وصيةالملك الراحل الحسن الثاني العسكرية لولي العهد محمد السادس
جريدة البديل السياسي :
قالوا بعد المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين إن الحسن الثاني طلب من قادته العسكريين أن يبتعدوا عن السياسة وأن يهتموا بالثروة. ولذلك وجدنا الجنرالات في الضيعات وأعالي البحار وغير ذلك، ولكن الملك الذي ذاق طعم الخيانة عاد ليلقن ولي العهد درس الحكم الأول في كيفية التعامل مع العمود الفقري لحكمه، وهو ما يجب استحضاره كمجهر لقراءة حدث التغيير الكبير على رأس قيادة القوات المسلحة الملكية اليوم.
حين عين الملك الراحل الحسن الثاني ولي العهد سيدي محمد منسقا للأركان العامة للقوات المسلحة الملكية، خاطبه بكلمة بليغة، مما جاء فيها: “واعلم – رعاك الله – زيادة على هذا أن الأيام التي كان يعتبر فيها الجيش كطرف من الأمة بمعزل عن المشاكل الأخرى تلك المدة قد انقرضت، فمن قبل كان يمنع على الجيش أن يتسيس، وكان يمنع عليه أن يفكر في مآل بلاده، وكان ممنوعا على الجيش تقريبا في الدنيا كلها أن توجد بين يديه صحف، واليوم تغيرت الظروف، ذلك أن اليوم يجب على كل ضابط صف وجندي أن يكون على إطلاع تام أكثر ما يمكن بما يجري في بلاده، وأن يكون فكره فكرا سياسيا، لا تلك السياسة السياسية المحترفة، بل السياسة العليا العظمى التي تكون الأهداف والمطامح إما العاجلة أو الآجلة أو المستمرة لسير بلده وتخطيط سياسته.
اعلم إذن أن للضباط وضباط الصف والجنود إخوانا وأخوات منهم من يلج المدارس، ومنهم من يلج الكليات، ولأسرهم أشخاصا منخرطين في الأحزاب السياسية، ولأسرهم أفرادا منخرطين في النقابات المهنية، هذا كله يجعل من الضباط وضباط الصف والجنود ليسوا بمعزل عما يجري حولهم، بل يجب أن يكونوا على بينة مما يجري حولهم حتى يميزوا الخبيث من الطيب، وحتى يتعاطوا للسياسة العليا التي ترمي إلى إدراك الأهداف الدائمة للسياسة السياسية التي يحترفها الناس طبقا للدستور ومقتضيات الدستور”.
هذا الخطاب الذي يعود إلى 26 نونبر 1985 يعتبر سابقا لزمانه، في قلب المؤسسة العسكرية وتحولاتها العميقة التي لا تبرز على السطح .. كان الحسن الثاني يعي التبدلات التي ستحدث داخل الجيش، الذي مر من ثلاث مراحل، الرعيل الأول الذي تكون في المؤسسات الاستعمارية وعمل داخل الجيش الاستعماري الفرنسي أو الإسباني، أمثال الجنرال الكتاني، وعبروق، وأوفقير، والمارشال أمزيان … باستثناء أوفقير فإن هؤلاء الجنرالات هم الذين أسسوا تحت الإشراف المباشر لولي العهد مولاي الحسن القوات المسلحة الملكية عام 1956، كانوا مثقلين بحساسية السياسيين من رجالات الحركة الوطنية الذين كانوا يرون في العديد منهم خداما للمستعمر، وكان الحسن الثاني يعتمد على خبرتهم لبناء المؤسسة العسكرية، لذلك ظل ولاؤهم كبيرا للملك الضامن الأساسي لمصالحهم.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار