من أوراق مهملة فوق الرفوف ==== السبتــــــــــان فــي البستـــــــــــان: بقلم ذ.محمادي راسي
بقلم ذ.محمادي راسي: جريدة البديل السياسي
من أوراق مهملة فوق الرفوف
السبتــــــــــان فــي البستـــــــــــان
لا أعرف منشأه ولا محتده ولا نشأته ولا عترته ولا هويته ،ولكنني أراه في البستان ،كلما حل الديجور ،ويبقى في شهر رمضان إلى السحور ،استمر بعده على دأبه المعهود ، وديدانه المنبوذ،حتى يعلن النادل أو النادلة ،عن إغلاق أبواب المقهى ، لأنه يحب الغلس ،وربما ولد ليلا ، في النهار لا يبدو كالكواكب ،لأنه يرى نفسه نجما سينيمائيا ،يعن وقت حلول المغرب كالوطواط ،ينتقل بين المقاهي ،منتقيا الأماكن الإستراتيجية لمأربة في نفسه ، يحضر الكراسي والمائدة منتظرا خلانه الأوفياء الذين سيحضرون النارجيلة حيث تكتمل الفرحة ،وتحلو الجلسة ،وتعلو البسمة ،وتتم الدردشة والقهقهة ، والدخان ينطاد كالمنطاد ، من أفواههم ومناخرهم ، ليس كعيسى المقتر على أولاده الذي لو شاء بتقتيره لتنفس من منخر واحد ، كما وصفه ابن الرومي …،الخلان الندماء وصلوا إلى البستان حيث السبتان ،واحد منهم في يده جراب بداخله ملهمتهم بل مدمرتهم ،أحيانا يبدون كمنظرين ومفكرين ومسافرين ،وأحيانا نائمين كأهل الكهف ،وقد لعب برؤوسهم التنبكي والحشحاشي والقرقوبي و..
يتقاطر على البستان محبو الشيشة ،تحت ضوء المصابيح الكهربائية يظنون أنهم في مهرجان “كان “أو “موازين “أو”تيميتار” ،تخالهم أنهم أتوا من كوكب آخر في أطباق طائرة ، وتحسبهم محركات السيارات ذات الأوقات الأربعة ،من دخول و قبول وضغط فانفجار ثم يتسرب الدخان من المنفس ….،في هذا الجو الصاخب المسكر، تظن الوفود المتقاطرة من كل حدب وصوب وقطر ومصر وصقع وبقع ومدر ووبر ،أن كل ما يحيط بها من نوافذ وبيبان وجدران يضحك ويرقص ويصدح ،والمارين حشرات زائدة غير صالحة .
نبهتني مواظبة السبتان وتردده على البستان ، فظننته حارسا بستانيا ، أرسل من طرف المسؤولين للمحافظة على الحديقة من تهارش الكلاب وتعاظلها ،وصد المخربين ،ودحض وتنظيف ما يترك من براز وقشور وقنان …بينما هو نفسه المساهم في قتل النبات بالأقدام وأرجل الكراسي والخون ، وتلويث الفضاء بالدخان ، استوفى الثلاثين كهلال شهر رمضان، بل زاد في الدوران والبحث عن الخلان من الرجال والنسوان ،إلى أن لعب به الزمان ،فقد اندثر ولم يعد له أثر ، أصابه القفر والفقر ،لقلة الميزانية التي ذهبت في اللف والتجوال والنشوان ، وتتبع مذهب دون خوان ،إلى أن بقي خاوي الخوان والإخوان والخلان ، والتنقيب عن الأقراص المهلوسة إلى أن أصبح مهلوسا ، وعن التنبك المتعلق بأركيلة والخشخاش ابن الأفيون إلى أن تحول من بستاني إلى سبتاني ،ربما توجه إلى مدينة أخرى ،للتداوي”السماوي الله يداوي ” أو للقيام بمسرحيات جديدة ، أو يوجد في فترة نقاهة أو في استراحة محارب…أو تبخر كالدخان ذلكم السبتان في البستان .؟ولقد فكرت مليا علني أجد له محلا ومكانا من الإعراب فوجدته منصوبا على الظرفية الزمنية الليلية ،أما الظرفية الزمنية النهارية، فحذفت وجوبا باختفائه بسبب التعذر المتعلق بتأثير الشيشة التي جرته إلى التعطل عن العمل ، وبالتالي جعلته يعيش في التنازع ، وبين الإبدال والإعلال ،ياله من قواعد جديدة في هذه البلدة السعيدة .. الطوفان بفتح الواو والدوران ،والنوم نهارا والعبث والسهر ليلا ،والاسترخاء وأكل عجة بيض ،وشطيرة تن ,,,وشرب الدخان في البستان ،وبهذا يتبجح … ويقول للسكان إنني عنترة ونمرود وقارون ولقمان ،وأراه كالناموس والذبان ، فصه أيها السبتان الولهان الهيمان عن الهذيان ،واستفق من سباتك العميق أيها الوسنان،لأن الزمان ليس فيه أمان ….اا
إن هذا السبتان يفعل ما يشاء لغياب الديدبان …إلى أن يأتي فصل الخريف والشتاء حيث الزمهرير والقرس والرياح والأمطار؛ هذه العوامل أقوى من السلطة المحلية تنفره وغيره من البستان …..
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار