من أوراق مهملة فوق الرفوف…. بقلم ذ. محمادي راسي
بقلم ذ. محمادي راسي – جريدة البديل السياسي
من أوراق مهملة فوق الرفوف
//==================//
الإنســـــــــــان
==========
هذا الإنسان الذي أعطى عدة تعاريف للأشياء ،وبحث عن أصولها ومنابعها ،وعن الجوهر الفرد ،والجوهر القائم بنفسه ،والجواهر العلوية ،وعن أصل الكلمة أمن الفعل ،أم من المصدر ؟، وفي ذلك اختلفت المدرستان الكوفة والبصرة ،ثم حدد الاشتقاق في ؛ 1/الصغير أو الأصغر 2 / الكبير3/ الأكبر 4 /الكبار . ولما بحث عن اشتقاقه حار في أصله اللغوي والصرفي ؛أمن الإنس أم من النسيان؟، فقيل سمي الإنسان للنسيان ،ويذهب الأستاذ الدكتور محمد خير الحلواني في التصغير –لأن في التصغير ترد الأصول المحذوفة والأصول المنقلبة- ؛” أما إنسان فلا يخلو أن يكون اشتقاقه من النسيان، أو من الإنس، فإن كان من الأول كان أصله: إنسان ثم حذفت الياء لكثرة الاستعمال فصار لفظها “إنسان”، وفي التصغير تعود الياء المحذوفة فيصير أنيسان ،وعلى هذا يكون التصغير قياسيا غير شاذ ،أما إن كان الاشتقاق من الإنس فان تصغيره القياسي أنيسيان وزيدت الياء شذوذا”.
وقد وردت تعريفات قديمة للإنسان: الإنسان حيوان سياسي / ناطق/ اجتماعي / عاقل/ مفكر /باك /مدني بالطبع/ ضاحك .. الخ ويقول فيلسوف في تعريف لنفسه: “أنا هو أنا وظروفي”، يعتبر الإنسان من أرقى الكائنات الحية من حيث النطق في الدرجة الأولى والتفكير في الدرجة الثانية ، لأن الحيوان يفكر ولكنه عاجز عن النطق ، ومنذ القدم بحث وتساءل الإنسان عن الأشياء المحيطة به ،فعبد الطبيعة جهلا وخوفا ودهشة، وحاول أن يخلد أعماله بالرسم والنقش تارة، والعمران والفكر تارة أخرى، إلا أنه عاش ويعيش في صراعات نفسية وفكرية واجتماعية واقتصادية….
وحاول الإنسان جهد المستطاع؛ أن يخضع الطبيعة لنفسه ويسيطر عليها، ولكنه فشل في اغلب الأحيان ، فعندما بحث عن مصير الإنسان بعد الموت عجز عن فهم ذلك – فالغيب لله- ، وقد حاول طبيب أمريكي أن يرد الحياة –كما ادعى- للرئيس الأمريكي جون كيندي وذلك بوضعه في ثلاجة درجتها 200 تحت الصفر، ثم يخيط ما تقطع من العروق ولكنه ؛هيهات وهيهان وشتان …ااا ،لقد مات الطبيب، ولم يحي نفسه ولا جون كيندي، والشعراء الجاهليون كانوا يبكون على الأطلال وعلى الأهل الظاعنين الراحلين …ولماذا لا يرجعون ؟؟ ،إلى أن جاء الله بالإسلام فوعد الناس بالجنة والنار وبالحياة الأخرى.
وبحث عن الحرية؛ فلم يجدها كاملة مطلقة وإنما نسبية، فالطائر يطير من الشرق إلى الغرب ،ومن الشمال إلى الجنوب ،والى كل الجهات وفي مختلف الاتجاهات ، بدون بطاقة تعريف أو جواز سفر، أو تأشير، ومع ذلك تقيده العوامل الطبيعية ،فيلجأ إلى بناء الوحج اختباء من الأمطار والبرق والرعد والبرد.
نقب عن أسباب الزلازل فلم يستطع مقاومتها ،لأن تلك من أمر الله ،يقول سبحانه وتعالى: “إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان مالها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها”. صدق الله العظيم.
صعد إلى القمر بعد عدة رحلات /أبولو/ دون جدوى، فالنتيجة الايجابية كانت إيمان “أرمسترنغ” بالله فقال: “أومن بالله إما خوفا أو دهشة أو تعجبا من صورة الأرض، “وجيمس أروين صرح قائلا: “لم أر الله في طريقي إلى القمر ولكنني شعرت به وازداد إيماني بوجوده وقدرته”.
هذا الإنسان؛ حاول ، ويحاول؛ منذ أن ظهر فوق هذه البسيطة ، أن يسيطر على الطبيعة، تارة بدافع إنساني ،وتارة بدافع أناني، فاخترع ما هو في صالح البشرية ،وما هو ضدها ،وحاول معرفة الغيبيات ولكنه لم يستطع.
أما تكنولوجيته فقد أدت به إلى مشاكل نفسية وفوارق فردية ،من ناحية العيش والسكن والكماليات، فتعقدت الأسر، وكثر التنافر والحقد، فالواحد يركب الحمار، يأكل في صحن من طين، والآخر يستقل آخر نموذج من السيارات ،يأكل في صحن من فضة أو ذهب..الخ، فليعلم الجميع أن الحضارة تتعرض للانهيار ،بسبب الترف والبذخ والإسراف والمبالغات ،ولأنها عبارة عن عجلة تدور، وتتوالى هذه الأدوار على شكل دائرة ،ويتصل منتهى الدور الثالث ببداية الدور الأول، وهكذا تسير عجلة الحضارة ،ثم إنها لاتدوم ؛حضارات سادت ثم بادت .
ترى أن قصة الإنسان في هذا الكون منذ البداية وحتى في عصرنا هذا؛ عاش ويعيش دائما في صراع وتناقض وفق سنة الحياة ،بدافع الغرائز والأفكار والمذاهب.. فقابيل قتل أخاه هابيل بسبب الحسد والغيرة ….، رغم أنهما أخوان واثنان في العالم ،وكيف بنا إذا انتقلنا من العائلة إلى الأسرة ،العشيرة، القبيلة، المجتمع، الدول ، العالم…..؟ فسيكون الصراع أكثر شدة وحدة لأسباب نفسية وسياسية واجتماعية وفكرية واقتصادية وجغرافية…..؟؟!!!!!.
على هذا الإنسان أن يقاوم الأمراض الفتاكة المعدية ،ويحارب الجهل والفقر والجوع لأجل سلامة البشرية ،فلا داعي إلى التفكير في الصعود إلى الكواكب الأخرى، عليه أن يسعى إلى السلام، وإلى ما فيه خير لإسعاد الإنسانية ،والعمل على دحر الأنانية ،لأن الموت لا بد منه ،لقد كثرت الخلافات والحزازات والإحن والحروب ،فكل يوم يقتل المئات من الأبرياء ،كما يفعل اليهودفي الأراضي المحتلة، وقيام حروب في مختلف الجهات… فكل نفس لها الحق في الحياة والعيش في أرضها في سلام واطمئنان، فالإسلام يدعو إلى السلم قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة” .صدق الله العظيم، كما حرم قتل النفس، وأشار إلى قيمتها ومكانتها قال تعالى: “من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”. صدق الله العظيم.
وبعد؛
هذا الإنسان الذي لا يعرف اشتقاقه ،وبحث في الأشياء، وطلع إلى الكواكب لأجل الحرية والتطلع إلى غد أفضل، ومن أجل البحث العلمي وحب الاستطلاع ،وحب الاستطلاع أم البلاء… إلا أنه أصبح عبدا لإبداعه واختراعاته التكنولوجية، فالآلات تشده شدا ؛كالشاشة الصغيرة أو الفيديو أو الهاتف أو…… ،وتبعده كل البعد عن واقعه وسبر غوره، وعن التفكير فيما يحيط به من موضوعات ،وما يعيش فيه من ظروف….. إن تحكم الآلة في الإنسان والخضوع لها والاعتماد عليها ؛هذه الأسباب ستجعله يتوقف عن الإبداع والإنتاج ….وبالتالي ستنهار الحضارة لانعدام الأصالة والجدية والمواظبة والأخلاق ….فالإنسان ضعيف كما ورد في القرآن ؛”وخلق الإنسان ضعيفا ” .وأحيانا لا يتعظ بل يطغى؛ “كلا إن الإنسان ليطغى “. صدق الله العظيم .
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار