ريثما ترعى معزتاي العشب الأخضر؟
– هناك أشجار كثيرة يمكنك الاستراحة في ظلّها"، قالت وهي تشير بأغصانها إلى الأشجار المتنوّعة حولهما. فأجابها قائلاً:


"- بحثتُ كثيراً ولم أجد أوفر من ظلّك ولا أندى من أغصانك ولا أطيب من رائحة أوراقك!
– حسناً أيّها الرّاعي، أذِنتُ لك!"، ردّت بعد تفكير.
تمدّد الرّاعي في ظلّها واسترخى حتّى غلبه النّوم، وصوت أنفاسه يصلها بوضوح كما دقّات قلبه المنتظمة. بعد ساعة، استيقظ وسمعته ينادي عليها مجدّداً:
"- يا شجرة الشّاون العظيمة! يا شجرة الشّاون العظيمة!
– ماذا تريد أيّها الرّاعي؟
– يا شجرة الشّاون العظيمة، اقترب المساء وأودّ العودة إلى الدّيار. هلاّ أذِنتِ لي بالصّعود أعلى أغصانك حتّى أستدلّ الطّريق؟
– حسناً أيّها الرّاعي، أذِنتُ لك!"، أجابت بعد تخمين، ثمّ مدّت له أغصانها وحملته حتّى صار في مستواها.
راقه المنظر وأدهشته الضّياء وأسكره الهواء، فاستعاد قوّته ونشاطه وعانقها قائلاً:
"يا شجرة الشّاون العظيمة، والله لولا المعزتان في عهدتي، ما فارقتك!… سأرافقهما حتّى أُبلِغهما حظيرةً آمنة، ثمّ أعود إليك".
فجأة، هبّت ريح قويّة، فسقط الرّاعي أرضاً. نظرت إلى حيث هوى، فوجدته قد اختفى!… احتارت في أمره وأخذت تتساءل: "تُراه يعود؟!".

من روايتي "حديقة القلب" – نعيمة السي أعراب
لوحة "أحلام باسقة" للفنان المغربي نور الدين برحمة (Noureddine Berrahma)

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي جريدة البديل السياسي