جريدة البديل السياسي= متابعة
تستعد الحكومة لكشف وصفتها المسمومة لسد ثقوب صناديق التقاعد..
التسريبات الجارية تؤكد أن أخنوش ومن معه سيفرضون على المغاربة العمل القسري لسنوات إضافية تلتهم ما تبقى من عمرهم مقابل فتات على شكل معاش.. إن لم يطرق عزرائيل بابهم قبل ذلك.
السيناريو الحكومي لن يبتعد عن ثالوث ملعون أوله رفع سن التقاعد والزيادة في الاقتطاعات مقابل تخفيض المعاشات، وهو ما سيجعل المغاربة يدفعون من جديد ثمن إنقاذ صناديق التقاعد دون أن يتم تقديم من سرق أمواله إلى القضاء.
هذا يُعيدنا للتقرير الذي خرجت به لجنة تقصي الحقائق حول التقاعد والذي وضع الإصبع على مكامن خلل كثيرة، لكنه أخفق في الإشارة إلى من يتحمل المسؤولية..
عوضًا عن ذلك انتهى التقرير إلى خلاصة تنبعث منها رائحة سياسية نفاذة، بعد أن أوصى بتجميد خارطة الطريق التي وضعتها الحكومة السابقة من أجل إصلاح صندوق التقاعد المهدد بإفلاس وشيك.
التقرير كشف مع ذلك خروقات خطيرة منها منح معاشات بدون سند قانوني، ومعاشات أخرى تحوم حولها شبهات، كما تم رصد خروقات قانونية في التسبيقات الممنوحة لنظام المعاشات العسكرية والأنظمة غير المساهمة من فائض نظام المعاشات المدنية، في غياب رصيد احتياطي للمعاشات العسكرية.
لكن التقرير لم يقدم ما يشفع على معرفة المتورطين في الاختلالات المالية التي جعلت الصندوق يغرق في أزمة خانقة تهدد الآن بحرمان ملايين المغاربة من معاشهم، بعد أن اكتفى بالعموميات وما فوق السطور، ليصل إلى خلاصات لم تسعف في إيجاد الحل، بل زادت فقط من حدة “البوليميك” الذي أحاط بهذا الملف، الذي انتهى بالاستماع إلى عشرات المسؤولين دون أن يتم الإشارة إلى من يتعين محاسبته.
ما الذي يعنيه أن يشير التقرير إلى النزيف الذي تسببت فيه المغادرة الطوعية التي لازال مهندسوها دون محاسبة، وأن يتحدث عن إصلاحات ترقيعية، وعن إخفاء الحكومات المتعاقبة لحقيقة العجز بعد الصفقة التي قبلت بها النقابات على عهد حكومة ادريس جطو والتي انتهت بوضع 11 مليار درهم في خزينة الصندوق عوض أن تقوم الدولة بدفع كافة المتأخرات، وبالتالي تم طمس الملف عوض كشف المسؤولين والمتورطين؟
الغريب أن سلة الفضائح التي حفل بها تقرير لجنة تقصي الحقائق حول صندوق المغربي للتقاعد وضُعت على مكتب وزير العدل والحريات السابق مصطفى الرميد الذي لم يتفاعل معها قبل أن يتحول اليوم لشاهد عصر ينبش في سلة ما فاته دون ما فاتنا نحن..
جاء ذلك بعد أن تقدمت الجمعية المغربية لحماية المال العام بشكاية مباشرة للرميد طالبت فيها بفتح بحث وتحقيق شامل ومعمق، حول الخروقات والإختلالات المالية بالصندوق والأنظمة التي يسيرها مع ترتيب الآثار القانونية اللازمة.
ودعت الجمعية الحقوقية مصطفى الرميد باعتباره رئيسًا للنيابة العامة لإصدار تعليماته إلى الجهات المختصة قصد القيام بفتح بحث معمق وشامل حول أزمة الصندوق المغربي للتقاعد.
كما دعت لإتخاذ الإجراءات والمتابعات القضائية المناسبة قانونًا في حق كل المتورطين في شبهة الإختلالات المالية التي قد يكشف عنها البحث، لكن الشكاية وُضعت في الثلاجة واستمر نزيف أموال التقاعد الذي سيجعل معاشات المغاربة في مهب الريح في أجل أقصاه 2028.
ورغم الوقوف على العديد من الوقائع والمعطيات التي ترقى إلى جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي، والتي يمكن أن تشكل حسب الظروف جنايات تبديد أو اختلاس أموال عمومية وغيرها من الجرائم الأخرى التي تشكل مسًا بالمال العام، إلا أن السي الرميد لم يتجاوب مع ما تم اكتشافه من جرائم واضحة، ومنها منح معاشات بدون سند قانوني.
هذا فضلاً عن عدم توفر الصندوق المغربي للتقاعد على البيانات والأرقام الموجودة لدى الخزينة العامة للمملكة فيما يتعلق بمساهمات المنخرطين، وغياب آليات لتتبع صدقية هذه الأرقام والبيانات، وإخفاء الحكومات المتعاقبة للقيمة الحقيقية للديون المستحقة على الدولة لفائدة نظام المعاشات المدنية، يعني أن الدولة جرت الصندوق إلى الإفلاس وصار مطلوبًا منا جميعًا “لخلاص”.
الواضح أن سبب إقبار هذه الشكاية يعود لتجنب فتح علبة سوداء تفضح من سرق أموال تقاعد المغاربة على مدار عقود من الزمن.. والافتأ نه تمت المطالبة بالاستماع إلى لائحة طويلة من المسؤولين من أبرزهم عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة السابق بصفته رئيسًا للمجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، ووزراء الداخلية والاقتصاد والمالية والوظيفة العمومية ومدير الصندوق المغربي للتقاعد، ومدير الميزانية بوزارة المالية، ومدير المنشآت العامة والخصوصية بنفس الوزارة، وفتح الله ولعلو وزير الاقتصاد والمالية السابق، ورئيس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، وأعضاء المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد ممثلي المنخرطين والمتقاعدين، ومحمد بندريس المدير السابق للصندوق المغربي للتقاعد.
كما ضمت اللائحة التهامي البركي المدير السابق لمديرية التأمينات والاحتياط الاجتماعي بوزارة الاقتصاد والمالية، وعزيز بنعزوز رئيس لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد.
الخلاصة أن لجان تقصي الحقائق بالمغرب ومنذ انطلاقتها في سنة 1963 عقب فضيحة الزيوت المسمومة تحولت إلى أداة لتدوير الفضائح وتعويمها في نقاش سطحي يراهن على الذاكرة القصيرة…
هذا عوضًا عن الوصول إلى خلاصات لإصلاح حقيقي يقوم على ربط المسؤولية..
تمامًا كما حدث في ملف المحروقات…
وكما سيحدث في ملف وزيعة 1300 مليار المخصصة كدعم لاستيراد الخرفان…
من حقنا أن نتساءل بعد كل هذا عمن هم الخرفان فعلاً…؟
تعليقات
0