الرئيسية كتاب وآراء أموال الحروب ودماء الشعوب العربية

أموال الحروب ودماء الشعوب العربية

كتبه كتب في 3 يوليو 2024 - 2:49 ص

عبد اللطيف برادة – جريدة البديل السياسي 

تكلم فلاسفة كثيرون عن الحرب  وكان همهم من وراء نقاشاتهم  تحديد معنى جديد للانتصار الحقيقي  من اجل رسم معالم الحرب بعد أن تقصد اهدافها و تخمد نيرانها حتى تتعلم الانسانية  الحقيقة عن الحروب فتتجنب اهوالها في المستقبل  وتجنح  منحى  السلام الذي هو بكل تاكيد الوضع الطبيعي للعيش الحظاري ذلك إن الحرب التي تحركها الأهواء والأطمـاع وحب السيطـرة من أجل استغـلال الأخر و استعباده لم تكن عبر التاريخ سوى تعبير على قصور الإنسان لكيفية إدارة الاختلاف من جهة وتدبير الحل من جهة اخرى.

 قصور  ينتج عنه وضع من الفوضى الذي كثيرا ما تؤججه حمية العصبية فيتم استغلالها من اجل تبرير ممارسة القتل والإبادة و التطهير العرقي ضد الإنسانية  حتى تسود طائفة على حساب أخرى بدريعة امتلاك الحق المطلق، او التفوق العرقي او الحضاري والى غير ذلك من الحجج الواهية و هو لأمر مخزي يجعلنا نخجل من أنفسنا حيال مناظر الدمار والمآسي التي تنجم عن الحروب الدائرة حاليا  في الشرق الاوسط .

 وبناء على ذلك لا يسعنا  الا التذكير لما قاله برغسون اي “بأن الحرب هي تسلية الزعماء الوحيدة التي يسمحون فيها لأفراد الشعب بالمشاركة فيها  وذلك عبر التغني بأمجاد  و منجزات حاكميه” ، او بما قاله بتعبير اخراكثردقة وشمولا ونستون تشرشل بأن “عصب الحرب هو المال” وأكده بدوره  نابليون بونابرت بأن قوام الحرب ثلاث : المال و المال و المال إذ لولا الرغبة في السيطرة على خيرات الشعوب الأخرى و تصريف الأزمات الداخلية من خلال شن الحروب سواء المقدسة أو الخاطفة أو الاستباقية .

فلماذا تشتعل هذه الحروب التي تأكل الأخضر واليابس بحيث يتفنن الإنسان في ممارسة كل الأشكال السادية و الوحشية من التقتيل والإبادة اتجاه خصومه وأعداءه فلا يسلم لا الحجر ولا الشجر من صور بشعة يندى لها جبين الإنسانية  وهي احداث سجلها لنا الزمن فاطلعنا عليها  في سجلات التاريخ ولا نزال نرى فصولها الدموية اليوم بأم أعيننا على مختلف وسائط الاتصال المرئية، ومن خلالها يطرح علينا بالحاح السؤال الأكثر وجاهة وهو من يحرض على هذا الحروب القذرة؟! ومن يضخ الأموال؟! ومن يدرب فلول الميليشيات؟! و من يستقدم عصابات المرتزقة؟!

ومن يوفر المنابر الإعلامية لتجار الحـروب  لتأجيج الحروب و زرع بذور الفتنة؟! واتمنى ان تكون هذه الاسئلة  كما غيرها بمثابة لحظة مفارقة للإجابة عن معنى ودلالة و مغزى الحرب التي كثيرا ما تكون وسيلة سهلة لتجارة مربحة يقتات منها ذوو المصالح الفئوية الضيقة وأصحاب النفوذ والمصالح الكبرى.

 و لذلك تجدهم يتفننون في إشعالها وتأجيجها للسيطرة على خيرات ومقدرات الغير كما تجدهم لهذا الغرض بارعون في إثارة العداوات و تلفيق التهم و نشر الدعايات المغرضة،  وهو الامر الذي يؤكد قولة الشاعر والكاتب والفيلسوف الفرنسي بول فاليري على أن” الحرب  مجزرة رهيبة تدور بين أناس لا يعرفون بعضهم البعض لحساب آخرين يعرفون بعضهم البعض ولا يقتلون بعضهم البعض بل يتفرجون من بعيد على الدماء البريئة تسفك و الأرواح الطاهرة  التي تزهق من أجل مصالح يجنونها على جثت الآخرين.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .