من وحي الحي “الحومة ” 8 / 21 من أوراق مهملة فوق الرفوف … بقلم ذ.محمادي راسي
بقلم ذ.محمادي راسي -جريدة البديل السياسي :
من أوراق مهملة فوق الرفوف
—————————-
من وحي الحي "الحومة " 8 / 21
قيــــــــــس المـــــــــدوخ
&&&&&&&&&&
ليس بقيس بن الخطيم ،ولا قيس بن ذريح ، ولا قيس بن زهير، ولا قيس بن مكشوح ، ولا مرقسيّ أو مرئيّ أو مرقميّ أو امرئيّ ، ولا قيس بن الملوح العامري المعروف بمجنون ليلي ولا ولا …إنما هو قيس المدوخ هو مدوخ ومدنخ فعلا ، لأن مجنون ليلى كان حبه عذريا ، ومات ولم يحقق هدفه ، أما المدوخ فمتزوج وله شؤون أخرى ، وهو فعلا "مكلخ"، وقد أضناه الحب الذي ليس له دواء …. منذ زمن بعيد ، يحلم بتحقيق أشياء غير ممكنة ، يتفلسف ، يترمنس ، يتسفسط ، يشتاق، يحن ، يمشي الهوينا ، يكر ويفر ، كأن أم ساهرة لسعته ،أو أم جنيب لدغته ، أو أصابته أم طبق ،أو أم قوب ، أو أم كلواذ ، أو بنات أودك .، أو بنات طبار ، أو بنات طمار … وأحيانا يلعث ويلعط ويلهث ، وأخرى يجنش ويقدم ويحجم ، يقف بالرصيف محدقا كأنه يخطط لشيء ، أو يقرأ الفضاء ، كأنه فلكي حاذق ، ويزن الجبال كأنه جغرافي لامع ، و يضع التصاميم لبنايات كأنه مهندس بارع ، يكرر المشاهد ويتدرب عليها كأنه نجم سينمائي ساطع ، ومسرحي فصيح ، أو مفكر مستقبليات لما ستكون عليه هذه المدينة البريئة المنسية ، أو مراقب الشوارع هل هي معبدة أم لا ،؟ كأنه أرسل من جهات مختصة ، أو حارس العمارات يراقب الداخل والخارج والحاضر والغائب وما بالمنازل ، أو ناطور الحديقة ، أو شاعر ينظم الأبيات في الغزل من كثرة الشوق والحنين وفي ليلى كقيس بن الملوح ، لا شيء مما ذكر وإنما هو فعلا قيس المدوخ "المكلخ " ،لأنه تارة يجمخ ويفحج ، يبيض ويصفر، يهذو ويشير ويلوح ، وأخرى يتفخل كاللبيب العاقل حينما يفضح ،وأخرى يتثيتل …ولكنه أخف حلما من عصفور .
لقد بالغ في الأعمال الشيطانية ، وأسرف في الإقبال علي الخندريسية و الحشيشية و القرقوبية ، بسبب توفر الغنيمة الباردة أيام السيبة والغفلة …..، لذلك يظل شاردا تائها ، خارجا عن التغطية ، يلعب في الزمن الضائع ، ويغرد خارج السرب ،ولما فضح وافتضح ، استيقظ من غفلته وضلالته ، غاب عن الشارع ،وهجر الرصيف الذي ينزل إليه للترصد والتربص والتجسس ….،وكان يعتمد أحيانا على خلانه الأوفياء في الفحش والفسق وإيذاء الجار ، اليوم لا يمكثون بالرصيف كما كانوا يفعلون من قبل ، لا أدري ما الذي دهاهم وصدهم ؟، هل دمغتهم المقالات السابقة …؟..
لكن؛ أراه يعود إلى عادته بطريقة جديدة ، فقد أصبح نادلا يسبق في إحضار الكراسي قبل مسير المقهى بطريقة استراتيجية لجلب الزبن … وذلك لحاجة في نفس يعقوب ، يسارع إلى الجلوس في المقهى ، ليراقب ثانية الحاضر والغائب والداخل والخارج ، وتلكم خصلة قبيحة ؛ أن تراقب إنسانا تراه وهو لا يراك ، وخصوصا إذا كان جارا مجاورا لك ، وفي هذه الأثناء مسير المقهى يكون نشيطا سعيدا ،لأنه يستفيد من سلوك قيس المدوخ و تشجيعاته ….
. هذا هو قيس المدوخ المفضوح المكشوف ، بل الأبله ، لأنه ينتقل من الوقوف بالرصيف طويلا ، إلى الجلوس في المقهى كثيرا ، ومن الدوخة إلى البلاهة ، بسبب الخندريسية و التنفيحية و الحشيشية و القرقوبية ، وهناك كثير من أمثاله ينهجون هذا النهج ، ولكن ؛ هيهات وهيهان ، يخيلون أنفسهم أبطالا ونجوما ، وهم لا يملكون درهما حلالا ، ولا حرفا مفيدا ، ولا قولا جميلا، ولا فكرا رزينا ، ولا خلقا عظيما ،ولا رصيدا معرفيا ، سيطر عليهم الجهل ، ودوختهم القرقوبيات وغيرها ،إلى أن جعلتهم يعيشون في عميق من السبات بضم السين ،طوال السبات بفتح السين ،وخلال ابني سبات تارة ،وتارة أخرى يهيجون كالثيران كما في الكوريذا وسان فيرمين ، ويقدمون على فعل الشر والتشرميل وهم لا يشعرون ،وما بالكم إذا تناولوا "كانيبال دروغز "الذي يحول الإنسان إلى وحش مفترس قتال ؟؟.
يا قيس المدوخ إن الظلم مرتعه وخيم ، وإيذاء الجار جزاؤه جهنم ، والندم لا ينفع ، والأيام تسير وتدور، والزمن يمر ، لا يعود ولا يرحم ، ينطبق عليك قول الشاعر :
كناطح صخرة يوما ليوهنها ////
فلم يضرها ،وأوهى قرنه الوعل .
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار