معامل اﻹستعباد بطنجة…”النسيج” الذي تفوح منه رائحة الفساد واﻹستغلال
فؤاد جوهر/ جريدة البديل السياسي :
فجر معمل “الموت” بطنجة والذي لقي فيه 28 شخصا مصرعهم يوم امس اﻹثنين، واحدة من القضايا السرية التي يستغل فيها أرباب المعامل السرية “العلنية”، فقر وحاجة العمال والعاملات من المناطق النائية لمدخول شهري لا يتعدى في الغالب 1500 درهم، لممارسة شتى أنواع اﻹستغلال واﻹستعباد الحديث، في ظل الركود اﻹقتصادي الذي تعيشه العديد من مناطق الشمال.
وتتوزع العديد من المعامل السرية بمناطق مختلفة بمدينة طنجة، يتم فيها استقطاب الاﻵف من اليد العاملة في ظروف كارثية، وخارج المنظومة القانونية التي تنظم الشغل، والكفيلة بحماية الطبقة الشغيلة من بطش أرباب المعامل، اذ يتم استغلال هذه الفئات الهشة واستعبادها بدون رقيب ولا حسيب، وبدون احترام أدنى شروط السلامة الصحية المعمول بها في اﻹطار القانوني.
ويفضل العديد من أرباب معامل نسيج “الخفاء” اﻹشتغال في “نوار” بالمفهوم العامي، وعدم التصريح القانوني سواء للمعمل، أو الأجراء، هروبا من الأداء الضريبي، واﻹنخراط بالصندوق الوطني للضمان اﻹجتماعي، وهو ما يتيح فرصة للباطرونا للتغول على الطرف الضعيف، وتعريضه للطرد التعسفي في أي لحظة، أمام انحجاب الرؤية للمسؤولين، واغماض جفون مفتشي الشغل في مقابل “اكراميات” سخية من أرباب المعامل السرية.
وعاشت مدينة البوغاز يوم امس الاثنين رعبا حقيقيا، بعدما حصدت الأمطار 28 شخصا بحي “اﻹناس” اثر تسرب المياه الى “قبو” بمساحة 100 متر بفيلا، كانت تتضمن عمالا بوحدة صناعية للنسيج، تشتغل في الخفاء المعلن، لينزل الخبر كالصاعقة على أفراد عائلتهم، وتتحول القضية التي خلفت الحزن والأسى لدى كل المغاربة الى قضية رأي وطني.
الى ذلك، نجت مجموعة من العاملات في فاجعة شبيهة بمعمل “الموت” من هلاك محقق وبذات الحي، حيث تمكنت كل اليد العاملة التي تواجدت اثناء سيول الأمطار، من الهروب عبر سلم بشكل سريع، ومباشرة بعد قطع التيار الكهربائي عن الوحدة الصناعية، حيث حالت الألطاف اﻹلهية في التخفيف من حجم الخسائر البشرية، بعدما لاذ كل المتواجدين بالفرار والنجاة من غرق محقق.
ودعى نشطاء ومهتمون السلطات المحلية الى تحمل مسؤولياتها، والعمل على تأهيل المعامل السرية بهدف احترام الشروط الأساسية الموصى بها، لحفظ كرامة المواطن المغربي من بطش أرباب المعامل، الذين يزدادون غنى في مقابل استعباد فئات واسعة، وحرمانها من أبسط حقوقها وساعات زائدة، في ظل الجفون المغمضة للقائمين على مفتشية الشغل، الذين لم تبصر عيونهم المقاولات غير المؤهلة، والمنتشرة في أحياء طنجة الحزينة من هول الكارثة كالفطر.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار