كتاب وآراء

من المسؤول عن غلاء الأسعار الحكومة أم المواطن؟

جريدة البديل السياسي -رشيد اخراز جرادة

عند غلاء الأسعار، يعلو صوت المواطن بالشكوى، متهمًا الحكومة بالتقصير والعجز عن ضبط السوق. ولكن، هل المسؤولية تقع فقط على عاتق الحكومة، أم أن المواطن نفسه يتحمل جزءًا من هذا الواقع الذي يعيشه اليوم؟

وفي سياق موازي، لا يمكن إنكار أن المواطن نفسه يساهم في تشكيل المشهد السياسي بطريقة غير واعية، حيث يبيع صوته الانتخابي مقابل 200 درهم، ثم يفاجئ لاحقًا بسياسات حكومية لا تخدم مصلحته. فكيف لمن انتخب بناءً على منفعة لحظية أن يتوقع قرارات تصب في مصلحة الجميع؟ إن الديمقراطية تفرض على الناخب أن يختار ممثليه بناءً على الكفاءة والبرامج، لا بناءً على الإغراءات المالية والوعود الزائفة.

فإلى جانب الاختيار الانتخابي، هناك عامل آخر لا يقل أهمية، وهو سلوك المواطن الاستهلاكي. حينما ترتفع الأسعار، يكون الحل الفعّال في يد المستهلك: المقاطعة. ولكن، بدلًا من ذلك، نجد إقبالًا مستمرًا على شراء المنتجات مرتفعة الثمن، ما يمنح الشركات فرصة للاستمرار في رفع الأسعار دون أي رد فعل حقيقي من المستهلكين. فلو قرر المواطنون مقاطعة السلع التي تُباع بأسعار مبالغ فيها، لانخفضت الأسعار تلقائيًا بفعل قاعدة وقانون العرض والطلب، كما وقع في بلدان عديدة.

كما أن الحكومة ليست معفاة من المسؤولية، بل عليها دور أساسي في ضبط السوق ومراقبة الأسعار وحماية المستهلك. غير أن نجاح هذه الجهود مرهون بتعاون المواطنين ووعيهم. فالدولة وحدها لا تستطيع فرض التوازن الاقتصادي دون مشاركة مجتمعية فاعلة.

الغلاء ليس مسؤولية جهة واحدة، بل هو نتيجة تفاعل بين قرارات الحكومة وسلوك المواطن. وحينما يدرك الأفراد أن قراراتهم الانتخابية واختياراتهم الاستهلاكية تؤثر بشكل مباشر على معيشتهم، عندها فقط يمكن الحديث عن تغيير حقيقي في واقع الأسعار.

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار