مراكش تحت الماء: إنذار عاجل لبنية تحتية مهملة… على جميع المدن المغربية أن تستفيق قبل فوات الأوان

جريدة البديل السياسي: نورالدين عمار.
في 13 أكتوبر 2024، تعرضت مدينة مراكش، العاصمة السياحية للمملكة، لأزمة طارئة عندما تسببت أمطار غزيرة في غرق شوارعها وشل حركة المرور بالشوارع الرئيسية لم تكتفِ بتهديد حياة المواطنين، بل تسببت أيضًا في خسائر مادية كبيرة، حيث غمرت المياه السيارات في شوارع المدينة، وأغرقتها في برك لا حدود لها، مما أدى إلى تدمير عدد كبير منها.
هذه الحادثة، وإن كانت متوقعة في ظل التغيرات المناخية، سلطت الضوء على ضعف التخطيط العمراني وكفاءة شبكات الصرف الصحي، لتؤكد على أهمية إصلاح جذري لمواجهة تحديات المستقبل.
تخطيط فاشل أم تقاعس متعمد؟ تساؤلات عديدة تثيرها هذه الأزمة، أولها يتعلق بكفاءة التخطيط العمراني لشبكة تصريف مياه الأمطار. كيف يمكن لمدينة بحجم مراكش، التي تستقطب ملايين السياح سنويًا، أن تعاني من غرق شوارعها في دقائق معدودة من الأمطار؟
الإجابة، للأسف، تعكس تهاونًا مستمرًا من الجهات المسؤولة عن تطوير هذه الشبكة، سواء على مستوى التخطيط أو التنفيذ. بل الأدهى من ذلك، أن العديد من المناطق الأخرى في المغرب تعاني من نفس المشكلة، وهو ما يعكس غياب التنسيق والتخطيط الاستراتيجي في جميع أنحاء المملكة.
الخسائر المادية: غرق السيارات والاقتصاد المحلي لكن الضرر لم يكن مقتصرًا على البنية التحتية فحسب، بل طالت الخسائر المادية العديد من أصحاب السيارات في المدينة.
العديد من السيارات غرقت بالكامل في المياه، مما أدى إلى تدمير محركاتها وأجزاء حيوية منها.
هذه الخسائر المادية تتجاوز قيمتها عشرات الملايين من الدراهم، مما يظهر بوضوح الحجم الكبير للضرر.
كما تأثرت المحال التجارية أيضًا، حيث توقفت الأنشطة التجارية في العديد من المناطق التي شهدت تراكمًا كبيرًا للمياه، ما ألحق أضرارًا بالممتلكات وأدى إلى خسائر اقتصادية فادحة.
من يتحمل المسؤولية؟ الجهات المسؤولة عن هذه الأزمة كثيرة، بدءًا من المجالس المحلية مرورًا بالسلطات الإقليمية والوزارات المعنية.
إن الوضع الحالي في مراكش هو نتيجة مباشرة لتراخي المسؤولين، وتقصيرهم في توفير بنية تحتية تتماشى مع احتياجات المدينة وتطوراتها العمرانية. هذا التراخي يجب أن يُقابل بتحقيق شامل لمحاسبة جميع الأطراف المعنية، سواء في تنفيذ المشاريع أو في متابعة صيانتها.
أصبح من الضروري أن يتحمل المسؤولون المحليون والإقليميون كامل مسؤولياتهم أمام المواطنين، خصوصًا مع قرب تنظيم كأس العالم في المدينة، وهو الحدث الذي سيكون بمثابة اختبار حقيقي للبنية التحتية والمرافق. فما بالك إذا كانت الشوارع تغرق بعد دقائق من الأمطار؟
كيف سيكون الحال عندما تستقبل المدينة الآلاف من الزوار؟ البنية التحتية: هل هي جاهزة لمواجهة تحديات المستقبل؟ عندما نتحدث عن مراكش، نتحدث عن مدينة تمتلك سحرًا تاريخيًا وجذبًا سياحيًا استثنائيًا. لكن السحر وحده لا يكفي؛ المدينة تحتاج إلى بنية تحتية قوية ومستدامة.
هذه الأزمة كشفت عن تأخر كبير في تحديث شبكة الصرف الصحي ومياه الأمطار، وهي مشكلة يجب أن تُحل قبل أن تتحول إلى أزمة أكبر. لكن لا يجب أن يكون هذا درسًا مراكشيًا فقط؛ على جميع المدن المغربية أن تستفيد من هذا الإنذار المبكر.
فمدن كطنجة، والدار البيضاء، وفاس، وأكادير، وغيرها من المدن الكبرى تواجه تحديات مشابهة، تتراوح بين انقطاع الطرق بسبب الأمطار، وتدهور حالة المباني القديمة، وضعف قدرة الشبكات على مواجهة الكوارث الطبيعية.
على الجميع أن يستفيق: خطة شاملة مطلوبة إن ما يحدث في مراكش يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار لكافة المدن المغربية.
آن الأوان لتحمل المسؤولية والقيام بإصلاحات جذرية على مستوى البنية التحتية في جميع أنحاء البلاد. من الضروري إجراء تقييم شامل لجميع شبكات الصرف الصحي، وتصريف مياه الأمطار، والطرق، والمنشآت العامة، مع تحديد أولويات الإصلاح وتخصيص ميزانيات واضحة لهذه المشاريع. كما يجب أن تضع الدولة خطة متكاملة لمواجهة التغيرات المناخية المتسارعة، والعمل على تحسين قدرتها على الصمود في وجه الكوارث الطبيعية، بما في ذلك من خلال تحديث التشريعات المحلية، وتوفير الدعم الفني والمالي للمدن الكبرى في هذا المجال.
مراكش، اختبار لمستقبل البلاد إن ما يحدث في مراكش اليوم ليس مجرد مشكلة محلية، بل هو اختبار لكافة المدن المغربية.
إذا لم تُتخذ إجراءات فورية وحاسمة، فسيكون لدينا مشهد مشابه في مدن أخرى خلال السنوات القادمة، مما يضع المملكة أمام تحديات أكبر على الصعيدين الوطني والدولي.
يجب أن تكون هذه الأزمة حافزًا للتحرك قبل أن تتحول إلى أزمة شاملة تهدد استدامة المدن المغربية وجاذبيتها السياحية والاقتصادية.
. لن يكون إصلاح البنية التحتية في مراكش، أو في أي مدينة أخرى، مهمة سهلة، لكنه ضرورة ملحة لضمان أن تكون هذه المدن جاهزة لمواجهة التحديات المستقبلية، بما في ذلك استضافة الفعاليات العالمية مثل كأس العالم
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع جريدة البديل السياسي لمعرفة جديد الاخبار