كتاب وآراء

مرايا اجتماعية…بقلم الأستاذ خالد بوزيان موساوي

جريدة البديل السياسي :

مرايا اجتماعية

بقلم:الأستاذ  خالد بوزيان موساوي

اليوم الاربعاء 3 مايو/ آيار… الساعة التاسعة صباحا. كنت في الموعد… سبقني الكثيرون…. لا يهم… لم نكن نشكو من نفس الداء…

كراسي الانتظار لم تكن تف عدد المرضى والمرافقين.

امرأة في عقدها الرابع … جميلة جدا… متعبة جدا… مريضة جدا… صرخت في وجه مضيفة الاستقبالات:

– لا يمكن.. لا استطيع… الا يوجد حل آخر؟!!!…

اجابتها المضيفة:

– لا تصرخي.. انت تضيعين وقتك ووقتي … قلت لك: عليك باشعة IRM.. انزلي للطابق ناقص صفر… التكلفة 2000 درهم … مع التغطية الصحية سوف لن تدفعي سوى 20 في 100 يعني 400 درهم … كفى صراخا ..

ثم نادت للمريض الموالي …

نظرت في اتجاهنا – المريضة الجميلة – وسألت كما متسولة:

– سيداتي سادتي … هل من مساعدة ؟!! هل منكم من يتصدق بمبلغ 400 درهم ؟…

لا احد استجاب … كلنا نظرنا الى الأرض… مجرد بهو من اسمنت بارد أصم وصلب… والاذان تترقب نداء موظفة الاستقبلات ؟

تساءلت لهنيهة : – كيف لامرأة بكل هذا الجمال ان تمرض؟ ان لا يرافقها احد؟ ان لا تتوفر على مبلغ 400 درهم؟!! …

لم انتظر الاجابة… لم اكن املك وقتها درهما واحدا …

مرت الساعات كما في اعتقال احتياطي … كما تلميذ ينتظر نتيجة امتحانات.. كما صائم يترقب ساعة إفطار…

ردد البهو اسمي : – خالد كذا… وكذا… وكذا …!!!…

اجبت موظفة الاستقبالات وكأنني كنت انتظر اول موعد غرامي :

– حاضر !!!… حاضر !!! … انا خالد.. كذا وكذا وكذا…

قالت بلهجتها الباردة المألوفة وهي معتادة على ما لا يسر الاسماع والابصار :

– عليك ان تسافر الى العاصمة في أقرب الاجال.. غدا ان استطعت … مطلوب منك “راديو” آخر للعظام … السرطان عندك غزى على ما يبدو كل عظامك… لا تتأخر … صحتك أولى…

ثم نادت لمن بعدي في الطابور …

سألتها:

– عفوا؟!!!… كم ثمن “الراديو”؟!!!

أجابت:

– صحتك أولى… السعر رمزي … فقط 8000 درهم … المختبر ينتمي للقطاع الخاص … عليك تدبير المبلغ… صحتك أولى…

ثم توجهت بالكلام لغيري…

سألت ابنتي :

– ما مقدار التكلفة؟… سفر وفندق واكل و”راديو” نووي…؟

أجابت بالصمت …

واجبت بالصمت كما الورم الصامت بداخلي …

لك الرب يا ابنتي …

ولي قبر عما قريب

اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار